http://www.tahasoft.com/showthread.php?t=17157رسائل ماجستير ودكتوراه للتحميل وبروابط مباشرة
السلام عليكم
اليكم مجموعة هامة من رسائل ماجستير و دكتوراه للتحميل وبروابط مباشرة
رسالة ماجستير: دور نظام المعلومات الادارية في الرفع من فعالية اتخاذ القرارات الادارية – اسماعيل مناصريةأثر نظام الضمان الإجتماعي على حركية الاقتصاد الوطني – دراسة حالة الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية لغير الأجراء CASNOS شبكة بومرداس- رسالة ماجستير- درار عياش
لعوامل المؤثرة في نجاح التسويق الشخصي – رسالة ماجستير – أحلام محمد المصري
الدوافع المؤثرة على مبيعات الأجهزة المنزلية المعمرة لدى تجار التجزئة (دراسة مقارنة) – رسالة ماجستير – عرفات أبو حجلة
سياسات تسويق الإنترنت في الأردن – رسالة ماجستير – ماجدة هويدي
أهمية تطبيق نظام التكلفة حسب الانشطة على نشاط المرابحة في المصارف الاسلامية -دراسة تطبيقية – رسالة ماجستير – علا الشعراني
الأبعاد التسويقية للمسؤولية الاجتماعية للمنظمات و انعكاساتها على رضا المستهلك – رسسالة دكتوراه – فؤاد الحمدي
دراسة قياسية لبعض متغيرات الاقتصاد الكلي الجزائري (بين 1970-2001م) والتنبؤ بها للفترة الممتدة بين (2002-2006م) – رسالة ماجستير – بن قانة إسماعيل
واقع بحوث التسويق في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، دراسة حالة ولاية ورقلة – رسالة ماجستير – عبد الله مايو
الإسلام والمشكلة الاقتصادية – ابراهيم محمد أحمد البطاينة
التبعية الاقتصادية وآثارها في الدول الإسلامية – يوسف عبد الله الفضيل بدرانه
الأمن الغذائي من منظور الاقتصاد الإسلامي – رائد محمد الخزاعلة
بطاقات الائتمان تطبيقاتها المصرفية (دراسة حالة البنك الإسلامي الأردني)- منصور علي محمد القضاة
أثر تقديم الخدمات المصرفية عبر الانترنيت على العمل المصرفي وتقييم الرقابة الأمنية على المعلومات المحاسبية – إناس فخري محمد أبو عكر
الفكر الاقتصادي عند ابن قيم الجوزية – حسن محمد حسن العمري
اتجاهات المديرين في المستويات العليا والوسطة في البنوك السعودية نحو ادارة الجودة الشاملة – نايف جزاع الهذال العنزي
أثر العوامل الاقتصادية على الصراعات السياسية (حالة دول المغرب العربي) – خلود محمود نعيم
أثر التعليم على النمو الاقتصادي – كامل رشيد علي التل
توزيع الفائض التأميني و أثره على التوسع في الخدمات التأمينية الإسلامية – حنان البريجاوي الحمصي
الأسس العامة لبناء المزايا التنافسية ودورها في خلق القيمة – وليد هلالي
ظاهرة غسيل الأموال في نظر الشريعة والقانون الجزائري – محمد بن ميلود شريط
أزمة التنمية والتخطيط في ظل التحولات الاقتصادية العالمية – رسالة دكتوراة – د. رابح حمدي باشا
دور سوق الأوراق المالية في تطوير نظم المعلومات المحاسبية في سورية – رسالة دكتوراة – عبد الرحمن مرعي
القياس والإفصاح المحاسبي في القوائم المالية للمصارف ودورهما في ترشيد قرارات الاستثمار- رولا كاسر لايقة
المراجعة الداخلية في ظل المعايير الدولية للمراجعة الداخلية في البنوك التجارية الأردنية – أحمد محمد مخلوف
استخدام دورة حياة السلعة في تحديد استراتيجية التسعير – عمر رزيق
التعزيرات المالية وحكمها في الشريعة الاسلامية – محمد المسعودي
تحول العقد المالي وأثره – ابراهيم بن عبد الرحمن السحيلي
استثمار راس المال في الاسلام – عبد الرشيد بن حاج دائيل
السياسة الشرعية في تصرفات الرسول صلى الله عليه و سلم المالية و الاقتصادية
المتاجرة بالهامش في الاسواق المالية دراسة فقهية – رسالة ماجستير - ياسر بن إبراهيم بن محمد الخضيري
الإجارة و الإجارة المنتهية بالتمليك وفق المعيار المحاسبي الإسلامي رقم 8 بالمقارنة مع المعيار المحاسبي الدولي رقم 17 – دارسة تطبيقية في المصارف الإسلامية – رسالة ماجستير – مكرم مبيض
الاتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة الاقتصادية
الخدمات المصرفية غير الاستثمارية وحكمها في الشريعة الإسلامية – محمد الحسن صالح الأمين
علاقة البنوك الإسلامية بالبنوك المركزية – رسالة دكتوراه – د. سليمان ناصر
أحكام التجارة الإلكترونية – رسالة دكتوراة – د. عدنان الزهراني
نظرية الحسم الزمني في الاقتصاد الإسلامي(المقدمة والملخص ومحتويات الرسالة) – رسالة دكتوراة – مجدي غيث
عقد التمويل المتعلق بالملكية في البنوك الإسلامية – رسالة ماجستير – حزام فتيحة
دور السياسات النقدية و المالية في مكافحة التضخم في البلدان النامية – رسالة ماجستير – أحمد الجلال
نحو مصرف مركزي إسلامي – رسالة ماجستير – يحيى محمد حسين شاور التميمي
بطاقات الائتمان البنكية – رسالة ماجستير
معايير التمويل و الاستثمار في البنوك الإسلامية – رسالة ماجستير – ميلود بن مسعودة
استخدام الصيغ المالية المتنوعة في عمل المصارف الإسلامية والآثار الناجمة عنه – رسالة ماجستير – حسام توفيق راغب طباخ
أساليب الاستثمار بالصناديق الاستثمارية في المصارف الإسلامية – رسالة ماجستير – عبد الله بن محمد بن سعد الثويقب
عقد الاستصناع وتطبيقاته المعاصرة – دراسة حالة البنك الإسلامي للتنمية – رسالة ماجستير – أحمد بلخير
دور المصارف في تعبئة الموارد المالية للتنمية – رسالة ماجستير
الفكر الاقتصادي عند أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي – رسالة ماجستير – محمد ذياب
الرقابة على النشاط التجاري في الفكر الإسلامي – رسالة ماجستير – بويلي سكينة
التمويل برأس المال المخاطر – دراسة مقارنة مع التمويل بنظام المشاركة – رسالة ماجستير – عبدالله بلعيدي
التجارة الالكترونية من منظور الفقه الإسلامي – رسالة ماجستير – أحمد أمداح
التوظيف الحديث لعقد القرض في الخدمات البنكية (دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الجزائري) – رسالة ماجستير – سامية شرفه
نظرية توزيع العوائد على عوامل الانتاج في الفقه الإسلامي – دراسة مقارنة رسالة دكتوراة – أيمن مصطفى الدباغ
إدارة أموال الوقف وسبل استثماره في الفقه الإسلامي والقانون الجزائري – رسالة دكتوراة – د. عبدالرزاق بوضياف
الدور التوزيعي للملكية في الاقتصاد الإسلامي( دراسة مقارنة) – رسالة ماجستير – الطاهر قانة
فقه الإمام البخاري في الزكاة – رسالة ماجستير – إبتسام بنت محمد بن أحمد الغامدي
سوق الأوراق المالية السلامية بين النظرية والتطبيق دراسة حالة سوق رأس المال الاسلامي في ماليزيا – رسالة ماجستير – نبيل خليل طه سمور
آليات حماية المستهلك في الاقتصاد الاسلامي – رسالة ماجستير- نجاح ميدني
أثر الزكاة على الموازنة العامة للدولة في مجتمع معاصر – رسالة الماجستير – عزوز مناصرة
دور المصارف الإسلامية في تعبئة الموارد المالية للتنمية
القواعد الفقهية الكبرى واثرها في المعاملات المالية – رسالة دكتوراة – د.عمر عبدالله كامل
خطاب الضمان في المصارف الاسلامية – رسالة ماجستير – سليمان أحمد محمد القرم
قياس مستوى جودة خدمات المصارف الاسلامية العاملة في فلسطين من وجهة نظر العملاء – رسالة ماجستير – أيمن فتحي فض الخالدي
النظم الضريبية بين الفكر المالي المعاصر والفكر المالي الاسلامي – رسالة ماجستير – سمر عبد الرحمن محمد الدحلة
مخاطر صيغ التمويل الإسلامي وعلاقتها بمعيار كفاية راس المال في البنوك الإسلامية من خلال معيار بازل الثانية
عقد المقاولة في الفقه الإسلامي وما يقابله في القانون المدني – رسالة ماجستير – زياد شفيق حسن قرارية
خطة الإسلام في موارد الإنتاج – رسالة دكتوراه- د. فهد حمود العصيمي
إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر ( دراسة تقييمية) – رسالة ماجستير- زرنوح ياسمينة
شركة التأمين الإسلامية الأردنية دراسة تحليلية – رسالة ماجستير- أحمد صالح مساعده
86)بطاقات الائتمان البنكي في الفقه الإسلامي – ماجستير – فتحي شوكت مصطفى عرفات
المضاربة ومدى تطبيقها في المصارف الاسلامية في فلسطين معوقاتها ، تطويرها – رسالة ماجستير – طلال أحمد إسماعيل النجار
إطار مقترح لتطوير السياسة التمويلية لدعم عمليات التمويل في المصارف الإسلامية – ماجستير – زياد جلال الدماغ
تقييم ظاهرة تحول البنوك التقليدية إلى المصرفية الإسلامية تجربة البنوك السعودية – ماجستير – مصطفى ابراهيم محمد مصطفى
إطار مقترح لتطوير السياسة التمويلية لدعم عمليات التمويل في المصارف الاسلامية دراسة تطبيقية في المصارف الاسلامية الفلسطنية – رسالة ماجستير – زياد جلال الدماغ
التجارة الالكترونية في الفقه الاسلامي – رسالة ماجستير – سليمان عبد الرزاق أبو مصطفى
التجارة ودولة الخلافة في صدر الإسلام منذ فترة الرسالة وحتى أواخر الدولة الأموية – رسالة ماجستير – سحر يوسف القواسمى
محددات تمويل الإستثمار في البنوك الإسلامية – بنك البركة – رسالة ماجستير – عبد العزيز ميلودي
الخوصصة ودورها في التنمية – رسالة دكتوراة – د.موسى سعداوي
رسالة ماجستير بعنوان: الاقتصاد الخفى و آثاره على التنمية المستديمة
مذكــــرات الماجستبـــــرمذكرات الدكتوراه2009- إدارة الجودة الشاملة وإستراتيجية المؤسسة
دراسة ميدانية لمؤسسة سونلغاز
(من إعداد: ختيم محمد العيد)-الأسس العامة لبناء المزايا التنافسية ودورها
في خلق القيمة.
دراسة حالة:الشركة الجزائرية للهاتف النقالMobilis
( من إعداد: هلالي الوليد)-دور تصمیم الغلالاف في التأثیرعلى السلوك الشرائي للمستھلك
دراسة حالة: مؤسسة مطاحن الھضاب العلیا / الریاض سطیف( من إعداد:عطاوة محمد)2008( من إعداد:عصماني سفيان)-أهمية التسويق المصرفي في تحسين العلاقة
مع الزبون
دراسة ميدانية في بنك الفلاحة و التنمية الريفية
-وكــالة المسيلة( من إعداد:لعذور صورية)المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كاستراتيجية
لمواجهة العولمة في ظل اقتصاد المشاركة( من إعداد:حمزة فيشوش )ترقية التنافسية العربية في ظل المتغيرات العالمية : أفاق و تحديات
-دراسة حالة الجزائر-( من إعداد:صونيا بتغة)أثر الدراسات التسويقية في تنشيط المبيعات
دراسة حالة الشركة الجزائرية للإسمنت ACC( من إعداد:بعيطيش شعبان)2007- استخدام دورة حياة السلعة في تحديد
استراتيجيةالتسعير.
دراسة حالة :
المؤسسات العاملة في قطاع الصناعات
الإلكترونية و الإلكترومنزلية.
( من إعداد:زريق عمر)الابتكار التسويقي وأثره على تحسين أداء المؤسسة
دراسة حالة: مؤسسة ملبنة الحضنة بالمسيلة( من إعداد: محمدسليماني)-فعالية تخطيط الموارد البشرية في ظل التخطيط الاستراتيجي
دراسة حالة : شركة مناجم الفوسفات-تبسة-( من إعداد: عمري سامي)-دور بحوث التسويق في رسم الاستراتيجيات التسويقية دراسة حالة ملبنة التل-مزلوق-سطيف( من إعداد: بدرةكوروغلي)دور إستراتيجية الترويج في تحسين القدرة التنافسية
للمؤسسة الوطنية.
دراسة حالة المؤسسة الوطنية لأجهزة القياس و المراقبة
AMC العلمة -سطيف-( من إعداد: كباب منال)-استراتيجية التنويع في المنتجات وأثرها على تنافسية المؤسسة الإنتاجية.( من إعداد: جعيجع نبيلة)-مساهمة في تطبيق أسلوب تحليل محفظة الأعمال في مؤسسة صناعية جزائرية
دراسة حالة مؤسسة عنتر تراد للالكترونيات بولاية برج بوعريريج.( من إعداد: براهيمي حياة)جودة الخدمات و أثرها على رضا العملاء
دراسة ميدانية في المؤسسة المينائية لسكيكدة.( من إعداد: بوعنان نور الدین)-أهمية حاضنات الأعمال التقنية في دعم وترقية المؤسسات الصغيرة المبدعة في الجزائر
( من إعداد: بن خطاف احمد)-تقييم فعالية نظام تقييم أداء العاملين في المؤسسة الإقتصادية الجزائرية.
دراسة حالة : مؤسسة توزيع و تسويق المواد البترولية.
CLP المتعددة نفطال مسيلة.( من إعداد: بعجي سعاد)استراتيجيةالبنوك في تمويل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة.
دراسة حالة البنوك العمومية بولاية المسيلة.( من إعداد: عمران عبد الحكيم)2006
-دور التوزيع في الاستراتيجية التنافسية للمؤسسة
الإنتاجية.
دراسة حالة مؤسسة الحضنة لإنتاج الحليب -المسيلة-
( من إعداد: نادية تاهمي)تأثير الثقافة التنظيمية على أداء الموارد البشرية
دراسة حالة الشركة الجزائرية للألمنيوم بالمسيلة- ALGAL وحدة - EARA( من إعداد: الياس سالم)أثر السياسة الضريبية على استراتيجية الاستثمار
في المؤسسة .
حالة مؤسسة بن حمادي لصناعة أكياس التغليفPoLYBEN( من إعداد: حجار مبروكة)تخفيف تكاليف الفجوة بين الطاقة الانتاجية و الطلب.
دراسة حالة مؤسسة مطاحن الحضنة بالمسيلة( من إعداد: قريد مصطفى)-ثقافة المؤسسة وتأثيرها على أدائها العام
دراسة حالة البنوك الجزائرية بالتطبيق على:
وكالات البنوك العمومية الجزائرية لمدينة المسيلة.( من إعداد: محمد العربي غزي)( من إعداد: يحيى دريس)-أثر دراسة السلوكات الشرائية للمستهلكين على فعاليةالسياسة الترويجية للمؤسسة.
دراسة حالة مؤسسة مطاحن الحضنة بالمسيلة.( من إعداد: جباري عبد الوهاب)- دور بحوث التسویق في تفعیل الإعلان في المؤسسة الاقتصادیة للصناعات الإلكترونیة.
دراسة حالة مؤسسة كوندور ببرج بوعریریج( من إعداد: شريف مراد)- استراتيجيات الاتصال الترويجي لمنظمات الأشخاص( من إعداد: بن ثامر كلثوم)محاولة لتشخيص البيئة الخارجية لبناءالإستراتيجية في المؤسسة الاقتصاديةالجزائرية.
دراسة حالة :مؤسسة الأقمشة الصناعية الجزائرية Tindal .( من إعداد: بن واضح الهاشمي)التحليل التنافسي ودوره في إعداد الاستراتيجية التسويقية بالمؤسسة الاقتصادية
دراسة حالة : المجمع الصناعي صيدال ( من إعداد: أحمد بن مويزة)- المفاضلة بين نموذج السلاسل الزمنية ونموذج الانحدار البسيط في التنبؤ بحجم المبيعات في المؤسسة الاقتصادية.
دراسة حالة : مطاحن الحضنة بالمسيلة.( من إعداد: بدار عاشور)- دور لوحات القيادة في زيادة فعالية مراقبة التسيير
دراسة حالة: المؤسسة الوطنية لأجهزة القياس والمراقبة -AMC-( من إعداد: بونقيب أحمد)-دور تقييم آداء العاملين في تحديد احتياجات التدريب.
دراسة حالة: مؤسسة صناعة الكوابل الكهربائية -بسكرة( من إعداد: عماربن عيشي)2005(Par : ABDELKRIM AICHOUNI)-مساھمة لتحسین فعالیة اتخاذ القرارات في تخطیط المشاریع و الرقابة علیھا باستخدام التحلیل الشبكي
دراسة حالة شركة كوسیدار إنجاز 534 مسكن ببرج بوعریریج.( من إعداد: عبد الحق جنان)2004( من إعداد: سردوك فاتح)الامثلية في تسيير خزينة المؤسسة
دراسة حالـــة: مؤسســـــة مطاحن الحضنـــة - المسيلـــة(من اعداد بوخلوه باديس)دور نظام المعلومات الادارية في الرفع من فعالية عملية اتخاذ القرارات الادارية
دراسة حالة الشركة الجزائرية للالمنيوم(ALGAL)(من اعداد اسماعيل مناصرية)2003( من إعداد: قاسمي كمال)أثر الحوافز على رفع مستوى الكفاءة الانتاجية
دراسة ميدانية لوحدة البثق و التغطية و تذويب الالمنيومE.A.R.A
المتابعة لشركة المنيوم الجزائر ALGAL بالمسيلة فرع ميتانوف(من اعداد سامية خرخاش)--دور الإمتيازات الضريبية في دعم القدرة التنافسية للمؤسسة الاقتصادية الجزائرية
دراسة حالة: مؤسسة المطاحن الكبرى للجنوب-بسكرة-( من إعداد: يحيى لخضر)التسيير الاستراتيجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بالجزائر واقعه أهميته و شروط تطبيقه
حالة الصناعات الصغيرة و المتوسطة ببسكرة.( من إعداد: سلطاني محمد رشدي )دور نظام المعلومات التسويقية في التخطيط للنشاط التسويقي و الرقاية عليه
دراسة حالة:
-شركة مطاحن الحضنة بالمسيلة
- الشركة الجزائرية للألمنيوم بالمسيلة
- شركة ملبنة الحضتة بالمسيلة( من اعداد العيد فراحتية)تأثير العلامة التجارية على سلوك المستهلك
دراسة حالة: العلامة التجارية لمؤسسة نقاوس للمشروبات الغازية و المصبرات الغذائية( من اعداد : جاري الصالح)تنمية السوق السياحية بالجزائر
دراسة حالة ولاية المسيلة(من اعداد بزة الصالج)دراسة و تقييم فعالية نظام الرقابة الداخلية في البنوك
دراسة حالة: الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي-بنك(من اعداد بوطورة فضيلة)تقييم الاداء الاستراتيجي للمؤسسات الاقتصادية باستخدام اسلوب المراجعة الاستراتيجية
دراسة حالة: تعاونية الحبوب و الخضر الجافة لولاية المسيلة(من اعداد :حسان بوبعابة)
APPLICATION DE LA THEORIE DES FILES D'ATTENTE POUR MESURER LA QUALITE DE LA PRESTATION DES SERVICES AU SECTEUR DES POSTES. ETUDE PRATIQUE AU CENTRE PAYEUR DE M'SILA HODNA
الإقتصاد الإسلامي
الإجازة المنتهية بالتمليك
|
الكتاب : الإجارة المنتهية بالتمليك في الفقه الإسلامي |
بسم الله الرحمن الرحيم
الإجارة المنتهية بالتمليك في الفقه الإسلامي
إعداد :
فهد بن علي الحسون
فهذا بحث عن موضوع [الإجارة المنتهية بالتمليك] ، ذكرت فيه تمهيد عرفت فيه أجزاء العنوان ، وذكرت فيه مشروعية الإجارة ، ثم ذكرت بعد ذلك تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك ، ونشأتها وصورها ، ثم ذكرت بعض المشائل التي ينبني عليها حكم الإجارة المنتهية بالتمليك ، ثم حاولت تكييف عقد الإجارة المنتهية بالتمليك وحكمه الشرعي.
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله خير الحاكمين ، الحمد لله القائل : {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ} (275) سورة البقرة ، الحمد لله القائل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} (29) سورة النساء ، الحمد لله الذي أباح التجارة لعباده ، وحرم عليهم الظلم ، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بيّن ما أُنزل إليه من ربه امتثالاً لقوله تعالى : {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (64) سورة النحل ، فبيّن ما يحل لهم من أنواع البيوع ، وما يحرم عليهم منها ، وبيّن ذلك غاية التبيين ، حتى نزل قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (3) سورة المائدة ، فصلاة الله وسلامه على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وخاتم النبيين ، النبي المصطفى الأمين ، نبينا محمد ابن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد :
فقد استعنت بالله سبحانه وتعالى على كتابة هذا البحث ، ولله الحمد على أن أعانني ووفقني لإتمام هذا البحث ، والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وعنوان البحث هو "الإجارة المنتهية بالتمليك في الفقه الإسلامي".
ولا تخفى أهمية هذا الموضوع ، حيث انتشرت في الوقت الحاضر أنواعاً من المعاملات المالية المعاصرة التي تحتاج إلى تحرير ، وتوضيح ، وتكييف صحيح ، ومن تلك المعاملات معاملة الإجارة المنتهية بالتمليك التي يستعملها الناس في وقتنا المعاصر على نطاق واسع ، فكان لابد من الوقوف على حكمها ، لذلك اخترت بحث هذا الموضوع.
خطة البحث :
قد قسمت البحث إلى مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة فصول ، وملحقات ، وخاتمة ، وفهارس عامة.
مقدمة ، وقد اشتملت على :
عنوان البحث.
سبب اختيار موضوع البحث ، وأهميته.
خطة البحث.
منهج البحث.
تمهيد ، وقد اشتمل على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : تعريف الإجارة.
المبحث الثاني : تعريف التمليك.
المبحث الثالث :مشروعية الإجارة.
الفصل الأول ، وقد اشتمل على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك.
المبحث الثاني : نشأة الإجارة المنتهية بالتمليك.
المبحث الثالث : صور الإجارة المنتهية بالتمليك.
الفصل الثاني ، وقد اشتمل على خمسة مباحث :
المبحث الأول : اشتراط عقد في عقد.
المبحث الثاني : اشتراط شرط أو أكثر في عقد من عقود المعاوضات المالية.
المبحث الثالث : تعليق عقد البيع على شرط مستقبل.
المبحث الرابع : تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل.
المبحث الخامس : حكم الوعد والإلزام به.
الفصل الثالث ، وقد اشتمل على ستة مباحث :
المبحث الأول : حكم صورة الإجارة المنتهية بالتمليك.
المبحث الثاني : حكم صورة الإجارة المقرونة ببيع السلعة.
المبحث الثالث : حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالبيع.
المبحث الرابع : حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالهبة.
المبحث الخامس : حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد ببيع السلعة ، أو مد مدة الأجرة ، أو إعادة العين المؤجًرة لمالكها.
المبحث السادس : أحكام عامة في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك.
الملحقات ، وقد اشتمل على :
قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن التأجير المنتهي بالتمليك.
قرار مجلس هيئة كبار العلماء في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك.
الخاتمة ، وقد اشتملت على أبز النتائج.
الفهارس العامة ، وقد اشتملت على :
فهرس المصادر والمراجع.
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث.
فهرس الموضوعات.
منهج البحث :
المنهج الذي سرت عليه في هذا البحث هو كما يلي :
أوثق الأقوال التي أنقلها من كتب القائلين بها أنفسهم ما استطعت ، وإلا ذكرت الكتب التي ذكرت ذلك النقل.
في المذاهب الفقهية الأربعة ، أوثق قول كل مذهب من كتب المذهب نفسه.
اذكر الآية القرآنية بين القوسين التاليين : { ... } ، وألتزم ذكر رقم الآية ، والسورة التي وردت فيها تلك الآية.
اذكر الحديث النبوي بين القوسين التاليين : « ... » ، وألتزم بتخريجه ، وإن لم يكن الحديث في الصحيحين بيّنت درجة ذلك الحديث بأقوال الأئمة.
إذا نقلت قولا من أقوال العلماء أو غيرهم ، فإن وضعت الإشارتين التاليتين : " ... " فمعنى ذلك أني ألتزم بنقل القول نصاً ، وأما إن نقلت قولاً دون تلك الإشارتين ، فمعنى ذلك أني سوف أنقله بالمعنى.
هذا هو مضمون البحث ، فما كان فيه من إصابة فهي من الله ، وما كان فيه من خطأ فهو من نفسي والشيطان ، والله ورسوله منه بريئان.
وفي الختام أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا السداد والإعانة ، وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال ، وأن يجعل هذا العمل في موازين حسناتنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
فهد بن علي الحسون
21 / 2 / 1426هـ
Fahd088@hotmail.com
تمهيد
ويشتمل على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : تعريف الإجارة.
المبحث الثاني : تعريف التمليك.
المبحث الثالث :مشروعية الإجارة.
تعريف الإجارة
الإجارة في اللغة : مشتقة من الأجر ، والأجر في اللغة له معنيان :
الكراء والأجرة على العمل.
الجبر.
قال ابن فارس : الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمع بينهما بالمعنى ، فالأول الكراء على العمل ، والثاني جبر العظم الكسير ، فأما الكراء فالأجر والأجرة ، وأما جبر العظم فيقال منه : أجرت اليد.
فهذان الأصلان ، والمعنى الجامع بينهما أن أجرة العامل كأنها شيء يُجبر به حاله فيما لحقه من كد فيما عمله (1).
وفي الاصطلاح هي : عقد على منفعة معلومة مباحة من عين معينة ، أو موصوفة في الذمة ، أو على عمل معلوم بعوض معلوم مدة معلومة (2).
______________
معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/62).
انظر الروض المربع شرح زاد المستقنع (صـ 318) ، وأنيس الفقهاء لقاسم القونوي (صـ 259) ، والذخيرة للقرافي (5/371) ، وحاشية ابن عابدين [الناشر دار المعرفة في لبنان ، الطبعة الأولى 1420هـ] (9/6 - 7).
تعريف التمليك
التمليك في اللغة : مشتق من الملك ، والملك في اللغة يطلق على القوة والصحة.
قال ابن فارس : " الميم واللام والكاف أصل صحيح يدل على قوة في الشيء وصحة ، يقال : أملك عجينه : قوى عجينه ، وشده.
وملّكت الشيء : قويته ، والأصل هذا ، ثم قيل مَلَك الانسان الشيء يملكه ملكاً ؛ لأن يده فيه قوية صحيحة " (1).
وأما التمليك في اصطلاح العلماء : فإنه لا يخرج عن المعنى اللغوي.
______________
(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (5/351 – 352).
مشروعية الإجارة
دل على مشروعية الإجارة الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
أما الأدلة على ذلك من القرآن الكريم فمنها :
قوله تعالى : {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (6) سورة الطلاق.
حيث دلت هذه الآية على أن المطلقة التي لها ولد رضيع فإن لها أن ترضع ذلك الولد ، ولها أن تمتنع ، فإن أرضعت استحقت أجر مثلها.
فدلت الآية على مشروعية الإجارة ، حيث أمر الله بإعطاء الزوجة الأجرة على الرضاع ، فأجاز الإجارة على الرضاع ، وإذا جازت عليه جازت على مثله وما هو في معناه.
قوله تعالى : {وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم ما آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ} (233) سورة البقرة.
حيث نفى الله تعالى في هذه الآية الجناح عمن يسترضع لولده ، أي يستأجر امرأة ترضع ولده بالأجرة ، فدل ذلك على مشروعية الإجارة.
قوله تعالى :{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ . قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} (26 - 27) سورة القصص.
حيث طلب والد المرأتين من موسى – عليه السلام – أن يؤجره نفسه لرعي الغنم مقابل عوض معلوم وهو تزويجه أحدى ابنتيه ، ووافق موسى على ذلك ، فدل ذلك على أن
الإجارة كانت مشروعة عندهم ، ولم يأتِ في شرعنا ما يمنعها ، وشرع من قبلنا شرع لنا إذا سُكت عنه.
قوله تعالى : {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (77) سورة الكهف.
فذُكر في هذه الآية أن موسى – عليه السلام – قال للخضر : {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} ، وكما سبق فإن شرع من قبلنا شرع لنا إذا سُكت عنه.
وأما الأدلة من السنة فمنها :
قوله – صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه : « قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ؛ رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره » (1).
فقوله – صلى الله عليه وسلم – : « ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره» يدل صراحة على مشروعية الإجارة.
قوله – صلى الله عليه وسلم – : « أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله » (2).
وهذا الحديث يدل صراحة على مشروعية الإجارة.
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : استأجر النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر رجلاً من بني الديل هادياً خريتاً ، وهو على دين كفار قريش ، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليالٍ ، فأتاهما براحلتيهما صبح ليالٍ ثلاثٍ فارتحلا ، وأخذ بهم
______________
أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب البيوع ، في باب أثم من باع حراً ، رقم الحديث (2227).
أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الطب ، في باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم ، رقم الحديث (5737).
طريق الساحل (1).
فهذا الحديث ينص على فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – للإجارة.
أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بُعث والناس يؤاجرون ويستأجرون فلم ينكر عليه ، فكان ذلك تقريراً منه بجواز الإجارة.
وأما الإجماع :
فقد أجمعت الأمة على مشروعية الإجارة ، ولم يخالف في ذلك إلا ما يروى عند عبد الرحمن ابن الأصم (1) من أنه قال بعدم جواز الإجارة.
قال موفق الدين ابن قدامة : " وأجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة ، إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال : لا يجوز ذلك ؛ لأنه غرر ، يعني أنه يعقد على منافع لم تخلق ، وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار وسار في الأمصار" (2).
وممن ذكر الإجماع غير ابن قدامة ، الإمام الشافعي (3) ، وابن رشد (4) ، وغيرهم.
______________
أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الإجارة ، في باب استئجار المشركين عند الضرورة ، رقم الحديث (2263).
هو شيخ المعتزلة أبو بكر الأصم ، كان ديناً وقوراً صبوراً على الفقر ، منقبضاً على الدولة ، إلا أنه كان فيه ميل عن الإمام علي ، توفي سنة 201هـ ، [انظر سير أعلام النبلاء للذهبي (9/402)]
المغني لابن قدامة (8/6).
قال الإمام الشافعي – رحمه الله – في الأم (4/30) : " فمضت بها السنة وعمل بها غير واحد من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، ولا يختلف أهل العلم ببلدنا علمناه في إجارتها وعوام الفقهاء الأمصار".
قال ابن رشد في بداية المجتهد (4/1339) : " إن الإجارة جائزة عند جميع فقهاء الأمصار والصدر الأول".
انظر الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي لخالد الحافي (صـ 25-32).
وأما القياس :
فإن عقد الإجارة يُقاس على عقد البيع في جوازه ، حيث أن البيع عقد على الأعيان ، والإجارة عقد على المنافع ، والحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان ، فلما جاز العقد على الأعيان جاز العقد المنافع.
قال موفق الدين ابن قدامة : " والعبرة أيضاً دالة عليها (1) ، فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان ، فلما جاز العقد على الأعيان وجب أن تجوز الإجارة على المنافع " (2).
______________
الإشارة عائدة إلى الإجارة.
المغني لابن قدامة (8/6).
الفصل الأول
ويشتمل على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك.
المبحث الثاني : نشأة الإجارة المنتهية بالتمليك.
المبحث الثالث : صور الإجارة المنتهية بالتمليك.
تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك
أولا : تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك عند الفقهاء :
الإجارة المنتهية بالتمليك عقد ظهر في العصر الحديث ، لذلك لم يكتب عنه أحد من الفقهاء المتقدمين ، أما الفقهاء المعاصرين فإن معظم من كتب منهم عن هذا العقد لم يذكر تعريفاً له ، وقليل منهم من ذكر له تعريفاً ، وممن ذكر له تعريفاً خالد الحافي ، حيث قال في تعريف هذا العقد :
" عقد بين طرفين يؤجر فيه أحدهما لآخر سلعة معينة مقابل أجرة معينة يدفعها المستأجر على أقساط خلال مدة محددة ، تنتقل بعدها ملكية السلعة للمستأجر عند سداده لآخر قسط بعقد جديد" (1).
ويمكن أن نعرف هذا العقد بالتعريف الآتي :
تمليك منفعة من عين معلومة مدة معلومة ، يتبعه تمليك العين على صفة مخصوصة بعوض معلوم.
فقولنا : [تمليك منفعة من عين معلومة مدة معلومة] هذا هو الإجارة.
وقولنا : [يتبعه تمليك العين على صفة مخصوصة بعوض معلوم] هذا هو البيع.
ثانياً : تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك عند القانونيين :
عرفها الدكتور توفيق حين فرج بأنها : عقد يصفه المتعاقدان بأنه إيجار ، ويتفقان على أن يقوم المستأجر في هذه الحالة بدفع أجرة لمدة معينة ينقلب العقد بعدها بيعاً ، وتعتبر الأجرة التي دفعت على أقساط ثمناً للبيع (2).
وعرفها الدكتور جاك الحكيم بأنها : عقد إيجاز مقرون بوعد بالبيع ، يقوم بموجبه أحد المتعاقدين بإيجار شيء إلى آخر لمدة معينة يكون للمستأجر عند انقضائها خيار شرائها بسعر معين (3).
______________
الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي لخالد الحافي (صـ 60).
عقد البيع والمقايضة للدكتور توفيق حسن فرج (صـ 43).
العقود الشائعة والمسماة للدكتور جاك الحكيم (صـ219).
نشأة الإجارة المنتهية بالتمليك
سبب نشأة الإجارة المنتهية بالتمليك :
أمام المخاطر التي يتعرض لها البائع من البيوع الائتمانية أو الآجلة فإن البائع قد يفضل التحايل وإخفاء البيع بإظهاره في صورة عقد إيجار ، فيسمي البيع إيجاراً ، ويظهر هو في صورة المؤجر ، والمشتري في صورة المستأجر ، فيشترط البائع أن تبقى ملكيته قائمة بشكل ما حتى وفاء المشتري بالتزامه ، بحيث يكون له الحق في ما يلي :
أولاً : منع المشتري من تفويت الذات موضع العقد.
ثانياً : أن يكون له الحق في استرجاع الذات عند عدم الوفاء في الوقت المحدد.
ثالثاً : أن يكون له الحق في الحصول على مقابل انتفاع المشتري بالذات في حالة عدم البيع (1).
أسماء عقد الإجارة المنتهية بالتمليك :
يطلق على هذا العقد عدة إطلاقات منها :
البيع الإيجاري.
الإيجار الساتر للبيع.
الإيجار الذي ينقلب بيعاً.
الإيجار المقترن بوعد بالبيع (2).
نشأة عقد الإجارة المنتهية بالتمليك وتطوره :
نشأ هذا العقد عام 1846م في إنجلترا تحت اسم الهاير بيرشاس [Hire-Purchase] ، حيث
______________
انظر بحث الشيخ عبد الله بن بيه في مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدورة الخامسة (4/2663) ، والبيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية للدكتور إبراهيم دسوقي أبو الليل (صـ26 - 27) ، و عقد البيع والمقايضة للدكتور توفيق حسن فرج (صـ 43).
انظر بحث الشيخ عبد الله بن بيه في مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدورة الخامسة (4/2663) ، وعقد =
ظهر هذا العقد أول مرة حين قام أحد تجار آلات موسيقية ببيع هذه الآلات مع تقسيط أثمانها إلى عدة أقساط ، بقصد رواج مبيعاته ، ولكي يضمن حصوله على كامل الثمن لم يلجأ إلى الصورة المعتادة لعقد البيع ، وإنما أبرم العقد في صورة إيجار مع حق المستأجر في تملك الآلة باكتمال مدة الإيجار ، والتي معها يكون البائع قد استوفى كامل الثمن المحدد لها.
ثم بعد ذلك انتشر هذا العقد وانتقل من الأفراد إلى المصانع ، وكان أول هذه المصانع تطبيقاً لهذا العقد هو مصنع سنجر لآلات الحياكة في إنجلترا ، حيث كان يقوم بتسليم منتجاته إلى عملائه في شكل عقد إيجار يتضمن إمكانية تملك الآلات المؤجرة بعد تمام سداد مبلغ معين على عدد من الأقساط ، تمثل في الحقيقة ثمناً لها.
ثم انتشر هذا العقد ، وانتشر استعماله – بصفة خاصة – من قِبل شركات السكك الحديدية التي تأسست لتمويل شراء مركبات شركات الفحم والمحاجر ، كانت هذه المؤسسات تقوم بشراء المركبات لحسابها ، ثم تسلمها لمناجم الفحم بناء على عقد البيع الإيجاري ؛ لما في هذا العقد من ضمان وحماية لحقوق المؤجر الذي كان له الحق في فسخ العقد واسترداد الأموال المسلمة للمستأجر بمجرد إخلال هذا الأخير بسداد قسط واحد من الأقساط المتفق عليها.
ثم ازدادت أهمية هذا العقد بامتداده إلى شركات المقاولات وغيرها.
ثم ظهر عقد الليسنج [Leasing] في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1953م ، ثم ظهر في فرنسا تحت تسمية [Credit Bail] عام 1962م ، وهذا العقد يعتبر حالة جديدة للإجارة المنتهية بالتمليك ، إلا أنه اتخذ طابعاً جديداً يتمثل في تدخل طرف ثالث بين طرفي العقد الأصليين – المؤجر والمستأجر - ، هذا الطرف الثالث هو الذي يقوم بتمويل العقد بشراء أموال معينة هي في العادة تجهيزات ومعدات صناعية وإنشائية ، ثم يقوم بتأجيرها لمن يتعاقد معهما لفترة متفق عليها بينهما ، وتكون هذه الفترة طويلة الأجل نسبياً حتى تتمكن المؤسسة المالية التي تقوم بتمويل المشروع من حصولها على المبالغ التي أنفقتها على التمويل وبنهاية الفترة المتفق عليها يكون للمستأجر المتعاقد مع المؤسسة عدة خيارات وهي :
إعادة السلعة المؤجرة له إلى المؤسسة المالكة.
تمديد مدة الإيجار لفترة أو فترات أخرى.
______________
= البيع والمقايضة للدكتور توفيق حسن فرج (صـ 27).
تملك السلعة مقابل ثمن يراعى في تحديده المبالغ التي سبق له أن دفعها كأقساط إيجار.
فالجديد في هذه الحالة ، أو في هذا العقد (الليسنج) هو أن المؤجر لا يكون مالكاً للأصل أو الأشياء المراد تأجيرها ، وإنما يقوم بشرائها خصيصاً لهذا الغرض.
بعد ذلك انتقل هذا العقد إلى الدول الإسلامية من خلال البنوك الإسلامية التي جعلت الإيجار المنتهي بالتمليك جزءاً من العمليات الأساسية التي تقوم بها ومن البنوك الإسلامية التي طبقت هذا العقد بنك ماليزيا الإسلامي.
وقام بنك مصر إيران للتنمية بالاشتراك مع هيئة التمويل الدولية ، وشركة مانوفا كتشورز ليسنج الأمريكية في تأسيس شركة متخصصة في الإيجار المنتهي بالتمليك في مصر ، وطبق هذا العقد أيضاً بيت التمويل الكويتي بدولة الكويت.
كما جعل البنك الإسلامي للتنمية عقد الإيجار المنتهي بالتمليك جزءاً من العمليات الاستثمارية التي يقوم بها ، حيث قام بتطبيق هذا العقد في عام 1397هـ ، ومنذ تطبيق عقد الإيجار المنتهي بالتمليك وحتى عام 1410هـ استفاد من هذا العقد أكثر من عشرين دولة إسلامية.
أما في المملكة العربية السعودية فقد اتجه كثير من البنوك والشركات إلى تطبيق هذا العقد في الوقت الحاضر ، وأقبل عليه كثير من أفراد المجتمع (1).
______________
انظر البيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الأخرى للدكتور إبراهيم دسوقي أبو الليل (صـ32-34) و (صـ304) ، والإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي لخالد الحافي (صـ 62-65).
صور الإجارة المنتهية بالتمليك
للإجارة المنتهية بالتمليك صور عديدة ، ولعل الصور الأوسع انتشاراً في تداول هذا العقد هي :
الصورة الأولى : أن يصاغ العقد على أنه عقد إيجار ينتهي بتملك الشيء المؤجر – إذا رغب المستأجر في ذلك – مقابل ثمن يتمثل في المبالغ التي دفعت فعلاً كأقساط إيجار لهذا الشيء المؤجر خلال المدة المحددة ، ويصبح المستأجر مالكاً – أي مشترياً – للشيء المؤجر تلقائياً بمجرد سداد القسط الأخير ، دون حاجة إلى إبرام عقد جديد.
ويمكن تصوير صياغة العقد على الوضع الآتي :
أجرتك هذه السلعة بأجرة في كل شهر – أو عام – هي كذا ، لمدة خمس سنوات – مثلاً – على أنك إذا وفيت بهذه الأقساط جميعها في السنوات الخمس كان الشيء المؤجر ملكاً لك مقابل ما دفعته من أقساط الأجرة في هذه السنوات ، ويقول الآخر : قبلت.
فالعقد بهذه الصورة هو : إجارة تنتهي بالتمليك دون دفع ثمن سوى الأقساط الإيجارية.
الصورة الثانية : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن يكون للمستأجر الحق في تملك العين المؤجرة في نهاية مدة الإجارة مقابل مبلغ معين.
ويمكن تصوير صياغة العقد على الوضع الآتي :
أجرتك هذه السلعة بأجرة في كل شهر – أو عام – هي كذا ، لمدة خمس سنوات – مثلاً – على أنك إذا وفيت بهذه الأقساط جميعها في السنوات الخمس بعتك هذه السلعة – إذا رغبت في ذلك – بثمن هو كذا ، ويقول الآخر : قبلت.
وهذه الصورة يمكن تفريعها إلى صورتين :
إحداهما : أن يكون الثمن المحدد لبيع السلعة ثمناً رمزياً.
والثانية : أن يكون الثمن المحدد لبيع السلعة ثمناً حقيقياً.
فالعقد بهذه الصورة هو : اقتران الإجارة ببيع الشيء المؤجر بثمن رمزي ، أو حقيقي.
الصورة الثالثة : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن المؤجر يعد المستأجر وعداً ملزماً – إذا وفى المستأجر بسداد الأقساط الإيجارية في المدة المحددة – ببيع العين المؤجرة في نهاية العقد على المستأجر بمبلغ معين.
ويمكن تصوير صياغة العقد على الوضع الآتي :
أجرتك هذه السلعة بأجرة في كل شهر – أو عام – هي كذا ، لمدة خمس سنوات – مثلاً – ، وأعدك وعداً ملزماً ببيعها لك إذا تم سداد جميع الأقساط الإيجارية في المدة المحددة ، ويقول الآخر : قبلت.
فالعقد بهذه الصورة هو : اقتران الإجارة بوعد بالبيع.
الصورة الرابعة : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن المؤجر يعد المستأجر وعداً ملزماً – إذا وفى المستأجر بسداد الأقساط الإيجارية في المدة المحددة – بهبة العين المؤجرة في نهاية العقد على المستأجر.
ويمكن تصوير صياغة العقد على الوضع الآتي :
أجرتك هذه السلعة بأجرة في كل شهر – أو عام – هي كذا ، لمدة خمس سنوات – مثلاً – ، وأعدك وعداً ملزماً بهبتها لك إذا تم سداد جميع الأقساط الإيجارية في المدة المحددة ، ويقول الآخر : قبلت.
فالعقد بهذه الصورة هو : اقتران الإجارة بوعد بالهبة.
الصورة الخامسة : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، مع وعد ملزم من المؤجًر في أن يجعل للمستأجر في نهاية مدة الإجارة الحق في ثلاثة أمور :
الأول : تملك السلعة مقابل ثمن يراعى في تحديده المبالغ التي سبق له دفعها – كأقساط إيجار - ،
وهذا الثمن محدد عند بداية التعاقد ، أو بأسعار السوق عند نهاية العقد.
الثاني : مد مدة الإجارة لفترة أخرى.
الثالث : إعادة الأعيان المؤجرة إلى المؤسسة المالكة والمؤجرة لها (1).
وعقد الإجارة المنتهية بالتمليك بالصورة الخامسة قريب من عقد الليسنج [Leasing] الذي سبق معنا (2).
______________
انظر بحث الدكتور حسن علي الشاذلي في مجلة المجمع الفقهي ، الدورة الخامسة (4/2613-2617) ، والإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي لخالد الحافي (صـ 66-70) .
انظر (صـ 16 - 17 ).
الفصل الثاني
في ذكر بعض المسائل الفقهية التي ينبني عليها عقد الإجارة المنتهية بالتمليك
ويشتمل على خمسة مباحث :
المبحث الأول : اشتراط عقد في عقد.
المبحث الثاني : اشتراط شرط أو أكثر في عقد من عقود المعاوضات المالية.
المبحث الثالث : تعليق عقد البيع على شرط مستقبل.
المبحث الرابع : تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل.
المبحث الخامس : حكم الوعد والإلزام به.
الفصل الثاني
قبل الدخول في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك يلزمنا بحث بعض المسائل الفقهية التي ينبني عليها هذا العقد ؛ حيث أن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك ينبني على هذه المسائل ، فإذا عرفنا الحكم في هذه المسائل تبين لنا القول الراجح والتكييف الصحيح في هذا العقد.
وسوف نشير إلى كلام العلماء في هذه المسائل بشيء من الإجمال والإيجاز غير المخل – إن شاء الله – ؛ لأنها ليست المقصود الأساسي من هذا البحث ، وإنما هي مكملة له.
اشتراط عقد في عقد
الإيجار المنتهي بالتمليك يؤدي في بعض صوره إلى اشتراط عقد في عقد ، ونظراً لذلك فسوف نبين أقوال العلماء في هذه المسألة ، ثم نذكر القول الراجح فيها.
القول الأول :
ذهب جمهور العلماء إلى منع اشتراط عقد في عقد ، وهذا القول هو قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (1).
واستدلوا بما يلي :
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : «لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك» (2).
عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن بيعتين في بيعة ، وفسروا الحديث بأن المراد به اشتراط عقد في عقد (3).
______________
انظر المبسوط (13/16) ، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/66) ، والمجموع شرح المهذب (9/230) ، الشرح الكبير (11/230).
أخرجه الترمذي في سننه ، في كتاب البيوع ، في باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك ، رقم الحديث (1234) ، وأخرجه النسائي في سننه ، في كتاب البيوع ، في باب شرط قي بيع وهو أن يقول أبيعك هذه السلعة ، رقم الحديث (4630) ، وأخرجه ابن ماجه في سننه ، في كتاب التجارات ، باب النهي عن بيع ما ليس عندك ، رقم الحديث (2188) ، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ، رقم الحديث (6633) ، قال الألباني : حسن صحيح [انظر صحيح سنن الترمذي للإمام الألباني (2\18)].
(3) أخرجه أبو داود في سننه ، في كتاب البيوع ، في باب فيمن بيعتين في بيعة ، رقم الحديث (3461) =
القول الثاني :
ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره إلى جواز اشتراط عقد في عقد إلا إذا كان أحدهما معاوضة والآخر تبرع كالجمع بين البيع والقرض ، أو بين الإجارة والقرض (1).
واستدلوا بأن الأصل في المعاملات والشروط الحل والصحة.
الترجيح :
الراجح هو أن اشتراط عقد في عقد جائز ولا بأس به إلا إذا كان أحدهما معاوضة والآخر تبرع كالجمع بين البيع والقرض ، أو بين الإجارة والقرض ؛ لحديث «لا يحل سلف وبيع » (2).
وأما قوله – صلى الله عليه وسلم – : « ولا شرطان في بيع »(3) فإن الحديث ظاهر أنه بعيد عن هذه المسألة ، فإن البيع في هذه المسألة قد اقترن بشرط واحد وهو أن يبيعه هذه السلعة بكذا بشرط أن يبيعه تلك السلعة بكذا ، وليس فيه شرطان ، وإنما يوجد العقد ، ويوجد شرط فيه ، فالأول يطالب بمقتضى العقد ، والثاني بمقتضى الشرط(4).
وأما نهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن بيعتين في بيعة (5) ، فإن المراد به – كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره – بيع العينة ، حيث تضمن بيع مؤجل وبيع حاضر ، وتضمن أيضاً الشرطين : شرط التأجيل ، وشرط الحلول (6).
______________
= ، وأخرجه الترمذي في سننه ، في كتاب البيوع ، في باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة ، رقم الحديث (1231) ، وأخرجه النسائي في سننه ، كتاب البيوع ، باب فيمن باع بيعتين في بيعة ، رقم الحديث (4632) ، وأخرجه أحمد في مسنده ، رقم الحديث (10157) ، قال الألباني : صحيح [انظر صحيح سنن الترمذي للإمام الألباني (2\16)].
انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (29/62).
سبق تخريجه في (صـ 23).
سبق تخريجه في (صـ 23).
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2635).
سبق تخريجه في (صـ 23).
انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (29/432)
اشتراط شرط أو أكثر في عقد من عقود المعاوضات المالية
عقد الإجارة المنتهية بالتمليك عقد اشتمل في كثير من صوره على شروط منها :
أن يتحمل المستأجر نفقات صيانة السلعة والحفظ والتأمين.
ألا يتصرف المؤجر في هذه السلعة طوال مدة الإجارة المتفق عليها بأي تصرف يضر بمصلحة المستأجر ، أو يخرج السلعة من تحت يده.
أن يبيع المؤجِر الشيء المؤجَر على المستأجر إذا وفى بالأقساط المتفق عليها في المدة المحددة لهذه الإجارة (1)
لذلك وجب علينا بحث هذه المسألة.
أولاً : حكم اقتران عقود المعاوضات بشرط واحد :
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :
القول الأول : ذهب الحنفية إلى أن الشرط الصحيح في العقد هو أحد ثلاثة شروط :
شرط يقتضيه العقد.
شرط يلائم العقد.
شرط يجري التعامل به ، أي جرى به العرف.
وأي شرط لا يدخل تحت أحد من هذه الأنواع ، فهو شرط فاسد (2) .
القول الثاني : ذهب المالكية أن الشرط صحيح إلا إذا أفضى إلى محظور شرعي ، أو خالف مقتضى العقد (3).
القول الثالث : ذهب الشافعية إلى أن الشرط لا يكون صحيحاً إذا وُجد فيه محظور شرعي ، أو خالف مقتضى العقد ، أو كان شرطاً لا غرض فيه (4).
______________
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2633).
انظر حاشية ابن عابدين [الناشر عالم الكتب للنشر والتوزيع في المملكة العربية السعودية ، طُبع عام 1423هـ] (7/282-283).
انظر تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب (صـ 339-365).
انظر مغني المحتاج للخطيب (2/33).
القول الرابع : ذهب الحنابلة إلى صحة جميع الشروط في العقود ، ويستثنون من ذلك الشروط التي تخالف الشرع ، والشروط التي تخالف مقتضى العقد (1)
القول الخامس : وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – (2) وغيره ، أن الأصل في ذلك الحل والصحة ، إلا إذا خالف الشرط الشرع ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم – : « الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرّم حلالاً ، أو أحل حرماً» (3) ، وهذا القول هو الراجح.
ثانياً : حكم اشتراط أكثر من شرط في عقود المعاوضات المالية :
ورد في الباب حديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : « لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك » (4).
وقد اختلف العلماء في تفسير الحديث على أقوال منها :
القول الأول : أن المراد به التردد بين النقد والنسيئة في صيغة واحدة ، كأن يقول : بعتك بكذا
______________
(1) انظر الشرح الكبير (11/23).
(2) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (29/126-180) ، وقد استفاض شيخ الإسلام – رحمه الله – في تقرير هذه المسألة.
(3) أخرجه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده ، في سننه ، في كتاب الأحكام ، باب في الصلح ، رقم الحديث (1352) ، وقال عنه : هذا حديث حسن صحيح ، وأخرجه ابن ماجه في كتاب سننه ، في كتاب الأحكام ، باب الصلح (2353).
وأخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة في سننه ، في كتاب الأقضية ، في باب في الصلح ، رقم الحديث (3594) ، وأخرجه أحمد في مسنده ، رقم الحديث (8566) ، قال الألباني : حسن صحيح [انظر سنن أبي داود بتعليق الإمام الألباني عليه (صـ 544)].
(4) سبق تخريجه في (صـ 23).
نقداً وبكذا نسيئة ، فيقبل الآخر على الإبهام – أي لم يحدد أي الصفقتين قَبَل – (1).
القول الثاني : أن المراد به اشتراط شرطين فاسدين في العقد ، وهذا قول عند الحنابلة، وعليه فيكون اشتراط شرطين فاسدين يبطل العقد ، أما اشتراط شرطين صحيحين أو أكثر فإنه يصح ويصح العقد(2).
ولعل هذا القول هو أقرب الأقوال إلى التفسير الصحيح للحديث وأن اشتراط شرطين فأكثر صحيح لا يفسد العقد ؛ لأنه لما كانت هذه الشروط لا تؤثر في صحة العقد وهي منفردة فيلزم ألا تؤثر فيه وهي مجتمعة.
______________
(1) نقله الدكتور حسن الشاذلي عن الحنفية والشافعية والمالكية والبغوي والخطابي [انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2635)].
انظر الشرح الكبير (11/228).
تعليق عقد البيع على شرط مستقبل
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين هما :
القول الأول : أن تعليق عقد البيع على شرط مستقبل غير جائز ، وهذا قول الجمهور (1).
وعللوا قولهم : بأن هذا الشرط يخالف مقتضى العقد ؛ إذ أن مقتضى العقد الفورية ، وألا يكون معلقاً.
القول الثاني : أن تعليق عقد البيع على شرط مستقبل جائز وصحيح ، وهذا هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية (2).
واستدل بما يلي :
عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : أمّر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في غزوة مؤتة زيد بن حارثة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : « إن قُتل زيد فجعفر ، وإن قُتل جعفر فعبد الله بن رواحة » (3) ، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – علّق عقد الولاية على أمر مستقبل.
أن الأصل في الشروط في العقود الإباحة والصحة.
والقول الثاني هو الراجح في هذه المسألة.
______________
انظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/44) ، والفروق (1/229) ، والمجموع شرح المهذب للنووي (9/249) ، والشرح الكبير (11/249).
انظر الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية لعلي البعلي (صـ276).
أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب المغازي ، في باب باب غزوة مؤتة من أرض الشأم ، رقم الحديث (4261).
تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل
اختلف العلماء في هذه المسألة ، واختلافهم فيها كاختلافهم في المسألة السابقة ، والأقوال فيها هي :
القول الأول : عدم جواز تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل ، وهذا قول الجمهور من الحنفية (1) والشافعية (2) والحنابلة (3).
وعللوا قولهم هذا : بأن الأصل في العقود أن تكون منجزة.
القول الثاني : أن تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل جائز ولا بأس به.
وإذا جاز تعليق عقد البيع على شرط مستقبل – على الراجح - ، فجوازه في الهبة من باب أولى ؛ لأن عقود التبرعات أوسع من عقود المعاوضات.
______________
قد قال الكاساني في كلامه عن شرائط الهبة في كتابه بدائع الصنائع (6/184) : " أما الأول فهو ألا يكون معلقاً بماله خطر الوجود والعدم من دخول زيد ، وقدوم خالد ، والرقبي ونحو ذلك ... لأن الهبة تمليك العين للحال ، وأنه لا يحتمل التعليق بالخطر والإضافة إلى الوقت كالبيع".
انظر أسنى المطالب (2/479).
انظر المغني (8/250).
حكم الوعد والإلزام به
عقد الإجارة المنتهية بالتمليك مبني على وعد في بعض صوره ، فهل يجب الوفاء بالوعد أم لا ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال منها :
القول الأول : أن الوفاء بالوعد مستحب ، وهو قول الشافعية (1) والحنابلة (2) ، وأصحاب هذا القول يقولون أنه غير ملزم قضاء وإن كان مأموراً بالوفاء به ديانة ؛ لأنه تفضل وإحسان ، لقوله تعالى : {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} (91) سورة التوبة (3).
القول الثاني : أن الوعد يجب الوفاء به إن كان معلقاً على شرط ، وهو قول الحنفية (4).
القول الثالث : أن الوعد يجب الوفاء به إذا كان الوعد على سبب ، ودخل الموعود في نتيجة للوعد ، وهذا قول المالكية (5).
واستدلوا بقاعدة : لا ضرر ولا ضرار.
القول الرابع : أن الوعد يجب الوفاء به ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – (6).
______________
انظر الفتوحات الربانية على الأذكار النووية (6/258).
انظر المبدع (9/345).
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2649).
انظر غمز عيون البصائر للحموي (3/237).
انظر تحرير الكلام على مسائل الالتزام للحطاب (صـ 154-155) ، والفروق (4/25).
انظر الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (صـ331).
واستدلوا بما يلي :
قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} (1) سورة المائدة.
قول الله تعالى : {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (8) سورة المؤمنون.
قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (2 - 3) سورة الصف.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : « آية المنافق ثلاث ، إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان » (1).
وهذا يدل على تحريم إخلاف الوعد.
والراجح : أن الوفاء بالوعد لازم.
_______________
أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب الإيمان ، في باب علامة المنافق ، رقم الحديث (33) ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، في كتاب الإيمان ، في باب بيان خصال المنافق ، رقم الحديث (59).
الفصل الثالث
في حكم عقد الإجارة المنتهية بالتمليك
ويشتمل على مباحث :
المبحث الأول : حكم صورة الإجارة المنتهية بالتمليك.
المبحث الثاني : حكم صورة الإجارة المقرونة ببيع السلعة.
المبحث الثالث : حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالبيع.
المبحث الرابع : حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالهبة.
المبحث الخامس : حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد ببيع السلعة ، أو مد مدة الأجرة ، أو إعادة العين المؤجًرة لمالكها.
المبحث السادس : أحكام عامة في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك.
الفصل الثالث
في هذا الفصل سوف نبين حكم كل صورة من صور عقد الإجارة المنتهية بالتمليك.
وتبيين حكم صور هذا العقد ينبني على التكييف الصحيح لكل صورة ، وعليه فسوف نستعرض كل صورة من صور عقد الإجارة المنتهية بالتمليك ، ثم نحاول تكييفها التكييف الصحيح ، ثم إصدار الحكم على تلك الصورة.
حكم صورة الإجارة المنتهية بالتمليك
هذه الصورة – كما سبق – تنتقل فيها ملكية السلعة إلى المستأجر بمجرد سداد القسط الإيجاري الأخير تلقائياً ، ودون حاجة إلى إبرام عقد جديد ، ودون ثمن سوى ما دفعه من المبالغ التي تم سدادها كأقساط إيجارية لهذه السلعة المؤجَرة خلال المدة المحددة ، والتي هي في الحقيقة ثمن هذه السلعة (1).
وفي هذه الصورة يتضح لنا أن العقد صِيغَ في بدايته على أنه إجارة ، وأنه بيع في نهايته ، ولكن هذه الصياغة لا يمكن اعتمادها بهذه الصورة لأمور منها :
أن كل مبيع لابد له من ثمن ، وهنا لا يوجد ثمن وقت تمام البيع – أي في نهاية مدة الإجارة – إذ أن ما دفع كان أجرة.
أن الأجرة المقدرة للسلعة في المدة المحددة ليست أجرة المثل ، بل روعي فيها أنها هي ثمن السلعة ، مع إضافة ما قد يكون من ربح متفق عليه.
أن إرادة المتعاقدين متجهة إلى بيع هذه السلعة وليس إجارتها ، وقد دفعهما إلى جعل العقد بهذه الصورة خوف البائع – المؤجِر – من عدم الحصول على ثمن السلعة إذا كان الثمن مؤجلاً ، والمشتري يرغب في اقتناء هذه السلعة والانتفاع بها مع عدم وجود إمكانات لديه لشرائها بالنقد ، فصاغوا العقد بالصورة التي ذكرناها سابقاً.
لذلك كيّفها شرّاح القانون بأنها بيع تقسيط (2) ، ولم يعتدوا بعقد الإجارة الذي صرح به العاقدان ؛ نظراً للقرائن التي تظهر أنه عقد بيع (3).
فقد ذهبت بعض القوانين في البلاد العربية إلى تكييف عقد الإجارة المنتهية بالتمليك على أنه بيع
_______________
انظر (صـ 18).
بيع التقسيط هو : عقد على مبيع حال بثمن مؤجل ، كله أو بعضه ، يؤدى مفرقاً على أجزاء معلومة في أوقات معلومة [انظر الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي لخالد الحافي (صـ 74)].
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2638-2639).
تقسيط ، وقضت بسريان أحكام البيع بالتقسيط على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك ، حتى لو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً.
ففي القانون المصري – مثلاً – ، نجد أن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك إذا كانت صورته هي : أنه بيع في الحقيقة ، لكن تم إظهاره في صورة عقد إيجار لكي يضمن البائع استيفاء كامل الثمن قبل انتقال الملكية للمشتري ، فإن هذه الحالة تخضع لأحكام البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية لحين استيفاء الثمن إعمالاً لنص الفقرة الرابعة من المادة [430] من القانون المدني المصري التي نظمت البيع المؤجل الثمن أي الائتماني ، وأجازت اشتراط الاحتفاظ بالملكية عندئذ لحين استيفاء كامل الثمن.
وكذلك نفس الأحكام السابقة ذكرها المنظم الكويتي بتقريره في المادة [140] من قانون التجارة رقم [68] لسنة 1980م ، بسريان أحكام البيع بالتقسيط ، ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً (1).
تكييف هذه الصورة في الفقه الإسلامي :
لتكييف العقد تكييفاً صحيحاً لابد من النظر في الشروط التي صاحبت هذا العقد فإن كانت صحيحة وجب الوفاء بها ، وإن لم تكن صحيحة بطلت.
وهذه الشروط لا يمكن أن يُقال أنها حولت العقد من إجارة إلى بيع ؛ لأن المتعاقدين أرادا العقد إجارة لا بيعاً ، فكان القول بذلك عكس إرادتهما الظاهرة والباطنة.
وهل يمكن أن يكون العقد بيعاً معلقاً والثمن فيه هو هذه الأقساط التي قام المستأجر بسدادها ؟ ، إن الذي يحول دون ذلك هو أن هذه الأقساط دُفعت على أنها أجرة للعين المؤجَرة ، فكيف تتحول إلى ثمن للعين المؤجَرة في نهاية المدة ؟ ، فتحويلها إلى ثمن للعين المؤجَرة بعقد لاحق لا يتمشى مع القواعد التي تحدد أن لكل عقد أحكامه وآثاره فور انعقاده صحيحاً منتجاً واجب الوفاء بما يقضي
______________
انظر بحث الدكتور عبد الله محمد عبد الله في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2605-2606) ، وبحث الدكتور عبد الله بن بيه في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2663-2666) ، والبيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الأخرى للدكتور إبراهيم دسوقي أبو الليل (صـ315-317).
به.
بناء على ما سبق يتبين بطلان هذه الصورة التي تنتقل فيها ملكية السلعة إلى المستأجر بمجرد سداد القسط الإيجاري الأخير تلقائياً ، ودون حاجة إلى إبرام عقد جديد ، ودون ثمن سوى ما دفعه من المبالغ التي تم سدادها كأقساط إيجارية لهذه السلعة المؤجَرة خلال المدة المحددة ، والتي هي في الحقيقة ثمن هذه السلعة (1).
وإذا تبين بطلان هذه الصورة فهل يمكن إيجاد صورة بديلة عن هذه الصورة ، تكون خالية من المحاذير الشرعية ؟
ذهب بعض العلماء إلى إيجاد صورة بديلة عن هذه الصورة ، وتكون خالية عن المحاذير الشرعية ، وهذه الصورة هي : أن يُصاغ عقد بيع يشترط فيه عدم تصرف المشتري في الشيء المبيع بأي نوع من أنواع التصرف – معاوضة أو تبرعاً – إلا بعد سداد جميع الثمن ، وإلا انفسخ العقد.
وما يُدفع من أقساط تكون أقساط ثمن السلعة المنجمة ، فإذا وفى بها المشتري أصبح له حق التصرف فيها ، وإذا لم يوفِ كان للبائع أخذ السلعة منه ، وأما ما دُفع من أقساط خلال المدة السابقة فيمكن معالجتها من خلال خصم القيمة الإيجارية الحقيقية من هذه الأقساط التي دفعها خلال هذه المدة ، مع إضافة تعويض ملائم عن الأضرار التي لحقت بالبائع نتيجة هذا الإخلال (1).
______________
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2639-2640) ، وذهب إلى منع هذه الصورة مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 110 (4/12) ، والصادر بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير ، في الدورة الثانية عشرة (1/697-699).
وقد قال بهذا القول الدكتور حسن الشاذلي ، وذكر أنه يجوز في الفقه إجراء عقد بيع مع اشتراط عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري إلا بعد سداد جميع الثمن المؤجل ، وأن المالكية ذهبوا إلى جواز بيع المالك للسلعة بشرط ألا يتصرف فيها المشتري ببيع ولا هبة ولا عتق حتى يعطي الثمن ، فهذا بمنزلة الرهن وكان الثمن مؤجلاً [انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2639-2640)].
حكم صورة الإجارة المقرونة ببيع السلعة
أولاً : اقتران الإجارة ببيع الشيء المؤجَر بثمن رمزي :
هذه الصورة – كما سبق بيانها – هي : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن يكون للمستأجر الحق في تملك العين المؤجرة في نهاية مدة الإجارة مقابل مبلغ رمزي (1).
وحكم هذه الصورة ينبني على حكم ثلاث مسائل فقهية وهي :
هل يصح اجتماع عقدين في عقد ؟
وقد تقدم معنا أن الراجح في هذه المسألة هو : جواز اجتماع عقدين في عقد ، إلا إذا كان أحدهما معاوضة والآخر تبرع (2).
هل يصح تعليق عقد البيع على شرط ؟
وقد تقدم معنا أن الراجح في هذه المسألة هو : جواز تعليق عقد البيع على شرط (3).
في هذه الصورة روعي أن ما اتُفق على أنه أقساط إيجارية هي في حقيقتها جزء من ثمن هذه السلعة ، فهل يصح أن يكون ثمن المبيع رمزياً ؟
ثمن المبيع في الفقه الإسلامي لابد أن يكون مقارباً لقيمة السلعة الحقيقة ؛ وذلك لأن البيع هو معاوضة مال بمال ، ومعاوضة المال بالمال معناها أن يأخذ البائع من المشتري عوض هذه السلعة وهو الثمن ، أو بلفظ آخر قيمتها ، أو ما يقارب ذلك في الأسواق ، وأن يأخذ المشتري السلعة من البائع عوض ما دفعه من ثمن أو ما يقارب ذلك ، حيث يُغتفر التفاوت اليسير ، ولكن المطلوب هو تحقيق العدل بين العوضين ، والعدل أن تكون السلعة معادلة للثمن الذي حُدد لها ، وأن يكون الثمن معادلاً للسلعة التي عُيّنت له.
______________
انظر (صـ 18 - 19).
انظر (صـ 32 - 24).
انظر (صـ 28).
ويدل لهذا ما شُرع من خيارات ، فإنها شُرعت للاطمئنان على أنه لم يحدث غبن ولا ظلم في ميزان العدل الواجب تطبيقه.
ولا يأتي في هذه الصورة البحث حول أن المتعاقدين لهما الحرية التامة في أن يحددا الثمن الذي يريانه – وإن كان قليلاً جداً - ؛ لأن اقتران عقد الإجارة – مع تحديد الأجرة المرتفعة كثيراً عن أجرة المثل خلال المدة التي اشترط استمرار الإجارة فيها بهذه الأجرة – بعقد البيع في نهاية هذه المدة وبعد سداد الأقساط الإيجارية ، وجعل ثمن المبيع رمزياً ، يُفصح بصورة واضحة عن أن المقصود هو عقد البيع من أول الأمر ، وليس عقد إجارة ثم عقد بيع ، وأن كل ما دُفع هو الثمن ، سواء في أثناء مدة الإجارة ، أو عند إبداء المستأجر – المشتري – رغبته في الشراء بتقديم الثمن الرمزي المشار إليه.
ويؤيد هذا أن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
بناء على ما سبق ، لا يعتبر الثمن الرمزي – الذي حدداه المتعاقدان في هذا الصورة – ثمناً حقيقياً للسلعة ، وبالتالي لا يمكن أن نقول : أنه قد اجتمع في هذا العقد عقدان عقد إجارة ، وعقد بيع.
ولكن هذا الثمن الرمزي هو في الحقيقة جزء من الثمن ، وباقي الثمن هو ما يدفعه أو دفعه المستأجر – المشتري – من أقساط ظهرت في صورة أجرة عن كل فترة من الفترات المحددة لانتهاء عقد الإجارة.
لذلك كيّف شرّاح القانون هذا العقد بأنه عقد بيع بثمن مقسط ، إلا أن تكييفه بذلك في الفقه يحول دونه صراحة الصيغة في أنه عقد إجارة أريدت أحكامه وآثاره خلال هذه المدة ، ولم يرد عقد البيع بآثاره وأحكامه إلا بعد انتهاء مدة الإجارة ، والقيام بالالتزامات التي أوجبها العقد ، ومنها دفع جميع الأقساط الإيجارية.
لذلك فإن هذا العقد يمكن أن يُصاغ بديل له على الوجه الذي رجحه الدكتور حسن الشاذلي(1) ، وهو : عقد بيع يشترط فيه عدم التصرف في المبيع بأي نوع من أنواع التصرفات – معاوضة أو تبرعاً – حتى يتم سداد جميع الأقساط – الثمن – على الوجه المتفق عليه (2).
______________
انظر (صـ 36).
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2645-2647).
ثانياً : اقتران الإجارة ببيع الشيء المؤجَر بثمن حقيقي :
هذه الصورة – كما سبق بيانها – هي : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن يكون للمستأجر الحق في تملك العين المؤجرة في نهاية مدة الإجارة مقابل مبلغ حقيقي (1).
فهذه الصورة هي مثل الصورة السابقة ، إلا أنه قد حٌدد هنا ثمن حقيقي للسلعة المؤجَرة يدفعه المستأجر بعد انتهاء سداد جميع الأقساط الإيجارية المتفق عليها.
وقد وُجد في الصورة مسألتان فقهيتان ، هما :
مسألة اجتماع عقدين في عقد – عقد الإجارة وعقد البيع – وسبق أن رجحنا جواز اجتماع عقدين في عقد إلا إذا كان أحدهما معاوضة والآخر تبرع (2).
مسألة تعليق عقد البيع على شرط ، وسبق أن رجحنا جوازه (3).
تكييف هذا العقد :
يعد هذا العقد في بدايته عقد إجارة تترتب عليه كل أحكام هذا العقد وآثاره ، وبعد انتهاء عقد الإجارة يبدأ عقد البيع المعلق على تحقق الشرط – وهو سداد جميع الأقساط الإيجارية المتفق عليها – الذي اقترن بعقد الإجارة.
وبناء على ما سبق يمكن القول بصحة هذه الصورة (4).
______________
انظر (صـ 18 - 19).
انظر (صـ 23 - 24).
انظر (صـ 28).
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2647-2648).
حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالبيع
هذه الصورة – كما سبق بيانها – هي : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن المؤجر يعد المستأجر وعداً ملزماً – إذا وفى المستأجر بسداد الأقساط الإيجارية في المدة المحددة – ببيع العين المؤجرة في نهاية العقد على المستأجر بمبلغ معين (1).
وينبني حكم هذه المسألة على مسألة الوفاء بالوعد ، وهل هو لازم أم لا ، وسبق أن ذكرنا أن القول الراجح في هذه المسألة هو وجوب الوفاء بالوعد ديانة وقضاء (2).
وبناء على هذا ، فيكون الوعد الصادر من المالك – المؤجِر – ببيع هذه السلعة المؤجَرة للمستأجر إذا رغب في ذلك ودفع ثمناً لها هو كذا ، فيكون وعداً ملزماً للمالك – المؤجَر – ببيعها للمستأجر بعد تحقق الشرط – وهو استيفاء جميع الأقساط الإيجارية المتفق عليها ، وإبداء رغبته في شرائها ، وتقديم الثمن الذي اتفق عليه –.
وهذا إذا كان الوعد صادراً من المالك ، أما إذا كان قد صدر من منهما – بأن وعد المالك ببيع السلعة للمستأجر ، ووعد المستأجر المالك بشراء هذه السلعة إذا تحقق الشرط وهو الوفاء بكل الأقساط الإيجارية المتفق عليها خلال المدة المحددة ، وحدد الثمن – فحينئذٍ يكون كل منهما ملزماً بإجراء هذا البيع على الوضع الذي اتفق عليه.
ولابد من صيغة جديدة في كلتا الحالتين ؛ لأن العقد لا ينعقد إلا بصيغة باتة دالة على أنه أراد البيع في الحال ، والآخر أراد الشراء في الحال ، والصيغة التي معنا هي وعد بالبيع ، ووعد بالشراء ، فلابد لإتمام هذا البيع من صيغة لعقد البيع تصدر عند الانتهاء من تحقق الشرط المعلق عليه الوعد بالبيع ؛ وذلك لعدم وجود صيغة له من قبل ، وإنما الموجود هو وعد به فقط.
ولئلا يحدث النزاع ينبغي عند عقد الإجارة المقترنة بوعد بالبيع تبيين المُلزم بالوعد ، فإن كان
_______________
انظر (صـ 19).
انظر (صـ 30 - 31).
المشتري وحده بُين ، وإن كان البائع وحده بُين ، وإن كان كلاهما بُين (1).
وهذه الصورة بالضوابط المذكورة جائزة – إن شاء الله – ؛ لعدم وجود المحظور الشرعي فيها (2).
______________
(1) انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2648-2651).
(2) ذهب إلى جواز هذه الصورة مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 110 (4/12) ، والصادر بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير ، في الدورة الثانية عشرة (1/697-699).
حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالهبة
هذه الصورة – كما سبق بيانها – هي : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، على أن المؤجر يعد المستأجر وعداً ملزماً – إذا وفى المستأجر بسداد الأقساط الإيجارية في المدة المحددة – بهبة العين المؤجرة في نهاية العقد على المستأجر (1).
وينبني حكم هذه المسألة على مسألة الوفاء بالوعد ، وهل هو لازم أم لا ، وسبق أن ذكرنا أن القول الراجح في هذه المسألة هو وجوب الوفاء بالوعد ديانة وقضاء (2).
وعليه فهذه الصورة جائزة – إن شاء الله – ؛ لعدم وجود المحظور الشرعي فيها (3).
______________
(1) انظر (صـ 19).
(2) انظر (صـ 30 - 31).
(3) ذهب إلى جواز هذه الصورة مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 110 (4/12) ، والصادر بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير ، في الدورة الثانية عشرة (1/697-699).
حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد ببيع السلعة أو مد مدة الأجرة أو إعادة السلعة لمالكها
هذه الصورة – كما سبق – هي : أن يصاغ العقد على أنه عقد إجارة ، يُمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في مقابل أجرة محددة في مدة محددة للإجارة ، مع وعد ملزم من المؤجًر في أن يجعل للمستأجر في نهاية مدة الإجارة الحق في ثلاثة أمور :
الأول : تملك السلعة مقابل ثمن يراعى في تحديده المبالغ التي سبق له دفعها – كأقساط إيجار - ، وهذا الثمن محدد عند بداية التعاقد ، أو بأسعار السوق عند نهاية العقد.
الثاني : مد مدة الإجارة لفترة أخرى.
الثالث : إعادة الأعيان المؤجرة إلى المؤسسة المالكة والمؤجرة لها (1).
وهذه الصورة لا محظور شرعي فيها ؛ لأنها تتساوى مع صورة الإجارة المقترنة بوعد بالبيع بثمن حقيقي ، بل إنها أكثر مرونة بالنسبة للمستأجر ؛ إذ تعطيه الحق في اختيار واحد من ثلاثة أمور بعد انتهار مدة الإجارة (2).
______________
انظر (صـ 19 - 20).
انظر بحث الدكتور حسن الشاذلي في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الخامسة (4/2651-2654).
أحكام عامة في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك
سوف نذكر في هذا المبحث أحكام وضوابط وشروط عامة في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك (1) :
أن تكون الإجارة فعلية ، وليست ساترة للبيع.
أن يكون ضمان العين المؤجَرة على المالك لا على المستأجر ، وبذلك يتحمل المؤجِر ما يلحق العين من غير ناشئ من تعد المستأجر ، أو تفريطه ، ولا يُلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجَرة فيجب أن يكون التأمين تعاونياً إسلامياً لا تجارياً ، ويتحمله المالك المؤجِر ، وليس على المستأجر.
يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة ، وأحكام البيع عند تملك العين.
تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجِر لا على المستأجر طول مدة الإجارة.
ألا يُطالب المستأجر بدفعة مقدمة يعدها المؤجِر حقاً له على المستأجر ، وذلك عند العقد ، والملاحظ على هذه الدفعة أنها ليست أجرة مقدمة ، ولا ضماناً لسداد الأجرة وقت استحقاقها في حال تعثر السداد ، وإنما هي دفعة مقدمة للمؤجِر يأخذها على اعتبارها جزء من حقه.
______________
اقتبست هذه الأحكام مما يلي :
نظام لعقد الإجارة المنتهية بالتمليك اقترحه خالد الحافي في كتاب الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي (صـ 268-288).
قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 110 (4/12) بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير ، في الدورة الثانية عشرة (1/697-699).
مقال للشيخ عبد الله المنيع في المجلة العربية ، رقم العدد [294] ، السنة [26] ، عدد رجب 1422هـ ، (صـ 66-67).
ينتهي عقد الإجارة المنتهية بالتمليك في الحالات التالية :
بانتهاء مدة الإجارة ، وتملك المستأجر للسلعة المؤجَرة بعقد جديد.
ب- إذا اتفق العاقدان – المؤجِر والمستأجر – في عقد الإجارة على فسخ العقد برضا واختيار منهما .
جـ - إذا لم يقم المؤجِر بصيانة العين فللمستأجر الحق في فسخ عقد الإجارة.
إذا تلفت العين المؤجَرة أثناء المدة بغير تعدٍ ولا تفريط من المستأجر.
هـ- إذا أفلس المستأجر ، ولم يمضِ شيء من مدة الإجارة فإنه يحق للمؤجِر فسخ العقد.
الملحقات
ويشتمل على ما يلي :
قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن التأجير المنتهي بالتمليك.
قرار مجلس هيئة كبار العلماء في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك.
قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم 110 (12/4)
بشأن موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية ، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000).
بعد اطلاعه على الأبحاث على المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير) ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء قرر ما يلي :
- الإيجار المنتهي بالتمليك :
أولاً : ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي :
ضابط المنع : أن يرد عقدان مختلفان ، في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد.
ب- ضابط الجواز :
وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زماناً ، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة ، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة ، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
أن تكون الإجارة فعلية ، وليست ساترة للبيع.
أن يكون ضمان العين المؤجَرة على المالك لا على المستأجر ، وبذلك يتحمل المستأجر ما يلحق العين من غير ناشئ من تعد المستأجر أو تفريطه ، ولا يُلزم المستأجر بشيء إذا فاتت
المنفعة.
إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجَرة فيجب أن يكون التأمين تعاونياً إسلامياً ، لا تجارياً ، ويتحمله المالك المؤجِر ، وليس المستأجر.
يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة ، وأحكام البيع عند تملك العين.
تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجِر ، لا على المستأجر طول مدة الإجارة.
ثانياً : من صور عقد الممنوعة :
عقد إجارة ينتهي بتمليك العين المؤجَرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة دون إبرام عقد جديد ، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعاً تلقائياً.
إجارة عين لشخص بأجر معلومة ، ولمدة معلومة ، مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة ، أو مضافة إلى وقت في المستقبل.
عقد إجارة حقيقي ، واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجَر ، ويكون مؤجلاً إلى أجل طويل محدد هو آخر مدة عقد الإيجار.
وهذا ما تضمنته الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية ، ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
ثالثاً : من صور العقد الجائزة :
عقد إجارة يمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجَرة مقابل أجرة معلومة ، في مدة معلومة ، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر معلقاً على سداد كامل الأجرة وذلك بعقد مستقل ، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة – وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم 13/1/3 في دورته الثالثة.
عقد إيجار مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الأجرة – وذلك وفق قرار المجمع رقم 44 (6/5) في دورته الخامسة.
عقد إجارة يمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجَرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة ،
واقترن به وعد ببيع العين المؤجَرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفق عليه الطرفان.
عقد إيجار يمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجَرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة ، ويعطي المؤجِر للمستأجر حق الخيار في تمليك العين المؤجَرة في أي وقت يشاء ، على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق – وذلك وفق قرار المجمع السابق رقم 44 (6/5) ، أو حسب الاتفاق في وقته.
رابعاً : هناك صور من عقود التأجبر المنتهي بالتمليك محل الخلاف ، وتحتاج إلى دراسة تُعرض في دورة قادمة – إن شاء الله تعالى –.
- صحكوك التأجير :
يوصي المجمع بتأجيل موضوع صكوك التأجير لمزيد من البحث والدراسة ليطرح في دورة لاحقة.
والله سبحانه وتعالى أعلم (1)
______________
انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، الدورة الثانية عشرة (1/697-699).
قرار مجلس هيئة كبار العلماء في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك
فرار رقم [198] وتاريخ 6/11/1420هـ (1)
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء درس موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك في دوراته التاسعة والأربعين ، والخمسين ، والحادية والخمسين ، بناء على استفتاءات متعددة وردت إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء ، واطلع على البحوث المعدة في الموضوع من قِبل عدد من الباحثين ، وفي دورته الثانية والخمسين المنعقدة في مدينة الرياض ابتداء من تاريخ 29/10/1420هـ ، استأنف دراسة هذا الموضوع ، وبعد البحث والمناقشة رأى المجلس بالأكثرية أن هذا العقد غير جائز شرعاً لما يأتي :
أولاً : أنه جامع بين عقدين على عين واحدة غير مستقر على أحدهما وهما مختلفان في الحكم متنافيان فيه ، فالبيع يوجب انتقال العين بمنافعها إلى المشتري ، وحينئذٍ لا يصح عقد الإجارة على المبيع ؛ لأنه ملك للمشتري ، والإجارة توجب انتقال منافع العين فقط إلى المستأجر ، والمبيع مضمون على المشتري بعينه ومنافعه ، فتلفه عليه عيناً ومنفعة ، فلا يرجع بشيء منهما على البائع ، والعين المستأجرة من ضمان مؤجرها ، فتلفها عليه عيناً ومنفعة ، إلا أن يحصل من المستأجر تعدٍ أو تفريط.
ثانياً : أن الأجرة تقدر سنوياً أو شهرياً بمقدار مقسط يستوفي به قيمة المعقود عليه ، يعده البائع أجرة من اجل أن يتوثق بحقه حيث لا يمكن للمشتري بيعه ، مثال ذلك : إذا كانت قيمة العين التي وقع عليها العقد خمسين ألف ريال ، وأجرتها شهرياً ألف ريال حسب المعتاد جعلت الأجرة ألفين ، وهي في الحقيقة قسط من الثمن حتى تبلغ القيمة المقدرة ، فإن أعسر بالقسط الأخير مثلاً سحبت منه
______________
نقل هذا القرار خالد الحافي في كتابه الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي (صـ 273-274).
بناء على أنه استوفى المنفعة ، ولا يخفى ما في هذا من الظلم والإلجاء إلى الاستدانة إيفاء القسط الأخير.
ثالثاً : إن هذا العقد وأمثاله أدى إلى تساهل الفقراء في الديون حتى أصبح ذمم كثير منهم مشغولة منهكة ، وربما يؤدي إلى إفلاس بعض الدائنين ؛ لضياع حقوقهم في ذمم الفقراء.
ويرى المجلس أن يسلك المتعاقدان طريقاً صحيحاً وهو أن يبيع الشيء ويرهنه على ثمنه ، ويحتاط لنفسه بالاحتفاظ بوثيقة العقد واستمارة السيارة ، ونحو ذلك.
والله الموفق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الخاتمة
نختم هذا البحث بأبرز النتائج التي توصلنا لها ، وهي :
أكثر صور عقد التأجير المنتهي بالتمليك انتشاراً وتداولاً هي :
إجارة تنتهي بالتمليك دون دفع ثمن سوى الأقساط الإيجارية ، وهي صورة ممنوعة باطلة.
ب - اقتران الإجارة ببيع الشيء المؤجر بثمن رمزي ، أو حقيقي ، فإن كان الثمن رمزياً فالصورة غير صحيحة ، وإن كان حقيقياً فالصورة صحيحة.
اقتران الإجارة بوعد بالبيع ، وهذه الصورة صحيحة.
اقتران الإجارة بوعد بالهبة ، وهذه الصورة صحيحة.
هـ- اقتران الإجارة بوعد من المؤجر للمستأجر بأن يجعل له في نهاية مدة الإجارة الحق في أحد ثلاثة أمور :
الأول : تملك السلعة مقابل ثمن.
الثاني : مد مدة الإجارة.
الثالث : إعادة السلعة إلى المؤجر.
وهذه الصورة صحيحة.
جواز اشتراط عقد في عقد جائز ولا بأس به إلا إذا كان أحد العقدين قرضاً.
الأصل في الشروط الحل والصحة.
جواز تعليق عقد البيع على شرط مستقبل.
جواز تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل.
الوعد ملزم ، ويجب الوفاء به.
وآحر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
تم بحمد الله
الفهارس العامة
ويشتمل على :
فهرس المصادر والمراجع.
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث.
فهرس الموضوعات.
فهرس المصادر والمراجع
مصادر هذا البحث ومراجعه بعد القرآن الكريم هي :
الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي ، تأليف خالد بن عبد الله بن براك الحافي ، الطبعة الثانية 1421هـ.
الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، اختارها الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي ، أشرف على تصحيحه الشيخ عبد الرحمن حسن محمود ، الناشر المؤسسة السعيدية في الرياض.
أسنى المطالب شرح روض الطالب ، للقاضي أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي ، وبهامشه حاشية الشيخ أبي العباس بن أحمد الرملي الكبير الأنصاري ، الناشر دار الكتاب الإسلامي في مصر.
الأم ، للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، خرّج أحاديثه وعلّق عليه محمود مطرجي ، الناشر دار الكتب العلمية في لبنان ، الطبعة الأولى 1413هـ.
أنيس الفقهاء في تعريف الألفاظ المتداولة بين الفقهاء ، للشيخ قاسم القونوي ، تحقيق الدكتور أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي ، الناشر دار الوفاء للنشر والتوزيع في السعودية – جدة ، الطبعة الأولى 1406هـ.
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، للإمام علاء الدين أبي بكر ابن مسعود الكاساني الحنفي ، تحقيق محمد خير طعمه حلبي ، الناشر دار المعرفة في لبنان ، الطبعة الأولى 1420هـ.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي ، تحقيق ماجد الحموي ، الناشر دار ابن حزم في لبنان ، الطبعة الأولى 1416هـ.
المبسوط ، لشمس الدين السرخسي ، الناشر دار المعرفة في لبنان ، طُبع عام 1414هـ.
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ، تأليف فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي ، الناشر دار الكتاب الإسلامي ، الطبعة الثانية.
تحرير الكلام في مسائل الالتزام ، للإمام أبي عبد الله محمد بن محمد الحطاب ، تحقيق عبد السلام محمد الشريف ، الناشر دار الغرب الإسلامي في لبنان ، الطبعة الأولى 1404هـ.
حاشية ابن عابدين على شرح الشيخ علاء الدين محمد بن علي الحصكفي لمتن تنوير الأبصار للشيخ شمس الدين التمرتاشي ، تحقيق عبد المجيد طعمه حلبي ، الناشر دار المعرفة في لبنان ، الطبعة الأولى 1420هـ.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، للعالم شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقي على الشرح الكبير ، لأبي البركات سيدي أحمد الدروير ، وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للمحقق سيدي الشيخ محمد عليش ، الناشر دار الفكر.
رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ، لمحمد أمين الشهير بابن عابدين ، دراسة وتحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود ، والشيخ علي محمد معوض ، الناشر دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع في المملكة العربية السعودية ، طُبع عام 1423هـ.
الذخيرة ، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي ، تحقيق الأستاذ محمد بو خبزة ، الناشر دار الغرب الإسلامي في لبنان ، الطبعة الأولى 1994م.
الروض المربع بشرح زاد المستقنع ، للشيخ منصور بن يونس البهوتي ، مراجعة وتحقيق وتعليق محمد عبد الرحمن عوض ، الناشر دار الكتاب العربي في لبنان ، الطبعة الثانية 1406هـ.
سنن أبي داود ، حكم على أحاديثه وآثاره وعلّق عليه : محمد ناصر الدين الألباني ، الناشر مكتبة المعارف للنشر والتوزيع في الرياض ، الطبعة الأولى.
سير أعلام النبلاء ، تصنيف الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، الناشر مؤسسة الرسالة ، الطبعة الحادية عشرة 1422هـ.
صحيح سنن الترمذي ، لمحمد ناصر الدين الألباني ، الناشر مكتبة المعارف للنشر والتوزيع في الرياض ، الطبعة الثانية 1422هـ.
عقد البيع والمقايضة للدكتور ، توفيق حسن فرج ، الناشر مؤسسة الثقافة الجامعية ، طُبع عام 1985م.
العقود الشائعة والمسماة ، للدكتور جاك الحكيم ، الناشر دار الفكر في لبنان ، طُبع عام 1970م.
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم ، شرح السيد أحمد بن محمد الحموي ، الناشر دار الكتب العلمية في لبنان ، الطبعة الأولى ، 1405هـ.
الفتوحات الربانية على الأذكار النووية ، لمحمد علان الصديقي ، الناشر دار الفكر في لبنان ، طُبع عام 1398هـ.
الفروق ، لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المشهور بالقرافي ، وبهامشه الكتابين تهذيب الفروق ، والقواعد السنية في الأسرار الفقهية ، الناشر دار عالم الكتب.
المبدع في شرح المقنع ، لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد ابن مفلح ، الناشر المكتب الإسلامي في دمشق ، طُبع عام 1394هـ.
المجلة العربية ، والتي تصدر في المملكة العربية السعودية ، عدد 294 ، السنة 26 ، عدد رجب 1422هـ.
مجلة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي.
المجموع شرح المهذب للشيرازي ، للإمام أبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي ، تحقيق محمد نجيب المطيعي ، الناشر دار عالم الكتب للطباعة والنشر ، طُبع عام 1423هـ.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ، وساعده ابنه محمد ، الناشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، طُبع عام 1415هـ.
معجم مقاييس اللغة ، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ، تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون ، الناشر دار الجيل في لبنان ، طُبع عام 1420هـ.
المغني ، لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن قدامة المقدسي ، تحقيق الدكتور عبد الله ابن عبد المحسن التركي ، والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو ، الناشر مطبعة هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان في القاهرة ، الطبعة الثانية 1412هـ.
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، شرح الشيخ محمد الشربيني الخطيب ، على متن المنهاج لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي ، الناشر دار إحياء التراث العربي في لبنان.
المقنع ، لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة ، والشرح الكبير ، لشمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي ، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ، لعلاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرداوي ، تحقيق عبد الله عبد المحسن التركي ، الناشر مطبعة هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان ، الطبعة الأولى 1415هـ.
فهرس الآيات القرآنية
{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم ... } (6) سورة الطلاق .......................................... 10
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... } (3) سورة المائدة .................... 2
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ... وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ... } (275) سورة البقرة .............................. 2
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ... } (26 - 27) سورة القصص ................................. 10
{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ... فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ... } (77) سورة الكهف ... 11
{لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء ... مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ... } (91) سورة التوبة .................... 31
{وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (8) سورة المؤمنون ..................................... 32
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ...} (64) سورة النحل ................................. 2
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ ... وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ ...} (233) سورة البقرة ....10
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ... } (1) سورة المائدة ....................................... 32
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ... } (29) سورة النساء ................... 2
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ... } (2 - 3) سورة الصف ......................... 32
فهرس الأحاديث
« أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله » ....................................... 11
استأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلاً من بني الديل ............. 11 ، 12
« إن قُتل زيد فجعفر ، وإن قُتل جعفر فعبد الله بن رواحة » .................... 29
« آية المنافق ثلاث ، إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان » .... 32
« الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرّم حلالاً ، أو أحل حرماً » ............ 27
« قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ... » ........................... 11
« لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ... » ............................... 24 ، 25 ، 27
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة .......................... 24 ، 25
فهرس الموضوعات
المقدمة ............................................................................... 2
عنوان البحث .......................................................................... 2
أهمية موضوع البحث وسبب اختياره .................................................... 3
خطة البحث ........................................................................... 3
منهج البحث ........................................................................... 5
تمهيد ................................................................................. 7
تعريف الإجارة ....................................................................... 8
الإجارة في اللغة ......................................................................... 8
الإجارة في الاصطلاح ................................................................... 8
تعريف التمليك ....................................................................... 9
التمليك في اللغة ......................................................................... 9
التمليك في الاصطلاح ................................................................... 9
مشروعية الإجارة .................................................................... 10
الأدلة على مشروعية الإجارة من القرآن .................................................. 10
الأدلة على مشروعية الإجارة من السنة ................................................... 11
الدليل على مشروعية الإجارة من الإجماع ................................................ 12
الدليل على مشروعية الإجارة من القياس ................................................. 13
الفصل الأول ...................................................................... 14
تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك .................................................... 15
تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك عند الفقهاء .............................................. 15
تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك عند القانونيين ............................................ 15
نشأة الإجارة المنتهية بالتمليك ...................................................... 16
سبب نشأة الإجارة المنتهية بالتمليك ..................................................... 16
أسماء عقد الإجارة المنتهية بالتمليك ...................................................... 16
نشأة عقد الإجارة المنتهية بالتمليك وتطوره .............................................. 16
صور الإجارة المنتهية بالتمليك ..................................................... 19
الصورة الأولى ......................................................................... 19
الصورة الثانية .......................................................................... 19
الصورة الثالثة .......................................................................... 20
الصورة الرابعة ......................................................................... 20
الصورة الخامسة ....................................................................... 20
الفصل الثاني ....................................................................... 22
اشتراط عقد في عقد ................................................................ 24
اختلاف العلماء في مسألة اشتراط عقد في عقد ......................................... 24
القول الأول ........................................................................... 24
أدلة القول الأول ....................................................................... 24
القول الثاني ............................................................................ 25
الترجيح ............................................................................... 25
اشتراط شرط أو أكثر في عقد من عقود المعاوضات المالية ......................... 26
حكم اقتران عقود المعاوضات بشرط واحد ............................................. 26
القول الأول ............................................................................ 26
القول الثاني ............................................................................ 26
القول الثالث ........................................................................... 26
القول الرابع ............................................................................ 27
القول الخامس .......................................................................... 27
حكم اشتراط أكثر من شرط في عقود المعاوضات المالية ................................. 27
اختلاف العلماء في تفسير حديث « لا يحل سلف وبيع ... » ............................ 27
القول الأول ............................................................................ 27
القول الثاني ... ......................................................................... 28
تعليق عقد البيع على شرط مستقبل ................................................ 29
اختلاف العلماء في مسألة تعليق عقد البيع على شرط مستقبل ........................... 29
القول الأول ........................................................................... 29
دليل القول الأول ...................................................................... 29
القول الثاني ............................................................................ 29
أدلة القول الثاني ........................................................................ 29
الراجح ................................................................................ 29
تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل ................................................. 30
اختلاف العلماء في مسألة تعليق عقد الهبة على شرط مستقبل ............................ 30
القول الأول ............................................................................ 30
القول الثاني ............................................................................ 30
الراجح ................................................................................ 30
حكم الوعد والإلزام به ............................................................. 31
اختلاف العلماء في مسألة حكم الوعد والإلزام به ....................................... 31
القول الأول ............................................................................ 31
دليل القول الأول ....................................................................... 31
القول الثاني ............................................................................ 31
القول الثالث ........................................................................... 31
دليل القول الثالث ...................................................................... 31
القول الرابع ............................................................................ 31
أدلة القول الرابع ........................................................................ 32
الراجح ................................................................................ 32
الفصل الثالث ...................................................................... 33
حكم صورة الإجارة المنتهية بالتمليك .............................................. 35
تكييف هذه الصورة في القانون .......................................................... 35
تكييف هذه الصورة في الفقه الإسلامي ................................................... 36
حكم صورة الإجارة المقرونة ببيع السلعة .......................................... 38
اقتران الإجارة ببيع الشيء المؤجَر بثمن رمزي .......................................... 38
اقتران الإجارة ببيع الشيء المؤجَر بثمن حقيقي ......................................... 40
حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالبيع .......................................... 41
حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد بالهبة .......................................... 43
حكم صورة الإجارة المقرونة بوعد ببيع السلعة أو مد مدة الأجرة أو إعادة
السلعة لمالكها ....................................................................... 44
أحكام عامة في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك ...................................... 45
الملحقات ........................................................................... 47
قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم 110 (12/4) بشأن موضوع الإيجار
المنتهي بالتمليك ، وصكوك التأجير ................................................ 48
قرار مجلس هيئة كبار العلماء في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك ................ 51
الخاتمة ............................................................................... 53
الفهارس العامة .................................................................... 55
فهرس المصادر والمراجع ............................................................... 56
فهرس الآيات القرآنية ................................................................. 61
فهرس الأحاديث ...................................................................... 62
فهرس الموضوعات .................................................................... 63
الأثار الإقتصادية للزكاة
|
الكتاب : الآثار الإقتصادية للزكاة |
الآثار الإقتصادية للزكاة
د. محمد علي سميران
د. محمد راكان الدغمي(1)
الملخص
الزكاة فريضة مالية إسلامية تطبق على المسلمين، وهي واجب شرعي، وحق للفقراء على الأغنياء، ممّن ملك النصاب، وحال عليه الحول، وليست منة ولا استجداء.
وقد بيّنت الدراسة الدور التمويلي والإستثماري والتوزيعي لفريضة الزكاة، في تحقيق الإستقرار الإقتصادي في المجتمع المسلم، من خلال تحريكها للأنشطة الإقتصادية والمالية، والقضاء على الفقر، ومحاربة البطالة، وبالتالي الإستقرار والأمن والأمان .
وخلصت الدراسة إلى أن تطبيق الزكاة في المجتمع المسلم أوفر دخلاً، وأكثر راحة لنفسية المكلف من ضريبة الدخل، طالما أن الأفراد يلتزمون بأحكام الشريعة الإسلامية، ويؤدون الزكاة في وقتها المحدد.
Abstract
“Zakah” is an obligatory annual Islamic tax paid by all wealthy Muslims and distributed to the poor as a right not as a charity. All sorts of wealth and property whether in money or in kind amounting to, or exceeding a specific minumum, “Nisab”, and owned by a Muslim for a complete lunar year are subject to “Zakah”.
The study has clearly shown the funding, investing and distributing roles played by “Zakah” in achieving economic stability and security in the Muslim society. Zakah encourages financial and economic activites and eliminates poverty and unemployement in the society.Its application is far better financially and psychologically for the society than the income tax as far as the Muslims abide by the Islamic laws and pay and distribiute their “Zakah” in time.
المقدمة
__________
(1) * ) كلية الدراسات الفقهية والقانونية، جامعة آل البيت، المفرق – الأردن .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن إتبع دعوته وسار على نهجه إلى يوم الدين، وبعد:
فقد شغل المال الفكر الإنساني منذ القدم، وفطر الإنسان على حبه قال تعإلى:(وتحبون المال حباً جماً)(1)، فتراه يجد ويتعب في سبيل ذلك لكسب ما يشبع حاجاته وحاجات من يعول، وتفاوت الأفراد في الإكتساب وطلب الرزق والجد والعمل، ولهذا إعتبر الإسلام أن الفقر والغنى حقيقتان ثابتتان، وقرر أنهما من طبيعة الوجود الإنساني، بدليل قوله تعإلى: "فأما الإنسان إذا ما إبتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن"(2).
ويعاني العالم اليوم من مشكلات إقتصادية، أوقعته في مصائب لا حصر لها من الفقر والبطالة والمديونية نتيجة عدم تطبيقه شرع الله، والتقيد بتعاليم الإسلام الإقتصادية.
هذا وتعدّ فريضة الزكاة من أهم موارد الدولة المالية، والمحرك الفعال التي تحث المسلمين على إستثمار أموالهم حتى لا تأكلها الصدقة، زيادة على توصيل الأموال من الأغنياء إلى الفقراء التي ستنفق في الغالب لقضاء حاجاتهم الإستهلاكية من سلع أو خدمات، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الإستثمار، والذي يؤدي إلى الانتعاش الإقتصادي، وتوفير فرص عمل جديدة.
أهمية الموضوع:
يعدّ هذا الموضوع من الأمور الهامة المعاصرة، ويحتاج إلى دراسات متعددة – مع كثرة ما كتب – في جوانبه المختلفة، ولإثراء ما كتب حول هذا الموضوع من دراسات سابقة، مما دعانا إلى الكتابة فيه، وتبيان دور الزكاة التمويلي والإستثماري والتوزيعي في حل مشكلة البطالة وتحقيق الإستقرار الإقتصادي في المجتمع الإسلامي الواحد.
أهداف الدراسة :
وتهدف الدراسة إلى الإجابة على التساؤلات التي تقلل من آثار الزكاة الإقتصادية في المجتمع المسلم،وبيان ذلك من خلال أدوار الزكاة التمويلية والإستثمارية والتوزيعية في تحريك الفعاليات الإقتصادية، والتخفيف من حدة مشكلة الفقر والبطالة في المجتمع المسلم عنها في المجتمعات الأخرى. ووصولاً إلى تحقيق أهداف الدراسة في بيان آثار الزكاة الإقتصادية ودورها في تحقيق الإستقرار الإقتصادي، قسمت الدراسة إلى ستة مطالب وهي كالتالي:
المطلب الأول: مفهوم الزكاة في الإسلام.
المطلب الثاني : الدور التمويلي للزكاة .
المطلب الثالث : الدور الإستثماري للزكاة .
المطلب الرابع : الدوري التوزيعي للزكاة .
المطلب الخامس : أثر الزكاة في التضييق على وسائل الإنتاج المعطلة .
المطلب السادس : أثر الزكاة في القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل.
خاتمة البحث :
والله أسأل أن يوفقنا للصواب، ويجنبنا الزلل في الأقوال والأفعال، إنه سميع قريب مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
المطلب الأول
مفهوم الزكاة في الإسلام
الزكاة : النّماء والريّع، زكاءً وزكوا، والزكاة ما أخرجه الله من الثمر، والزكاة، زكاة المال المعروفة، وهي تطهيره، والفعل منه زكّى يزكّي تزكية: إذا أدى عن ماله زكاته، والزكاة ما أخرجته من مالك لتطهيره، فالزكاة تأتي بمعنى النماء والطهارة(3).
ثانياً: مفهوم الزكاة إصطلاحاً
وردت تعريفات كثيرة للزكاة وكلها تدور حول فرضية الزكاة والمال الذي تجب فيه الزكاة، زيادة على وقت الزكاة، ولمن تدفع الزكاة، والتعريف الجامع لذلك ما ذكره البهوتي، حيث قال عن الزكاة بأنها: "حق واجب في مال مخصوص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص(4).
ثالثاً: شرح التعريف المختار
قول "حق واجب" أي أن الزكاة حق واجب للفقراء على الأغنياء وليس منِّة أو صدقة، ويقاتل من منع الزكاة حتى يؤديها إلى أصحابها، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه(5).
قوله "في مال مخصوص" أي المال الذي وجبت فيه الزكاة، فهي تجب في كل عشرين ديناراً ذهباً(6). ومائتي درهم فضة(7)، وفي خمس من الإبل، وثلاثين رأساً من البقر، وأربعين من الغنم(8) بشروط مخصوصة لكل نوع من الأنواع السابقة، زيادة على الحق الواجب في الزروع والثمار، "ويعتقد الفقهاء والإقتصاديون المعاصرون أن الزكاة من قسم الضرائب النسبية لثبات سعرها عند 2.5% في النقود، 5% في الزرع الذي يُسقى بآلة، 10% في الزرع الذي لا يُسقى بها، ثم أجروا نفس الحكم على زكاة الماشية (الإبل والبقر والغنم) بالحدس(9).
قوله "لطائفة مخصوصة"، أي ما ذكرتهم الآية الكريمة بقوله تعإلى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وإبن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم(10).
قوله "في وقت مخصوص"، أي أن زكاة الأثمان لا تجب إلا بعد مرور الحول عليها وكذلك الماشية إذا بلغت النصاب، وأما الزروع والثمار فزكاتها تستحق وقت الحصاد، لقوله تعإلى:"وءاتوا حقه يوم حصاده"(11).
الفرع الثاني: الإرتباط بين المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي
الإرتباط بين المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي ظاهر، إذ إن الزكاة في اللغة هي النماء والبركة والطهارة، وكذلك في المعنى الإصطلاحي فالبركة والنماء والطهارة لمن زكى أمواله ولا تُنْقص الزكاة المال بل تزيده وتطهر المال من شوائب الحرام، والغني من البخل، والفقير من الحقد، فكان المعنى الإصطلاحي مرتبطاً ومراعياً للمعنى اللغوي ومتضمناً إياه.
المطلب الثاني
الدور التمويلي للزكاة
يعدّ التمويل من أهم موارد الدولة، إذ إنه : "وجود القدر الكافي من الموارد والطاقات المادية والبشرية التي تم حشدها، وتعبئتها لتشيد الإستثمارات المختلفة(12).
وتعدّ الزكاة من أهم موارد الدولة التمويلية من حيث، تعداد مواردها ومصادرها، ويظهر ذلك من خلال أدوارها المباشرة وغير المباشرة، وسوف أبين ذلك من خلال الفروع الآتية:
الفرع الأول: من حيث حصيلتها
الزكاة تكليف مالي عقائدي تدخل في صميم الأعمال الإيمانية، التي يقوم عليها إسلام المرء، فهي الفريضة الواجبة بعد الصلاة مباشرة، وهي المصدر المالي الأولي لبيت مال المسلمين، إذ يقبل عليها الأفراد على أنها ركن من أركان الإسلام، وبأنها حق وواجب لأصحابها، وليست مِنِّة ولا صدقة .
والزكاة لا تحتاج إلى إيقاظ الضمير المسلم، على الجانبين: الجهاز والممولين، فبالنسبة للمول، فإنه لا يقدم الزكاة للدولة، إنما قدمها لله رب العالمين، الذي يعبده بالصلاة، ويعبده بالزكاة، ويعبده بالعمل لتحقيق التنمية، وعمارة الأرض، وبالنسبة لجهاز التحصيل، فإنه بجانب الحافز المادي، يعمل على إقامة فريضة من فرائض دينه، وتطبيق شرع الله في الأرض(13).
وإذا تأملنا فريضة الزكاة من حيث أسعارها (مقدار الزكاة) ومن حيث وعاؤها (الأموال التي تجب فيها الزكاة) فإننا نلاحظ بأنها فريضة مالية تشمل الثروات النامية جميعها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد أنها تمثل نسباً فعالة ومجدية، فهي تصل في بعض الثروات إلى 20% (مثل ضريبة الركاز من الذهب والفضة ففيها الخمس أي مقدار الضريبة هنا 20%)(14)، ولا تقل هذه الفريضة عن 2.5% في الثروة النقدية وعروض التجارة (على رأس المال والدخل معاً) بعد حسم الديون المستحقة(15).
وهنا نلاحظ أن الزكاة لم تفرض على مال دون آخر، بل كل نوع من أنواع الأموال يخضع للزكاة بصورة مستقلة عن النوع الآخر.
وفيما يتعلق بتحديد مقدار الزكاة، نجد أن الزكاة قد راعت الظروف الإقتصادية والإجتماعية والنفسية للمكلف، (أي أنها راعت الظروف التكليفية للمول فنجد وفقاً لطبيعة الوعاء تحدد مقدار الزكاة فيكون نسبة مئوية إذا كان الوعاء مثلياً (النقود)، ويكون المقدار بالوحدة عندما يكون المقدار لا يسمح إلا بالأداء العيني (كالماشية)، بل وتسهيلاً على المكلفين وتمشياً مع هذا الغرض (مراعاة ظروف الممول) حددت الوحدة في الماشية على أساس من السن(16)، وعلى العموم إذا تتبعنا أوعية الزكاة المختلفة ومقدار الزكاة في كل وعاء نجد إرتباطاً وثيقاً بين طبيعة كل وعاء منها، والمقدار المطبق عليه بشكل يمكن معه القول بأنه في تحديد مقدار الزكاة روعي البساطة والإعتدال، ولا سيما إذا ما قورنت بالضرائب التي كانت مطبقة في الدول المجاورة في ذلك الوقت(17).
ولبيان دور الزكاة التمويلي من حيث حصيلتها لا بد من إفراد كل نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة وبيان مقدار نصابها، ونسبة الزكاة فيها، وهي كما يلي :
النقدان: الذهب والفضة، وهما الأثمان، ودليل مشروعية الزكاة فيهما، قوله تعإلى:(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)(18). وأكدت السنة النبوية ما جاء بيانه في القرآن الكريم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار)(19). نصاب الذهب والفضة (مقدار الواجب فيهما).
حددت السنة النبوية الشريفة مقدار الواجب في الذهب والفضة، فعن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانتا لك مائتا درهم وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء– يعني من الذهب والفضة – حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً، وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك)(20).
وورد كذلك في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ليس فيما دون خمس أواق صدقة)(21) أي من الفضة .
مما تقدم يتضح أنه لا زكاة في الذهب الخالص حتى يبلغ عشرين ديناراً، وأما الفضة فلا زكاة فيها حتى تبلغ مائتي درهم، فإذا تحققت فيها شروط الوجوب من بلوغ النصاب، وحولان الحول، والفراغ من الدين، والفضل عن الحاجات الأصلية، وجبت فيها الزكاة(22). ويظهر كذلك إنخفاض نصاب الزكاة فيها، وإتساع وعائها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد، وأنه ما زاد عن النصاب فبحسابه قل أو كثر، لأنه لا عفو في زكاة النقد بعد بلوغ النصاب.
الماشية: وتطلق على الإبل والبقر والغنم، وقد أجمعت الأمة على وجوب العمل بالأحاديث الصحيحة التي أوجبت الزكاة فيها(23)، وكما ورد الوعيد بالعذاب الشديد يوم القيام لمن لم يؤد حقها، فعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده، والذي لا إله غيره، أو كما حلف، ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي حقها، إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه، تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها ردت عليه أولادها حتى يقضي بين الناس)(24)، وفيما يلي أنصبة الماشية كما يلي :
نصاب الإبل :
أجمع المسلمون على وجوب الزكاة فيها(25)، وأنه لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً، وكما في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم:(وليس فيما دون خمس ذود صدقة)(26)، وكذلك حديث أنس رضي الله عنه، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، وفيه .... في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم، من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى(27)، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى(28)، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل(29)، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتاً لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقه(30).
وتطهر مما تقدم إنعقاد الإجماع على هذه المقادير، وإن أقل نصاب خمس من الإبل، فإذا تحققت فيها شروط الوجوب من بلوغ النصاب، وحولان الحول، وأن تكون سائمة، وألا تكون عاملة وجبت فيها الزكاة(31). وبهذا يتبين إنخفاض نصاب زكاة الإبل، وإتساع وعائها، لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد .
نصاب البقر :
قال جمهور العلماء على أن في ثلاثين من البقر تبيعاً، وفي أربعين مسنة، وليس فيما دون ثلاثين زكاة(32)، وحجية هذا القول ما روى مسروق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة(33).
فإذا تحقق فيها شروط الوجوب من بلوغ النصاب، وحولان الحول، وأن تكون سائمة، وألا تكون عاملة وجب فيها الزكاة. ومما تقدم يتضح إنخفاض نصاب زكاة البقر، وإتساع وعائها كذلك.
نصاب الغنم :
أجمع العلماء(34) على أن في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة، شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على العشرين ومائة ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت على المائتين فثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا زادت على الثلاثمائة ففي كل مائة شاة، ودليل ذلك حديث أنس رضي الله عنه في كتاب أبي بكر رضي الله عنه في زكاة الإبل(35).
ويعلق القرضاوي على زكاة الغنم، ويذكر أن الواجب في الغنم يختلف عنه في الإبل والبقر كما في النقود وعروض التجارة الذي لا يتجاوز 2.5%، أي ربع العشر، ويرد على رأي شوقي إسماعيل، وفيه يذكر أن سبب ذلك هو أن الشريعة قصدت من وراء ذلك تشجيع إنتاج الثروة الحيوانية، وجعلت فيه الضريبة ذات تصاعد معكوس، ويرد عليه القرضاوي أن ذلك ليس مطرداً في الثروة الحيوانية، إذ إن الواجب في الإبل إذا كثرت في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وكذلك البقر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة، أي بمتوسط ربع العشر 2.5 بالمئة تقريباً، ويرجح رأيه الذي يذكر فيه أن السبب هو أن الغنم إذا كثرت من الضأن والماعز وجد فيه الصغار بكثرة، لأنها تلد في العام أكثر من مرة، وأكثر من واحد، وهذه الصغار تحسب على أرباب المال ولا تقبل منهم، لهذا استحقت الغنم هذا التخفيف على أصحاب المال، تحقيقاً للعدل الذي حرصت عليه الشريعة(36).
فنصاب الأغنام تختلف عن باقي أنواع الثروة الحيوانية لهذا السبب وفيه تتحقق العدالة، خاصة عند احتساب صغار الماشية في النصاب وعدم قبول الأخذ منها.
الزروع والثمار:
لقد أوجبت الشريعة الإسلامية الزكاة في الزروع والثمار، ويستدل لذلك، بما يلي :
أولاً: من الكتاب الكريم بقوله تعإلى: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم، ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه"(37).
وقال الشوكاني : "وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن الآية في الصدقة المفروضة، وذهب آخرون إلى أنها نعم صدقه الفرض والتطوع"(38).
ثانياً: ويستدل كذلك من السنة النبوية على وجوب زكاة الزروع والثمار بما ورد في الصحيح عن إبن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثرياً – ما يشرب من غير سقي – العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)(39).
ثالثاً: وكذلك أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب العشر، أو نصفه فيما أخرجته الأرض من الزروع والثمار(40).
وذهب جمهور العلماء إلى أن الزكاة لا تجب في الزروع والثمار حتى يبلغ خمسة أوسق(41) وإستدلوا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)(42). وأما الواجب في الزروع والثمار هو العشُر ي الزروع والثمار المروية بماء المطر، ونص العشُر يما سُقيبالري والساقية، وذلك للحديث السابق: " يما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشُر وما سُقي بالنضح نصف العشُر "
وذهب أبو حنيفة إلى عدم اشتراط النصاب في زكاة الزروع والثمار، فتجب الزكاة في قليل ذلك وكثيرة(43)، واستدلوا لذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء العشر)(44).
ومما تقدم يتضح لنا أن الإعفاءات في الزروع والثمار تكون مرتفعة، وذلك لإعفاء الأرض من الزكاة، وإنما الواجب في الزروع والثمار فقط، بينما نجد أن نسبة الزكاة مرتفعة قد تصل إلى العشر أو نصف العشر .
زكاة الثروة التجارية (عروض التجارة) :
تعتبر التجارة مصدراً مهماً من مصادر الثروة، ومن أنواع الكسب المشروع في الإسلام، لذلك اعتنى بها الإسلام، وشجع الأفراد للإقبال عليها، فهي المحرك للمال، والجالب للثروة، وهذا ما جعل الإسلام يفرض عليها زكاة سنوية، كزكاة النقود، شكراً لنعمة الله تعإلى، ووفاء بحق ذوي الحاجات من عباده . ويستدل لوجوب زكاة التجارة بما يلي :
أولاً: من الكتاب الكريم قول الله سبحانه وتعإلى:( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتهم ومما أخرجنا لكم من من الأرض)(46).
يقول إبن كثير عند تفسيره لهذه الآية : "يأمر تعإلى عباده المؤمنين بالإنفاق، والمراد به الصدقة ههنا قاله إبن عباس من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها، قال مجاهد: يعني التجارة(47).
ثانياً: من السنة النبوية
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : (في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته)(48).
ثالثاً: الإجماع
وقد نقل الإجماع على ذلك: قال إبن المنذر: "اجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة إذا حال عليها الحول(49)، وكذلك نقل أبو عبيد الإجماع على أن الزكاة فرض واجب في عروض التجارة(50). ونصاب زكاة عروض التجارة ومقدار الواجب فيه كما في النقود، ويتم احتساب زكاة عروض التجارة كما يلي :
قال إبن سلام حدثنا يزيد عن هشام عن الحسن قال : "إذا حضر الشهر الذي وقت الرجل أن يؤدي فيه زكاته أدى كل مال له، وكل ما ابتاع من التجارة، وكل دين إلا ما كان منه ضماراً"(50).
وكذلك قال : حدثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال : "إذا حلت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض للبيع فقومه قيمة النقد، وما كان من دين في ملأه – أي على مليء، غني – فاحسبه ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين، ثم زك ما بقي"(52).
وبهذا يتضح أن نصاب عروض التجارة كنصاب النقود، ومقدار زكاتها 2.5%، أي إنخفاض نصاب الزكاة فيها، وإتساع وعائها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأفراد، أي أن الإعفاء قليل، ونسبة الزكاة قليلة.
ومما تقدم نخرج بنتيجة أن الإعفاءات في الزروع والثمار تكون في أصل الأرض والمواد الزراعية، في حين نسبة الزكاة مرتفعة، وأما النقود والأنعام وعروض التجارة فالإعفاءات قليلة ونسبة الزكاة ومقدارها كذلك قليل، وهذا ما يحفز أصحاب الدخول من النقود والأنعام وعروض التجارة التي تشملها الزكاة لإستثمار أموالهم وإلا أكلتها الزكاة.
الفرع الثاني : من حيث ما تحرره من موارد معطلة في شكل أرصدة نقدية
الزكاة كما هو معلوم تفرض على الأموال النقدية، سواء كانت هذه الأموال عاملة أم معطلة، ويترتب على هذا أن الزكاة تعتبر مصدراً تمويلياً هاماً، إذ لا يقف بها الحد عند المقدار الذي تحصله فقط، مع العلم بإتساع هذا المقدار وضخامته إلاّ أن الزكاة تقدم تمويلاً أيضاً بمقدار ما تحرره من رؤوس أموال نقدية معطلة ومكنّزة، ولهذا، كثيراً ما نجد التوجيهات والأوامر النبوية تحت أوصياء اليتامى على إستثمار أموالهم، فقد ورد في الحديث الشريف(ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)(53).
ولهذا لم يفرط الإسلام في المال الخاص حتى ولو كان صاحبه صبياً أو مجنوناً، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحث على إستثمار أموال اليتامى إذ قال : (ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة)(54) لأن الزكاة يراد بها ثواب المزكي ومواساة الفقير، والصبي المجنون من أهل الثواب وأهل المواساة(55).
والأثر التمويلي المترتب على هذا الحث على الإستثمار والتشغيل هو دخول أموال نقدية جديدة وعديدة إلى مجالات التشغيل والتوظيف بعد أن كانت هذه الأموال والثروات عاطلة ومكتنزة، يقول صاحب الروضة الندية: "من وضع مالاً في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه إلى أهل الحاجات ومصالح المسلمين"(56)، فمن وقف على مسجد أو على الكعبة، أو سائر المساجد في العالم شيئاً فيها لا ينتفع به أحد فهو ليس بمتقرب ولا واقف ولا متصدق لله سبحانه وتعإلى، وهو يدخل في قوله تعإلى:(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)(57)، والإمام الغزالي رحمه الله عند تفسيره لهذه الاية الكريمة يقول : "وكل من اتخذ من الدراهم والدنانير آنية من ذهب أو فضة فقد كفر النعمة وكان أسوأ حالاً مما كنز لأن مثال هذا مثال من استسخر حاكم البلد في الحياكة والمكس والأعمال التي يقوم بها أخساء الناس..، ويقول "من نعم الله تعإلى خلق الدراهم والدنانير، وبهما قوام الدنيا، وهما هجران لا منفعة في أعيانهما، ولكن يضطر الخلق إليهما من حيث أن كل إنسان محتاج إلى أعيان كثيرة في مطعمه وملبسه، وسائر حاجاته، وقد يعجز عما يحتاج إليه، ويملك ما يستغنى عنه، ... فخلق الله تعإلى الدنانير والدراهم حاكمين متوسطين بين سائر الأموال حتى تقدر الأموال بهما....فكل من عمل فيهما عملاً لا يليق بالحاكم بل يخالف الغرض المقصود فقد كفر نعمة الله تعإلى فيهما"(58).
ومعلوم أن إكتناز المال وادخاره وعدم إستثماره وتشغيله في معترك الحياة والتقتير والإسراف إلى حد السفه والترف أمور منهي عنها في الإسلام، والدولة مسؤولة عن منع ذلك. حتى ولو كان الكنز منها، لتأثير ذلك على البلاد، يقول إبن خلدون: "فالمال إنما هو تردد بين الرعية والسلطان منهم إليه، ومنه إليهم، فإذا حبسه السلطان عند فقدته الرعية، سنة الله في عباده"(59)، وكذلك أورد إبن خلدون كتاب طاهر بن الحسين إلى إبنه عبدالله عندما ولاه المأمون ولاية الرقة ومصر، فقال فيه: "واعلم أن الأموال إذا كثرت وادخرت في الخزائن لا تنمو، وإذا كانت في صلاح الرعية وإعطاء حقوقهم، وكف الأذية عنهم نمت وتركت وزكت وصلحت به العامة ..... فليكن كنز خزانتك تفريق الأموال في عمارة الإسلام وأهله"(60).
وللدولة الحق بل عليها مسؤولية أن تتعرف على تلك الأموال ثم تستأدي مها حق الزكاة، وعندما يجد الفرد نفسه قد تحقق عليه الواجب في الزكاة للدولة الإسلامية من جهة، وعدم إستثمار أمواله من جهة أخرى، فإنه سوف يقدم على تحرير تلك الأموال وتشغيلها حتى يؤدي الزكاة من إيرادها لا من أصلها(61).
ومع أن الشرع قد حرم الإكتناز كما في الآية السابقة، إلا أن الزكاة لم تترك هذا المالك المكتنز للعقوبة الآخروية، بل حررته من كنزه لتؤخذ منه الزكاة، والتي تحثه على الإستثمار، وكما ينقل د. قحف عن السيد محمد ارشاد قوله : "لم يعرف العالم بأسره نظاماً إقتصادياً مثل النظام الإسلامي في حله لمشكلة تراكم الثروة المعطلة دون أن تستثمر في تحسين الأحوال المعيشية للمجتمع"، وينقل كذلك عن عبد المنان بأنه يرى الزكاة الأداة الإقتصادية التي لا تقبل المساواة في موضوع الإكتناز لأنها تحد من الميل لإكتناز الثروة وتشكل باعثاً حثيثاً على إستثمار الثروات المجمدة(62).
واليوم نجد أن كثيراً من هذه الأموال المعطلة بالنسبة للأفراد التي تتمثل في الودائع الجارية (وهي ودائع تحت الطلب يحق لصاحبها أن يطلبها أو يسحبها في أي وقت يشاء ولو بعد يوم) لدى البنوك التجارية أو في ودائع حقيقية لديها – مجوهرات معدة للتجارة.........الخ وبالتالي يصبح من السهولة أخذ الزكاة من هذه الأموال المعطلة بقوة القانون، بل يفرض ضرائب عليها بحكم أنها فائضة من جهة، وكحمل للأفراد على إستثمارها وتوظيفها من جهة أخرى، والزكاة تؤدي دوراً هاماً لا في التمويل العام فحسب، بل في التمويل الخاص من حيث تحريرها للمواد المعطلة(63).
وبهذا يظهر لنا أن الإسلام سبق النظريات الحديثة، ففرض الزكاة على جميع الأموال المعدة للنماء، سواء أكانت أموالاً نقدية أم أموالاً عينية، فقد فرض الزكاة بنسب محددة معلومة على الأموال النقدية، وعلى السوائم وهي تشمل الإبل والبقر والغنم التي كانت تمثل في ذلك الوقت طاقة مالية ضخمة، وعلى لزروع والثمار التي تخرجها الأرض، وفائدة الضريبة المتعددة أنها لا تشعر دافع الضريبة بالثقل ولا ترهقه بالدفع لأنها موزعة على جميع أنواع المال، كما أنها تحقق العدالة الضريبية بين الناس من يعمل منهم في ميدان التجارة والزراعة أو من يعمل في ميدان تربية الحيوان(64).
وعند مقارنة فريضة الزكاة بالضرائب المعاصرة لا بد من ملاحظة التكييف القانوني للزكاة الذي يختلف عنه في الضرائب من حيث توافر فكرة الاستخلاف وفكرة التكليف والتكافل الاجتماعي، والإخاء بين المسلمين وغير ذلك من الأمور التي تتميز بها الزكاة، فهي فريضة الخالق بأمور الخلق.
الفرع الثالث : من حيث إنفاقها
كما هو معلوم إقتصادياً بأن المقدرة التمويلية لأي مبلغ لا تقف عند المبلغ ذاته بقدر ما تقف هذه المقدرة عند كيفية إنفاقه، وعند إنفاق هذا المبلغ في مجالات غير مجدية أو غير مفيدة (غير فعالة بلغة الإقتصاد) فسوف تنتهي القدرة لهذا المبلغ عند هذا الحد، أما إذا استخدم هذا المبلغ في مجالات إستثمارية، فإنه ينتج عن ذلك دخول إضافية ورؤوس أموال وعوائد إقتصادية أخرى لهذا المبلغ وبالتالي تعزز هذه المقدرة التمويلية(65).
ومن هنا نلاحظ أن الزكاة لم تصرف إلا لذوي الحاجات من أصحاب المصارف الثمانية وهم الذين فيهم صفة الحاجة والعوز، الذين ذكروا في الآية الكريمة بقوله تعإلى : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وإبن السبيل من الله والله عليم حكيم)(66)، وقد حدد الله تعإلى هذه الأوجه ولم يتركها للإجتهاد سواء كان هذا الإجتهاد من ملك مقرب أو من نبي مرسل، فقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعإلى لم يرض في قسمة الأموال بملك مقرب أو نبي مرسل حتى تولي قسمتها بنفسه)(67).
ونجد كذلك أن الدولة لا تتكلف شيئاً عن الجهاز الإداري للزكاة، وإنما ينفق عليه من واردات الزكاة(68)، بأجرة معلومة على قدر عملهم، ولا يستأجرون بجزء منها للجهالة بقدره(69).
ومن جهة أخرى فإن هذا التحديد لا يعني الحجر والجمود الذي يتنافى مع طبيعة المنهج الإسلامي من حيث مرونته وقابليته لتلبية حاجيات الناس وتطورات الحياة، فالمصارف وإن حصرت في حدود النص الكريم إلا أنه لم يحدد مواصفات وشروط كل مصرف، بل ترك ذلك للفقه الإسلامي لمواكبة استخدام حصيلة الزكاة وتطور المجتمع وظروفه .
المطلب الثالث
الدور الإستثماري للزكاة
الإستثمار في اللغة من الثمر وهو حمل الشجر، وأنواع المال والولد، والثمر والذهب والفضة، وثمّر ماله أي نماه وكثره، ويقال ثمر الله مالك أي كثر(70).
ويعرف الإستثمار إصطلاحاً بأنه: "جهد وراع رشيد يبذل في الموارد المالية، والقدرات البشرية، بهدف تكثيرها وتنميتها، والحصول على منافعها"(71).
ويعتبر الإستثمار المحدد الرئيس للنمو الإقتصادي من خلال آثاره على الرصيد النقدي، والمحرك الفعال في تنمية الطاقات الإنتاجية، والتحسينات والتطورات التي تحدث في أساليب الإنتاج، وبالتالي على التوظيف الكامل للدخل القومي.
هذا وللإستثمار محفزات تحث عليه، وتشجعه وتدفعه إلى الأمام لزيادة الدخل الكلي، ومن هذه المحفزات التي تحث عليه الزكاة، ويظهر أثرها من خلال الفروع الثانية.
الفرع الأول : طريقة دفع الزكاة للأفراد .
تحقق الزكاة هذا الهدف بعدة طرق نذكر منها(72):
أن يعطى للفرد من حقه في الزكاة أموالاً (نقدية أو عينية) وعندها سوف يقوم هذا الفرد باستهلاكها عن طريق الشراء مما يساهم في تحريك عجلة الإقتصاد الوطني، فبمجرد قيام هذا الفرد بالشراء سيزيد الطلب على السلع المطلوبة والتي بدورها تؤدي إلى زيادة الإنتاج .
أن يعطى للفرد وسيلة إنتاجية تتلائم مع ما يجيد حرفة أو مهنة فيكون هذا التلاؤم دافعاً للفرد بالعمل الإنتاجي، مما يشجع على تحريك الإقتصاد الوطني، وعنندها تكون الزكاة قد حولت هذا الفرد من إنسان عاطل غير منتج إلى إنسان فعال قادر على العطاء والإنتاج .
وبالنظر إلى هذين الأسلوبين نجد أن الأخير هو الأجدى والأنفع للفرد والجماعة، فالفرد عند إعطائه الوسيلة الإنتاجية الملائمة لمقدرته وحرفته نجد أنه قد كفل نفسه إقتصادياً بالإضافة إلى أثر ذلك كلياً على المجتمع .
ولقد إعتمدت الزكاة على الأسلوب الثاني، فقد شجعت أصحاب المهن بإعطائهم وسائل الإنتاج المناسبة لهم ولم تقدم لهم أموالاً نقدية إستهلاكية تذهب بمجرد الاستهلاك فيكون هدف الزكاة الأمد الطويل للإغناء وليس حالة مؤقتة، فبذلك تكون الزكاة قد اعتمدت الأسلوب الإنتاجي ولم تركز على الأسلوب الشرائي أو الاستهلاكي(73).
ومن واجب الدولة إذا رأت بأن العامل (الفرد) لا يجيد مهنة ما فإنها تقوم بتدريبه وتعليمه حسب المهنة المناسبة لقدراته متكلفة ذلك من أموال الزكاة، وقد ضرب لنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة حينما جاءه سائل يسأله فأعطاه قدوماً وقال له اذهب واحتطب ولا تأتيني إلا بعد ثلاثة أيام، وعندما رجع وجد أنه قد أغنى نفسه بنفسه(74). ولهذا وجدنا كيف أن من واجب الدولة والتي كانت ممثلة برئيسها الأول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، أن توفر للفرد العمل وكذلك رأس مال هذا العمل إذا كان عاجزاً عن توفيره هو بنفسه .
فهذه الإعانة من الزكاة هي وقاية إجتماعية أخيرة، وضمانة للعاجز الذي يبذل جهده، ثم لا يجد أو يجد دون الكفاية أو يجد مجرد الكفاف، ثم هي وسيلة لأن يكون المال دولة بين الجميع لتحقيق الدورة الكاملة السليمة للمال بين الإنتاج والاستهلاك والعمل من جديد، وفي هذا يجمع الإسلام بين الحرص على أن يعين المحتاج بما يسد خلته ويرفع عنه ثقل الضرورة ووطأة الحاجة وييسر له الحياة الكريمة(75).
والإستثمار نفسه يساعد على تحقيق أهداف المجتمع الإسلامي لأنه انتفاع بنعم الله لتحسين أحوال الناس من خلال إيجاد فرص العمل لكل الناس ومن خلال زيادة معدلات النمو الإقتصادي اللذين بدورهما سيحصران الفقر في أضيق حدوده، ويوفران قاعدة عريضة للرفاء الإقتصادي والتوزيع العادل للدخل(76). وحتى نتعرف أكثر وتتضح الصورة أمامنا عن تأثير الزكاة على الإستثمار وتشجيعه لا بد أن نفرق في هذا المجال بين تحصيل الزكاة وبين إنفاقها .
الفرع الثاني : من حيث تحصيل الزكاة
إن مجرد تحصيل الزكاة سوف يحث الناس على إستثمار أموالهم وإلا أتت عليها الزكاة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم :
(ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)(77). فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الأوصياء بإستثمار أموال اليتامى فمن باب أولى يجب على الإنسان أن يستثمر أمواله وينميها حتى لا تأكلها الصدقة، وحتى يكون قادراً على دفع الزكاة من أرباح أو عوائد هذه الأموال لا من أصل رأس المال إذا لم يستثمر .
ولهذا لا بد لصاحب المال المسلم إذا أراد المحافظة على ماله وعدم هلاكه أن لا ينخفض المعدل الحدي للربح عن النسبة اللازمة للإبقاء على الثروة غير متناقصة على الأقل في أي وضع طبيعي للحركة الإقتصادية، ولو كانت نسبة الربح 2.5%، أي ما يعادل المعدل الإجمالي للزكاة في حالة توازن القرار الإقتصادي لمالك الثروة، وبما أن الزكاة تدفع على الثروة وإيرادها المتراكم عليها معاً، فإنه يمكن حساب المعدل الإجمالي للزكاة على الشكل الآتي :
الفرض : مقدار الزيادة على الثروة بعد دفع الزكاة = صفر .
ر-2.5%(1+ر) = صفر، حيث ر = المعدل الحدي ل لربح، ونتيجة لذلك فإن :
ر= 2.564% وهو بنفس الوقت المعدل الإجمالي للزكاة)(7).
لهذا فإن على الفرد أن يستثمر ماله ولو بنسبة ربح ضئيلة تكون مقارنة لنسبة فريضة الزكاة، ولو أقل منها حتى يخفف على نفسه سرعة تآكل أمواله في فترة زمنية وجيزة، لا سيما أن الإسلام قد حث على إستثمار المال، وبين أن على الإنسان أن يختار لأمواله أنفع الطرق وأنسبها، وأكثرها نفعاً لنفسه وللمجتمع .
قال صاحب تيسير التحرير : "الواجب على سبيل الكفاية، وهو مهم متحتم قصد حصوله من غير نظر إلى فاعله : إما ديني، كصلاة الجنازة، .........وإما دنيوي كالصنائع المحتاج إليها(79).
ومن هنا نلاحظ أن الزكاة تصبح عقوبة مالية على كنز المال وعدم إستثماره بسبب ما لهذا الكنز من نتائج سلبية على المجتمع كالركود الإقتصادي، والزكاة لا تعدّ استهلاكاً لرأس المال المنقول إلا في حالة إكتنازه فقط وعدم إستثماره، فإن لم يستثمره مالكه وتركه معطلاً أو اكتنزه ولم يعمل على تنميته وجبت فيه الزكاة وأخذت منه، وفي ذلك حث لأصحاب الأموال على إستثمارها(80).
الفرع الثالث : من حيث إنفاق الزكاة
وأما إنفاق الزكاة على مستحقيها فله بدوره آثار إقتصادية على الإستثمار:
إن مستحقي الزكاة من المصارف الثمانية المذكورين في الآية الكريمة سوف ينفقونها حتماً وفي الغالب لقضاء الحاجات الإستهلاكية سواء كانت سلعاً أو خدمات، فقد أصبح من المعروف إقتصادياً أن الميل الحدي للاستهلاك عند الفقراء مرتفع أكثر منه لدى الأغنياء، وعلى العكس من ذلك نجد بأن الميل الحدي للادخار لدى الفقراء منخفض ومرتفع بالنسبة للأغنياء، فهذا مبدأ إقتصادي ومتفق عليه بين جميع الإقتصاديين إسلاميين كانوا أم تقليديين.
وهذا كله من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، ومن المعلوم إقتصادياً كذلك بأن زيادة الاستهلاك تؤدي إلى إستثمار جديد، فهذا الإنفاق المتمثل بزيادة الاستهلاك يؤدي إلى خلق قدرة شرائية جديدة تؤدي إلى نماء المال المزكى بزيادة الطلب على منتجاته وخدماته، فبزيادة الطلب الفعال من قبل الفقراء يؤدي ذلك حتماً إلى التوسع في المشاريع الإنتاجية، ويؤدي هذا بدوره إلى زيادة الإستثمارات، والتي تحقق بدورها انتعاشاً إقتصادياً وسيؤدي هذا إلى توفير فرص عمل جديدة كما سنرى فيما بعد(81).
وإذا كان من أسس الإقتصاد الإسلامي في إنعاش السوق الداخلي هو عدالة توزيع الدخل القومي، فإن للزكاة دوراً أو أثر في إنعاش تلك ا لسوق، وتخفف من تكدس السلع الإستهلاكية في المخازن لدى المصانع، وذلك لأن الزكاة تعمل في كل فترة زمنية على تحويل جزء من دخول الأغنياء إلى جيوب الفقراء، الذين يرتفع ميلهم الحدي للاستهلاك نسبياً فيقبلون على إنفاق معظم وربما كل ما يصل إليهم، ولذلك يمكن القول إن الزكاة تساعد على تحريك السوق نتيجة للإقبال على شراء السلع الإستهلاكية منه(82).
إنفاق أموال الزكاة الممنوحة لبعض الفقراء من أصحاب الحرف والمهن سوف تستخدم كأداة لمساعدتهم في القيام ببعض الإستثمارات الصغيرة، ولهذا فإن صرف الأموال لهذه الفئة من الناس من شأنه أن يحثهم على العمل والإنتاج وبالتالي يساعد على تحقيق تنمية إقتصادية للأفراد أنفسهم وللمجتمع كذلك.
إن من بين المصارف التي تتصرف أو تنفق عليها الزكاة "سداد ديون الغارمين" والغارمون صنفان، صنف منهم استدانوا في مصالح أنفسهم كأن يستدين في نفقة أو كسوة، أو زواج، أو علاج مرض، أو بناء مسكن، أو شراء أثاث، أو تزويج ولد، أو أتلف شيئاً على غيره خطأ أو سهواً أو نحو ذلك، فيدفع إليهم مع الفقر دون الغنى ما يقضون به ديونهم، وصنف منهم استدانوا في مصالح المسلمين فيدفع إليهم مع الفقر والغنى قدر ديونهم من غير فضل(83)، وقال إبن كثير : وأما الغارمون فهم أقسام فمنهم من تحمل حمالة أو ضمن ديناً فلزمه فاجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب فهؤلاء يدفع لهم(84).
فهذا يعني أن بيت المال يضمن للدائن وفاء دينه وفي هذا تشجيع للإئتمان عندها لن يمتنع المقرض عن إقراض ماله ولن يمتنع المستقرض من الاقتراض لأن الدولة سوف تقوم بسداد دينه إذا عجز عن ذلك، إذا انفق هذا المبلغ في غير معصية، وبالتالي تعمل الزكاة على تيسير الإئتمان وتشجيعه، الأمر الذي له أكبر الأثر في تمويل التنمية الإقتصادية، وفي تعهد الشرع بسداد الدين عن المدينين تشجيع على القرض الحسن لأنه لا يذهب دين على صاحبه بإفلاس أو نحوه لأنه إذا عجز عن أدائه فستؤدي عنه الزكاة(85)، وعلى المؤسسات المالية ألا تمتنع عن الإقراض طالما أن الدولة تضمن الغارمين(86).
ويؤيد ما سبق، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، فأيما مؤمن مات وترك مالا ً فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني، فأنا مولاه)(87)، أي فأوفي دينه، وأكفل عياله، علماً بأن في بداية الإسلام لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على ميت عليه دين، ولكن لما أصبح في بيت مال المسلمين مال، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم يسدد عنه، مصداقاً للحديث الصحيح السابق.
وأخيراً فإن الإنفاق في مصرف (الرقاب) من شأنه أن يحرر قوة إنتاجية بشرية لا بأس بها لتساهم في الأعمال الإقتصادية الإنتاجية المختلفة بما يعود على المجتمع كله بمزيد من الإنتاج، الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الإستثمارات، وبالتالي إحداث التنمية الإقتصادية، وذلك أن الإسلام شجع على تحرير الرقاب العبيد" وإذا تأملنا في مفهوم "تحرير" نجد أنه يقابلها "تقييد" وهذا الرقيق كان مقيداً بعمل ما لدى سيده (الخدمة البيتية) فمبجرد تحريره فإنه ينطلق من هذا القيد إلى الإنتاج والعمل فيساهم في بعض المهن التي يجيدها، وهنا نلاحظ دور الزكاة في تحرير هذه الأعداد من البشر ذات الطاقة الإنتاجية ممثلة بعنصر العمل(88).
وهكذا نجد أن قواعد المال في الإسلام حرمت إكتناز المال كما فرضت ضريبة على رأس المال المدخر غير المستثمر، أي على ثروات المجتمع المعطلة من النقود والثروات الحيوانية والحلي المعدة للتجارة، وتهدف من وراء ذلك إلى تعبئة جميع الثروات وإستثمارها لمواجهة التنمية الإقتصادية في المجتمع الإسلامي(89).
ولا بد من التذكير بأن النظام الإسلامي لا يعتمد على الاستغلال لتحقيق أعلى ربح ممكن للفرد، إذ إن تحقيق أقصى ربح للأفراد ليس هو الهدف الرئيس، إنما الهدف الرئيس هو زيادة الإنتاج إلى أقصى حد ممكن، بحيث يمكن أن يؤدي الناس ما عليهم من زكوات أو زكاة، وذلك لأن الإسلام يرى أن النشاط الإقتصادي كسباً وإستثماراً، عبادة يثاب الفرد عليها إذا أخلص النية فيها لله تعإلى كما في قوله تعإلى : (وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك)(90)، ويبين الشاطبي ذلك في وصف الإجارات والتجارات في المجتمع المسلم بقوله : "ونجدهم في الإجارات والتجارات لا يأخذون إلا بأقل ما يكون من الربح أو الأجرة، حتى يكون ما حاول أحدهم كسباً لغيره، لا له، ولذلكم بالغوا في النصيحة فوق ما يلزمهم لأنهم وكلاء للناس لا لأنفسهم، بل إنهم يرون المحاباة لأنفسهم وإن جازت كالغش لغيرهم"(91)، فالفرق واضح بين النظرتين، نظرة على زيادة الإنتاج لزيادة الزكاة لقوله تعإلى : (والذين هم للزكاة فاعلون)(92)، أي يزيدون الإنتاج إلى اقصى حد ممكن بحيث تكون هناك زيادة يعطى منها الزكاة(93)، بعكس النظر الغربي المبني على تحقيق أعلى ربح ممكن للفرد بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، فمن كانت غايته المادة جعلها معبوداً له، يقاتل من أجلها، ويحب ويبغض، وهذا ما يؤدي إلى الأنانية والاحتكار.
وأخيراً، لكي نعرف مدى حرص الإسلام وتشجيعه على الإستثمار ومنع الإكتناز للأموال، فقد روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت "يا رسول الله، مالي شيء إلا ما أدخل عليّ الزبير بيته فأعطي منه؟ قال : (أعطي ولا توكي فيوكى عليك)(94)، أي لا تدخري وتحبسي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عليك، وهذا الحديث يستدل منه على تشجيع الإستثمار، وعدم الإكتناز، وإدامة حركة المال بين أفراد المجتمع .
وزيادة على ما سبق يرى السحيباني أن الزكاة يمكن أن تؤثر على الإستثمار بطرق أخرى أهمها(95):
تمويل الفقير برأس مال نقدي يعمل فيه، أي إعطاء الفقير المحترف ما يمكنه من الاعتماد على نفسه.
قيام صندوق الزكاة بشراء أصول ثابتة، مثل أدوات الصنعة، وتوزيعها على الفقراء ليعملوا بها.
تدريب الفقراء على مهارات وخبرات تفسح أمامهم الفرص.
إستثمار أموال الزكاة في مشاريع إستثمارية، وغيرها من تقديم الخدمات في برامج التنمية.
ويخلص إلى أن جمهور الفقهاء لا يجيزون إلا الصورة الأولى، وذلك من تركيز الفقهاء على إعطاء ثمن الآلة وليس الآلة نفسها، ومنهم النووي والرملي.
المطلب الرابع
الدور التوزيعي للزكاة
شرح الإسلام الزكاة التي تكفلت بتقريب الفقراء من الأغنياء، لأنهم أصبحوا شركاء لهم في رؤوس أموالهم، ولهم الحق فيها مما يخرج منها، وهذا ما يحد من التفاوت الفاحش بينهم في الدخل، والذي يؤثر على مقدرة كل واحد منهم في الاستهلاك، وإشباع حاجاته الإستهلاكية(96)، ويظهر أثر الزكاة في ذلك من خلال الفرعين التاليين :
الفرع الأول : تضييق الفجوات بين الغني والفقير
فمن أهم الأدوار التوزيعية التي تلعبها الزكاة أن تضمن للفرد حد الكفاية أو حد الغنى لا حد الكفاف، فالمقدار الذي يعطى للفرد الفقير يجب أن يكون مغطياً لهذا الغرض، وهذا معناه أن الزكاة من حيث المبدأ أن تغطي الحاجات الأساسية للفرد وهي حد الكفاف، وما زاد على ذلك يضمن مستوى لائقاً لمعيشة كل فرد، وهو حد يحرص الإسلام على ضمانه .
والزكاة هي المورد المالي والتشريع المالي الأول الذي يواجه به الإسلام اختلال التوزيع في الدخول بين الأفراد، فيعمل على تضييق الفجوة بين الطبقات الغنية والطبقات الفقيرة لا كما يفهم البعض من أن الزكاة تعمل على التساوي في الدخول بين الأفراد، وذلك لأن الإسلام يقر التفاوت بين الناس في الرزق والمعاش لأن ذلك يتفق مع طبيعة البشر وتفاوت قدراتهم ومواهبهم، ولكن مع ذلك الإقرار لهذا التفاوت فلا يسمح ولا يعني بأي حال من الأحوال أن يزداد الغني غنى والفقير فقراً، فتتسع الهوة بين الطرفين وتحدث الاختلالات الإقتصادية غير المحمودة(97)، ولهذا نجد أن الإسلام يتدخل في تقريب الفجوة أو الهوة بين الطرفين، فمتى التزم المسلمون بتأدية الحقوق المطلوبة منهم والواجبات المفروضة عليهم كالزكاة وغيرها من النفقات الأخرى، فسوف يؤدي ذلك حتماً إلى تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبالتالي يمكن القضاء على الفقر الذي يعدّ آفة إجتماعية حاربها الإسلام منذ الباية، ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (اللهم إني أعوذ بك من الفقرة والقلة والذلة)(98).
ويمكن لأموال الزكاة أن تلعب دوراً مهماً وبخاصة في مجال التأمين الاجتماعي، وهي تشبه ما يطبق اليوم من أنظمة الضمان الاجتماعي .
الفرع الثاني : إعادة توزيع الثروة بين الأفراد
إن للزكاة دوراً كبيراً في إعادة توزيع الثروة بين الأفراد في المجتمع، وقبل أن نتعرض لهذا الدور بشيء من التوضيح، لا بد من التعرض لإحدى الظواهر الإقتصادية الهامة التي اكتشفت حديثاً وهي ظاهرة "تناقص المنفعة الحدية. ومؤداها أنه عندما يستهلك الإنسان وحدات متتابعة من سلعة واحدة فإن الإشباع الذي يحصل عليه من الوحدة اللاحقة يكون أقل من الإشباع الذي يحصله من الوحدة السابقة وهكذا(99).
وبناءً على ذلك يمكن الإستدلال على تناقض المنفعة الحدية للدخل كلما زاد عدد وحداته، فالغني تكون لديه منفعة الوحدة الحدية للدخل (الوحدة الأخيرة) أقل من منفعة الوحدة الحدية للدخل لدى الفقير، لهذا فإن نقل عدد من الوحدات من دخل الغني المتمثلة بالزكاة سوف تسبب كسباً للفقير أكثر من خسارة الغني، ويترتب على ذلك أن النتيجة هي أن النفع الكلي للمجتمع بشكل عام سوف يزيد وذلك بإعادة توزيع الدخل عن طريق الزكاة(100)، ومن أسباب نجاح الزكاة كوسيلة من وسائل إعادة توزيع الثروة أنها تفرض على جميع الأموال النامية وبذلك تتسم بالشمول وبإتساع قاعدة تطبيقها(101).
وأخيراً لا بد من التذكير بأن هناك وسائل أو نظم كثيرة جاءت بها الشريعة الإسلامية وطبقت فعلاً إلى جانب الزكاة خلال العهد النبوي وإبان العهد الراشدي وتؤدي جميعها وإن كانت بدرجات متفاوتة إلى إعادة توزيع الثروة لصالح الفقراء ومنها، أحكام الإرث، وزكاة الفطر، والأضاحي، والفيء، والغنائم، والركاز، والكفارات، والصدقة المطلقة، وغيرها من الوسائل الأخرى، ولهذا فالشريعة الإسلامية لا تعتبر الزكاة هي وحدها الكافية لإعادة التوزيع للثروة، لذلك أردفتها بوسائل عديدة أخرى ومتنوعة(102).
المطلب الخامس
أثر الزكاة في التضييق على وسائل الإنتاج المعطلة
ويبدومما سبق أن من خصائص الزكاة كون النصاب – الحد المعفى من الزكاة – منخفض جداً، وهذا يؤدي إلى الضغط على أصحاب الثروات من أجل تشغيلها وإستثماراتها، وإلا تعرضت ثرواتهم إلى التناقض وإلى فقدان ربعها في مدة لا تزيد عن اثنتي عشرة سنة، ولقد قام بحساب ذلك د. محمد قحف، فقد بين ما يلي(103) :
القيمة الحالية في نهاية كل سنة = مقدار الثروة × (1-ز) ن.
حيث (ز) معدل الزكاة = 2.5%، و (ن) عدد السنوات المنقضية منذ توفر النصاب، ومن هذه المعادلة نجد :
ن = لغ (القيمة الحالية / مقدار الثروة)
لغ (0.975).
وبذلك يمكن استخراج المعلومات التالية :
نسبة ما تأكله الزكاة من الثروات ... ... ... ... ... ... ... ... عدد السنوات
10% ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أقل من خمس سنوات
25% ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أقل من 12 سنة
50% ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أقل من 18 سنة
75% ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أقل من 55 سنة
90% ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أقل من 100 سنة
وهكذا يمكن استخراج المنحنى البياني لحجم الثروة المعطلة مع وجود الزكاة وهو منحنى يستمر بالتنقض حتى يصل إلى الحد الأدنى (النصاب) كما يلي :
فهذا الرسم يبين الطريقة التنازلية التي يتناقص بموجبها رأس المال مع الزمن وزيادة الإستثمار والإنتاج فتوسع قاعدة الدخل وتزيد فرص التوظيف، والزكاة موجهة من حيث آثارها لحفظ الإقتصاد في حالة نمو وحركة بمعدلات عالية تزيد عن معدلات الزكاة(104).
وهكذا يتضح لنا أن التشريع الإسلامي عندما فرض ضريبة الزكاة على رأس المال جعل سعرها منخفضاً بحيث يمكن دفعها من الدخل، أما في الحالات التي يعمد فيها صاحب المال إلى تعطيله فإن فرض هذه الضريبة تحثه على إستثمار هذه الأموال وعدم تعطيلها، فالتشريع الإسلامي جعل موارد الدولة من دخل الافراد وحافظ كل المحافظة على رأس المال المنتج لهذه الدخول(105).
والزكاة لم تترك الأموال بجميع أنواعها التي تتصف بصفة النماء، بغض النظر عن طبيعة مالكها، فهي تفرض حتى على الصغير والمجنون من أصحاب الأموال، ولنا في الأثر خير دليل، عن أبي رافع، كانت لآل بني رافع أموال عند علي، فلما دفعها إليهم وجدوها تنقص فحسبوها من الزكاة فوجدوها كاملة تامه، فأتوا علياً فقال : كنتم ترون أن يكون عندي مال لا أزكيه(106).
مما سبق يتضح أن الإسلام قرر تحريم كنز الأموال وتعطيلها دون إستثمار، وقرر أن يتداول المجتمع الثروة ولا تكون دولة بين الأغنياء، وجعل للفقراء والمحرومين حصة سنوية لا تقل عن جزء من أربعين جزءاً من ثروة الأمة كلها، يزاد عليها بأمر الحاكم وإحسان المحسنين.
المطلب السادس
أثر الزكاة في القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل
هناك خطأ شائع بين كثير من الناس، وهو أن الزكاة قد تشجع على البطالة والتقاعس وخلق روح الاتكالية عند العامل، وبكل تأكيد فإن هذا الظن خاطئ من ناحيتين وهما :
موقف الإسلام من العمل واعتباره أحد عناصر الإنتاج وأحد وسائل التملك في الإقتصاد الإسلامي.
إن الزكاة لا تعطى إلا للعاجزين عن الكسب فلا تعطى للقادر على العمل والكسب .
فلذلك نرى في المجتمع الإسلامي الصحيح أن أفراده يعملون ويتقنون العمل ويمشون في مناكب الأرض ويلتمسون الرزق في خباياها، وينتشرون في أرجاء الأرض في جميع المهن زراعاً وصناعاً وتجاراً وعاملين في شتى الميادين ومحترفين بشتى الحرف مستغلين كل الطاقات ومنتفعين بكل ما استطاعوا مما سخر الله لهم من السموات والأرض جميعاً(107).
من المتفق عليه بين جميع الإقتصاديين أن إعادة توزيع الدخل تؤدي إلى تقليل الفوارق والتفاوت بين الأفراد فقراء وأغنياء، فهذا أمر له تأثيره الكبير في علاج البطالة.
إن الزكاة تقوم بعملية نقل وحدات نقدية من دخول الأغنياء إلى الفقراء، وقد ذكرنا أن الأغنياء يقل عندهم الميل الحدي للاستهلاك ويزيد عندهم الميل الحدي للادخار.
والأثر الإقتصادي الذي يترتب على ذلك هو أن الدخل الذي يحصله الفقراء من أموال الزكاة سيتوجه إلى طائفة من المجتمع يزيد عندهم الميل الحدي للاستهلاك، وهذا يعني أن الدخل سيتوجه إلى استهلاك السلع الضرورية وبالتالي سيزيد الطلب الفعال، ويترتب على هذا نتيجة إقتصادية هامة وهي زيادة الطلب على السلع الإستهلاكية، فتروج الصناعات الإستهلاكية التي تؤدي إلى رواج السلع الإنتاجية المستخدمة في إنتاج السلع الإستهلاكية المطلوبة من قبل الفقراء، وبذلك يزيد وتبعاً لذلك ستزيد فرص العمل الجديدة (فتقلل من حدة البطالة) التي تظهر نتيجة للتوسع في الإنتاج(108).
لذا فإن الزكاة نظام يقتضي أن يستمر التداول في النقد دون انقطاع، وذلك يعني استمرار الطلب على المنتجات بما توسعه في القاعدة المحلية المستهلكة، واستمرار الطلب معناه حث العرض على مقابلة الطلب أي زيادة الإنتاج، وكل زيادة في الإنتاج تعني زيادة في الطلب على العمال، وزيادة الطلب على العمال تعني، ارتفاع أجورهم وبالتالي زيادة أخرى في القوة الشرائية أو زيادة جديدة في الطلب(109).
الخاتمة
وبعد، فقد توصل الباحث إلى النتائج التالية :
أولاً: إن الزكاة فريضة إسلامية تجب على المكلفين الأغنياء للفقراء ممن لا يقدرون على العمل، أو العجز عن الكسب رغم طلبهم له، لأنه لاحظ فيها لقوي مكتسب، وليست منّة أو استجداء.
ثانياً: إن للزكاة أنواعاً متعددة من الأموال ولذلك فهي تخضع للضريبة المتعددة الوعاء.
ثالثاً: مراعاة الزكاة لظروف الممول الإقتصادية، إذ إنها حددت نسبة مئوية للزكاة في النقود والماشية وعروض التجارة والزروع والثمار، وحددت الوحدة في الماشية على أساس من السن، وبذلك روعي التخفيف على المكلف إذا ما قورن ذلك بالضرائب التي كانت سائدة في الدول المجاورة ذلك الوقت .
رابعاً: مراعاة الزكاة لظروف الممول الإجتماعية والنفسية، فقد طهرت نفس الممول من الشح والبخل، وعودته على البذل والعطاء، وبذلك أزالت الفوارق الإجتماعية وأبعدت عنه الحقد والحسد، وما في ذلك من راحة نفسية وتقارب بين أفراد المجتمع .
خامساً: سبقت الزكاة النظم الوضعية بوضع الحلول المناسبة لحالة العوز والفقر .
سادساً : الزكاة دافع ومحرك للأنشطة المالية والإقتصادية حيث تشجع على الإستثمار .
سابعاً: من خلال مصارف الزكاة نلاحظ أنها استوعبت أكثر أفراد المجتمع وبذلك تكون قد استوعبت أكثر الناس فقراً ممن نقص وعاؤهم عن النصاب القانوني للزكاة .
ثامناً: الزكاة كفريضة إسلامية رفعت مستوى الفرد من حد الكفاف إلى حد الكفاية وبذلك تكون قد غطت الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع.
تاسعاً: سبقت الزكاة جميع النظم الحديثة في إزالة الفوارق الطبقية والإجتماعية بين الأغنياء والفقراء .
عاشراً : كان الإسلام سباقاً إلى إرساء أسس التعامل بالأنظمة المعاصرة لمناداته بأفكار تعد ركائز في العلوم المالية المعاصرة كاللامركزية في الإدارة والحكم في محلية توزيع الزكاة والعمومية والتي هي إحدى الدعائم الهامة في الضريبة في شمول الزكاة لأكبر قدر ممكن من الأشخاص والأموال .
حادي عشر : ويوصي الباحث المسلمين تطبيق فريضة الله (الزكاة) على الأصعدة الفردية والشعبية ففيها من المنافع الدينية والدنيوية ما يكمل إيمان المسلم، ويسد حاجته، ويخفف عنه من عوزه وفقره.
الهوامش
سورة الفجر، آية 20.
سورة الفجر، آية 15 .
إبن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، ط3، دار صادر، بيروت، 1414هـ- 1996م، ج14، ص 358، الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، ط2، دار عمار، الأردن، 1417هـ، 1996م، ص140 .
البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع على متن الإقناع، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة، 1394هـ، ج1،/ ص192، وانظر : الكاساني، علاء الدين أبي بكر بن مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، ج2، ص2، القرطبي، يوسف بن عبد البر، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، تحقيق محمد أحمد، ط1، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1398 هـ، 1978م، ج1، ص284، القفال، محمد الشاشي، حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء، تحقيق د. ياسين درادكة، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400هـ- 1980م، ج3، ص7.
السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء، دار الفكر، بيروت، 1394هـ - 1974م، ص26.
ابو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، ط1، مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1371هـ، ج1، ص362، أبو عبيد، القاسم بن سلام، الأموال، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ص 518، وقد ذكر الألباني، محمد ناصر الدين، أرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ط2، المكتب الإسلامي، بيروت، 1405هـ- 1985م، ج3، ص289-291، أن سند الحديث جيد، وللحديث شواهد منها حديث عائشة وإبن عمر رضي الله عنهما (كان يأخذ من كل عشرين مثقالاً نصف دينار) رواه إبن ماجه، وأنه صحيح.
النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط4، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1412هـ-1991م، ج2، ص675.
الزبيدي، التجريد الصريح (مختصر صحيح البخاري)، ط5، اليمامة للطباعة والنشر، دمشق، 1994م، 1415هـ، ص223، وانظر : أبو عبيد، الأموال، ص367-368.
عوض، أحمد صفي الدين، البراهين على الطبيعة التصاعدية لجميع أنواع الزكاة، كلية الدراسات الإقتصادية والإجتماعية، الخرطوم، 1978م، ص1.
سورة التوبة، آية 60.
سورة الأنعام، آية 141.
دنيا، شوقي أحمد، تمويل التنمية في الإقتصاد الإسلامي، دراسة مقارنة، ط1، مؤسسة، الرسالة، بيروت، 1404هـ-1984م، ص7.
مشهور، د.نعمت عبداللطيف، الزكاة، الأسس الشرعية والدور الإنمائي والتوزيعي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة الرسائل الجامعية 2، ص23.
للحديث ( وفي الركاز الخمس) مختصر صحيح البخاري، ص231.
شوقي دنيا، تمويل التنمية، ص275-267 .
مختصر صحيح البخاري، ص 234، حيث ذكر السن المطلوبة لكل عدد من الإبل .
السيد، عاطف، فكرة العدالة الضريبية، دون مكان نشر، أو تاريخ نشر، ص219.
سورة التوبة، آية 34.
النووي، الإمام محيي الدين، صحيح مسلم بشرح النووي، حققه الشيخ خليل مأمون، دار المعرفة، بيروت، 1414هـ- 1994م، ج7، ص74.
أبو داود، سنن أبي داود، ج1، ص362، وذكره الألباني في إرواء الغليل وقال : أخرجه إبن أبي شيبه ج4، ص8، وأبو عبيد والبيهقي عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه، وهذا سند جيد.
البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تقديم أحمد محمد شاكر، دار الجيل، بيروت، بدون تاريخ نشر، ج2، ص132، ج3، ص291.
الكاندهلوي، محمد زكريا، أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك، دار الفكر، بيروت، 1413هـ-1989م، ج5، ص238 وانظر : إبن نجيم، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ط2، دار المعرفة، بيروت، 1413هـ - 1963م، ج2، ص42 – 243.
إبن قدامة، عبدالله بن أحمد، المغني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ج2، ص573.
البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص 148.
إبن قدامة، المغني، ج2، ص573.
البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص 133.
إبنة مخاض: هي التي لها سنة ودخلت في الثانية، وسميت بذلك لأن أمها قد حملت غيرها، إبن قدامة، المغني، ج2، ص 579.
بنت اللبون: هي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة، وسميت بذلك لأن أمها قد وضعت حملها ولها لبن، إبن قدامة، المغني، ج2، ص 579 – 580.
الحقة: هي التي لها ثلاث ودخلت في الرابعة، واستحقت أن يطرقها الفحل، واستحقت أن يحمل عليها إبن قدامة، المغني، ج2، ص 580.
البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص145.
إبن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المختار، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، 1421هـ - 2000م، ج2، ص 301-302، وانظر : الدسوقي، محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1417هـ - 1996م، ج2، ص6-7.
المرداوي، علي بن سليمان، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ج3، ص52-53، ويذكر أن التبيع ما عمره سنة ودخل في الثانية، أو ما تبع أمه، وقيل جذع البقر، وأما المسنة فهي التي لها سنتان، وقيل هي التي لها سنة، وقيل ثلاث سنين، وانظر إبن حزم، أحمد بن سعيد، المحلى، دار الجيل ودار الآفاق الجديدة، بيروت، ج6، ص3-5، فقد ذكر أن القائلين بهذا هم: علي بن أبي طالب، وهو قول الشعبي، وشهر بن حوشب، وطاوس، وعمر بن عبد العزيز، والحكم بن عتبة، وسليمان بن موسى، والحسن البصري، وذكره الزهري عن أهل الشام، وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ورواية غير مشهورة عن أبي حنيفة.
أبو داود، سنن أبي داود، ج1، ص363، ويذكر الألباني في إرواء الغليل ج3، ص268-269 إن الحديث صحيح، ورواه الترمذي وقال عنه: حديث حسن، ورواه الحاكم وقال عنه: صحيح علي شرط الشيخين .
المرداوي، الإنصاف، ج3، ص57-58، إبن عابدين، حاشية رد المحتار، ج2، ص305-306، الدسوقي، حاشية الدسوقي، ج2، ص8.
سبق تخريجه، هامش 30.
القرضاوي، يوسف، فقه الزكاة، ط24، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1418هـ - 1997م، ج1، ص 205-206.
سورة البقرة، آية 267.
الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير، الناشر محفوظ العلي، بيروت، بدون تاريخ نشر، ج1، ص289.
أخرجه البخاري، مختصر صحيح البخاري، ص 229.
الكاساني، بدائع الصنائع، ج3، ص54، الكوهجي، عبدالله بن الشيخه حسن، زاد المحتاج بشرح المنهاج، ط2، إحياء التراث الإسلامي، قطر، 1407هـ - 1987م، ج1، ص450-451.
الكوهجي، زاد المحتاج، ج1، ص466، الكاندهلوي، أوجز المسالك، ج5، ص237-239.
البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص144.
الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص59.
سبق تخريجه، هامش39.
سبق تخريجه، هامش39.
سورة البقرة، آية 267.
إبن كثير، إسماعيل، تفسير القرآن العظيم، مكتبة الدعوة الإسلامية، القاهرة، 1400هـ-1980م، ج1، ص320.
حنبل، الإمام أحمد، المسند، ط1، دار الحديث، القاهرة، 1416هـ-1995م، ج16، ص22، رقم الحديث 21449، وصححه الحاكم، ج1 ص388، وقال على شرطهما، ووافقه الذهبي، ج3، ص63، أنظر هامش مسند أحمد، ج16، ص22.
إبن قدامة، المغني، ج3، ص30.
أبو عبيد، الأموال، 429.
المصدر السابق ذاته، ص431.
المصدر السابق نفسه، ص431.
الترمذي، محمد بن عيسى، الجامع الصحيح، دار الحديث، القاهرة، بدون تاريخ، ج3، ص24، البيهقي، أحمد بن الحسين، دار الفكر، بدون تاريخ، ج4، ص179، وقال (أبو عيسى) الترمذي، في إسناده مقلل لأن المثنى بن الصباح يضعف الحديث، وقد ذكره الألباني في الأحاديث الضعيفة، الألباني، محمد ناصر الدين، ضعيف سنن الترمذي، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1411هـ - 1991م، ص69، ولكن الحديث ورد بوجوه عدة تقوية .
الزرقاني، الشيخ محمد، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، المكتبة التجارية، 1355هـ-1936م، ج2، ص103، الزيلعي، نور الدين علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مكتبة القدس، 1352هـ، ج3، ص67، والحديث أخرجه كذلك الطبراني عن أنس بن مالك، وفي الموطأ عن عمر بن الخطاب، وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب، الدار قطني، سنن الدار قطني، نشر عبدالله هاشم يماني، المدينة المنورة، 1386هـ، ج2، ص110، والحديث يتقوى بكثرة طرقه.
الشيرازي، إبراهيم، المهذب، ط2، دار المعرفة، بيروت، 1959م، ج1، ص47، أبو عبيد، الأموال، ص455، إبن قدامة، المغني، ج2، ص622.
خان، صديق حسن، الروضة الندية، شرح الدرر البهية، المطبعة المنيرية، 1307هـ، ج2، ص160-162.
سورة التوبة، آية 34.
الغزالي، محمد، إحياء علوم الدين، ط4، دار الحديث، القاهرة، 1994م، ج4، ص142.
إبن خلدون، عبد الرحمن، مقدمة إبن خلدون، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1982م، ص507.
المصدر السابق ذاته، ص507.
قحف، محمد منذر، الإقتصاد الإسلامي، دراسة تحليلية للفعالية الإقتصادية في مجتمع يتبنى النظام الإقتصادي الإسلامي، ط2، دار القلم، الكويت، 1401هـ- 1981م، ص128 وما بعدها .
المصدر السابق، ص237-138.
شوقي دنيا، تمويل التنمية في الإقتصاد الإسلامي، ص277، والمقصود بالودائع الجارية الأموال التالية وضعت في البنوك بلا فائدة – فهي غير معطلة بالنسبة للبنك، ولكنها معطلة بالنسبة لصاحبها، ولا تجلب له شيء، سواء أكانت في البنوك الإسلامية، ولم تحول إلى نظام المقارضة، فالزكاة قد تؤثر عليها وتقتطع من أصلها حيث لا إيراد لها، وكذلك المجوهرات المعدة للتجارة وكانت زائدة عن الحاجة وحال عليها الحول وهي مخزنة في البنوك فهي معطلة بالنسبة لصاحبها، والزكاة تؤخذ من أصلها، لا من إيرادها عند من أجاز الزكاة فيها من الفقهاء.
النبهان، محمد فاروق، الاتجاه الجماعي في التشريع الإقتصادي الإسلامي، ص3، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404هـ- 1984م، ص289.
شوقي دنيا، تمويل التنمية في الإقتصاد الإسلامي، ص278.
سورة التوبة، آية 60.
البيهقي، السنن الكبرى، ج4، ص174، والحديث في إسناده عبد الرحمن بن أنعم الإفريقي، وقد تكلم فيه غير واحد وكذلك روي في سنن أبي داود، المنذري، الحافظ، مختصر سنن أبي داود، دار المعرفة، بيروت، 1990م، ج2، ص230، والحديث روي بطرق تقوية
القضاة، زكريا، بيت المال في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، مجلة أبحاث اليرموك، المجلد 4، العدد1، 1988م، ص23.
إبن عبد البر، الكافي، ج1، ص326.
إبن منظور، لسان العرب، ج4، ص107، الرازي، مختار الصحاح، ص50.
شوقي دنيا، تمويل التنمية، ص87.
نعمت مشهور، الزكاة الأسس الشرعية والدور الإنمائي والتوزيعي، ص 275، السحيباني محمد إبراهيم، أثر الزكاة على تشغيل الموارد الإقتصادية، رسالة ماجستير، جامعة الإمام بن سعود، الرياض، بدون تاريخ، ص168-175.
النووي، محيي الدين بن شرف، المجموع شرح المهذب، دار الفكر للطباعة والنشر، بدون مكان وتاريخ نشر، ج6، ص189.
سليمان بن الاشعث، سنن أبي داود، ج1، ص381-382، وقد ضعف الحديث الألباني، الألباني، ضعيف عن سنن أبي داود، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1412هـ -1991م، ج1، ص165، وضعفه الألباني كذلك في، الألباني، ضعيف سنن إبن ماجة، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت، 1408هـ-1988م، ج2، ص169.
كركر، رؤى في النظام الإقتصادي في الإسلام، ط1، مطبعة تونس، قرطاج، ص970.
قطب، سيد، العدالة الإجتماعية في الإسلام، ط8، بدون دار نشر وتاريخ نشر، 1982م، ص117.
سبق تخريجه، هامش 53.
قحف، الإقتصاد الإسلامي، ص137.
أمين، محمد، تيسير التحرير، مصطفى الحلبي، القاهرة، 1351هـ، ج2، ص213.
الحصري، أحمد، السياسة الإقتصادية والنظم المالية في الفقه الإسلامي، ط1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986م، ص536.
العسال، أحمد وفتحي، أحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، مبادؤه وأهدافه، ط3، بدون دار نشر ومكان نشر، 1980م، ص112.
البقر، أحمد ماهر، الزكاة ودورها في التنمية، ط1، دار الدعوة، الاسكندرية، 1986م، ص13.
انظر، الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص45، إبن نجيم، البحر الرائق، ج2، ص260، إبن عبد البر، الكافي، ج1، ص326، الشيرازي، المهذب، ج1، ص179، البهوتي، كشاف القناع، ج2، ص328-329، المرتضى، أحمدم بن يحيى، شرح الأزهار، دار إحياء التراث العربي، دون مكان وتاريخ، ج1، ص514، الشماخي، عامر، الإيضاح، ط2، وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، 1416هـ-1996م، ج3، ص7.
إبن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص365-366.
أبو زهرة، الإمام محمد، تنظيم الإسلام للمجتمع، بدون دار نشر، وتاريخ نشر، 1965م، ص157.
سلامة، عابدين، الحاجات الأساسية في الإسلام، مجلة أبحاث الإقتصاد الإسلامي، جدة، العدد الثاني، 1404هـ، ص44.
أخرجه البخاري، مختصر صحيح البخاري، ص334.
القرضاوي، يوسف، آثار الزكاة في الأفراد والمجتمعات، أبحاث وأعمال مؤتمر الزكاة الأول 29 رجب 1404هـ - 30 إبريل، 1984م، بيت الزكاة، الكويت، ص50.
الكفراوي، عوض، الرقابة المالية في الإسلام، مؤسسة شباب الجامعة، الاسكندرية، 1983م، ص95.
سورة القصص، آية 77.
الشاطبي، إبراهيم موسى، الموافقات في أصول الأحكام، تعليق محمد خضر، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بدون مكان نشر وتاريخ نشر، ج2، ص132.
سورة المؤمنون، آية 4.
زبير، محمد عمر، خصائص الفكر الإسلامي الإقتصادي، منظمة الندوة العلمية للشباب الإسلامي، اللقاء الثاني للندوة، من 23 ذي القعدة حتى 3 من ذي الحجة، الرياض1393هـ، ص206.
أخرجه البخاري، صحيح البخاري، ج3، ص520، رقم الحديث 1366، سنن أبي داود، ج1، ص394.
السحيباني، أثر الزكاة على تشغيل الموارد الإقتصادية، ص175-176، وممن نقل عنهم ذلك: القرضاوي، محمد أنس الزرقاء، منذر قحف، عبدالله الطاهر، نعمت مشهور، محمد سر الختم.
الخالدي، محمود، سوسيولوجيا الإقتصاد الإسلامي، ط1، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، 1985م، ص40.
مرطان، سعيد مدخل للفكر الإقتصادي في الإسلام، مؤسسة الرسالة، 1986م، ص186 .
أبو داود، سنن أبي داود، ج1، ص 354، الحاكم، محمد عبدالله، المستدرك على الصحيحين، ط1، حيدر أباد، الهند، ج1، ص531، وقال عنه الحاكم حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
العسال وأحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، ص14، وانظر : القيسي، حميد، مبادئ الإقتصاد السياسي، ط3، مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر، الكويت، 1978م، ص26-27، محروس، محمد، مقدمة في الإقتصاد، ط3، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972م، ص364، المحجوب، رفعت، الإقتصاد السياسي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1977م، ج1، ص92، هاشم، إسماعيل محمد، محاضرات في مبادئ الإقتصاد، دار الجامعات المصرية، الاسكندرية، ص63-64.
مرطان، مدخل للفكر الإقتصادي في الإسلام، ص182.
العسال وأحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، 114.
الزرقاء، محمد أنس، دور الزكاة، في الإقتصاد والسياسة المالية، مؤتمر الزكاة الأول، الكويت، 1984م، ص281، مرطان، مدخل للفكر الإقتصادي في الإسلام، ص187.
قحف، الإقتصاد الإسلامي، ص136.
صقر، محمد، الإقتصاد الإسلامي مفاهيم ومرتكزات، ط1، بدون دار نشر ومكان نشر، 1978م، ص86، وما بعدها .
الكفراوي، الرقابة المالية في الإسلام، ص88.
البيهقي، السنن الكبرى، ج4، ص180، وقال فيه: ورواه حسن بن صالح وجرير بن عبد الحميد عن أشعث، وقالا عن أبي رافع وهو الصواب.
القرضاوي، فقه الزكاة، ج2، ص889-892، أبو السعود، محمود، خطوط رئيسية في الإقتصاد الإسلامي، ط2، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، 1388 هـ - 1968م، ص20.
العسال وأحمد، النظام الإقتصادي في الإسلام، ص115.
المصري، عبد السميع، مقومات الإقتصاد الإسلامي، ط3، مكتبة وهبة، القاهرة، 1983م، 125.
القروض الحسنة
|
الكتاب : اقتراح لإحياء القروض الحسنة |
اقتراح لإحياء القروض الحسنة
د. كمال توفيق حطاب ** ... 2005/01/31
رغم أن فكرة البنوك الإسلامية قامت في الأصل على منطق القروض الحسنة الخالية من الفوائد الربوية؛ فإن هذا الوعاء التمويلي توارى مع تطور هذه البنوك التي أضحت تركز على تجميع المدخرات واستثمارها وفق قواعد الشرعية الإسلامية، بما يحقق أفضل العوائد لمالكي هذه المصارف، وكذلك للمساهمين والمستثمرين.
وتبدو أهمية هذا الوعاء التمويلي في أنه يلعب دورا اجتماعيا مهما، خاصة على صعيد مواجهة الفقر المنتشر في المجتمعات العربية والإسلامية؛ فحينما أسس الدكتور أحمد النجار في عام 1963 أول بنك إسلامي -بنك الادخار الذي لا يتعامل بالفائدة- استهدف القيام بالإقراض الحسن لأهالي مدينة ميت غمر في الدقهلية (شمال القاهرة) لمساعدتهم على مكافحة الفقر.
والقرض الحسن هو أن يعطي شخص لآخر مالا لينتفع به على أن يرده في وقت آخر دون زيادة، وذلك على عكس القرض الربوي الذي يتضمن زيادة محددة تسمى الربا. وقد سمي هذا النوع من القروض بالحسن؛ لأنه يدخل في باب الرفق بالناس؛ فالمُقرِض يقدم منفعة ماله مدة من الزمن لغيره، ويضحي بهذه المنفعة من أجل نيل الثواب من الله.
الاستفادة من الودائع المشتقة
ويأتي تواري تقديم البنوك الإسلامية لقروض حسنة بالرغم من أن هذه المصارف تشترك مع المصارف التقليدية في الاستفادة من الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية لدى البنوك) في توليد الودائع المشتقة، وتحقيق الأرباح الطائلة نتيجة لذلك، دون أن تدفع عوائد عن هذه الودائع، مع أن الودائع تحت الطلب تعتبر من أكثر أشكال الودائع المصرفية أهمية بالنسبة للمصارف.
والودائع المشتقة يتم خلقها أو توليدها من خلال وسائل عدة، منها إعادة الإقراض؛ فمن يودعون النقود لدى البنوك التقليدية لا يسحبون في آن واحد ما أودعوا. بل يسحبون جزءًا يسيرًا منه في أي يوم معين، وهنا يكفي البنوك للوفاء بطلبات السحب أن تحتفظ باحتياطي صغير (مثلا 10%) من مجموع ما أودع لديها، وما زاد (وهو 90% من الودائع في مثالنا) تقرضه، وتنتفع بفوائده التي تتراكم ليصبح لدى البنك مال مشتق أو تم توليده من المال الأصلي.
وتختلف الودائع المشتقة في البنوك الإسلامية؛ حيث يتم اشتقاق الأموال استنادا للقواعد الشرعية، من خلال أدوات التمويل الإسلامية، مثل: المرابحة والمضاربة وغيرها (للمزيد حول أدوات التمويل الإسلامي: ألف باء تمويل إسلامي).
وقبل أكثر من عشرين عاما اقترح د.محمد عمر شابرا الخبير في الاقتصاد الإسلامي أن تكون الودائع المشتقة من اختصاص الجماعة، وأن يستغل الدخل الصافي من توليد النقود في تحقيق المصالح العامة، وبالأخص في تحسين أوضاع الفقراء.
ويستشهد شابرا لصحة رأيه بما قاله د.أنس الزرقا الأستاذ في الاقتصاد الإسلامي من أن الودائع المشتقة تشبه الفيء من حيث إنها تحصلت لجماعة المسلمين دون أن يتحمل أحد مشقة توليدها، ويجب أن توزع منافعها توزيع الفيء المبين في [سورة الحشر الآية 7] {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}.
غياب آليات التطبيق
غير أن هذه الاقتراحات لم يكن من الممكن تنفيذها بسبب غياب آليات واضحة للتطبيق، وكذلك عدم وجود جهات يمكن أن تتبنى مثل هذه الاقتراحات.
ومن جهة أخرى فقد رأى العديد من المتخصصين أن المصارف الإسلامية ينبغي أن توجه جميع طاقاتها نحو زيادة كفاءتها وخبرتها الفنية؛ بحيث تستطيع استثمار أموال المودعين بأفضل الأساليب المشروعة، وهذا يقتضي أن تستفيد من كل الموارد المتاحة لديها -بما فيها الودائع المشتقة- بما يمكنها من النجاح والاستمرار والتفوق على المصارف التقليدية الربوية، وبما يمكنها في النهاية من كسب المصارف التقليدية إلى جانبها، وتحويلها إلى مصارف إسلامية.
وبناء على ذلك فإن العديد من المتخصصين في المصارف الإسلامية يرفضون إقحام المصارف الإسلامية في العمل الخيري التطوعي، ويقولون بأنه ينبغي عدم توريط المصارف الإسلامية في العمل الخيري، خاصة أنها مؤتمنة على أموال المودعين والمستثمرين، ولا تستطيع استخدام هذه الأموال لأغراض خيرية دون موافقة أصحاب هذه الأموال.
اقتراح جديد
وللخروج من هذا المأزق اقترح د.الزرقا في أحد مؤتمرات الاقتصاد الإسلامي في عام 2004 أن تقوم جمعية خيرية بإنشاء صندوق للقروض الحسنة داخل المصارف الإسلامية يسمى "صندوق مفاتيح الخير". ويقوم هذا الصندوق بتقديم القروض الحسنة للمحتاجين،\ وخاصة ذوي المشروعات الصغيرة، وبدون ضمانات مالية (لصغار المستفيدين)، حرصا على كفالة الحد الأدنى لكل إنسان في المجتمع.
ويعتمد الاقتراح على توفر أربعة عناصر هم: "مشاركون بقرض حسن تحت الطلب، كفلاء بقروض متوسطة الأجل (سنة فأكثر)، كفلاء بالتبرع، إدارة للصندوق. ولا تستخدم قروض كفلاء الصندوق لتقديم التمويل؛ بل تستخدم حصرا لضمان السيولة الفورية للمشاركين، وهذا ما يشجع كثيرا من الناس على المشاركة، كما يمكن أن يقوم كفلاء بالتبرع بمبالغ محدودة كلما وقع الصندوق في خسارة.
وتكون طريقة عمل هذا الصندوق كما يلي:
- يصمم البنك الإسلامي بالتعاون مع الجمعية الخيرية نظاما خاصا للصندوق، ويعرضه على المودعين لينضم إليه من شاء منهم.
- يصدر المشاركون أوامر صريحة إلى البنك الإسلامي الذي لهم فيه حسابات تحت الطلب أو حسابات استثمارية، بتحويل مبلغ معين للصندوق بصفة قرض تحت الطلب، يسترد تلقائيا إذا انكشف حسابهم أو عندما يطلبون ذلك متى شاءوا.
- يمكن أن يكون التحويل بواسطة أمر مشروط "كلما زاد حسابي عن مبلغ كذا أفوضكم أن تقرضوا الصندوق مبلغ أو نسبة كذا".
- ما يتجمع في الصندوق من هذه القروض الحسنة يشكل موارد الصندوق التي ستوجه لتقديم القروض الحسنة للمحتاجين.
- يقوم المصرف الإسلامي بتقديم القروض الحسنة للمتمولين من هذا الصندوق، ويمكن أن يطلب من طالبي التمويل لأغراض إنتاجية فتح حساب لدى المصرف الإسلامي.
- إذا احتاج الصندوق لتغطية طلبات سحب من المشاركين تتجاوز ما لديه من موارد؛ فإنه يطلب هذه القروض من الكفلاء.
أسئلة وإجابات
غير أن هذا الاقتراح ستوجه إليه العديد من الأسئلة والاستفسارات التي يمكن توقعها، ويمكن أن نجيب عليها مثل:
* لماذا لا يقوم المصرف الإسلامي بنفسه بتقديم القروض الحسنة، وبالتالي لا داعي لهذا الصندوق؟
- لأن المصرف الإسلامي مؤسسة استثمارية تمتلك الخبرة الفنية والاستثمارية لإدارة واستثمار الأموال، وتحقيق العوائد بأفضل الطرق والأساليب المشروعة والنافعة للمجتمع. وهو يعمل كوكيل عن العملاء الذين قد لا يحسنون استثمار أموالهم، أو لا يمتلكون الخبرة الفنية لذلك، أو قد لا يكون لديهم الوقت الكافي أو الدراية الكافية بأحوال السوق وطرق الاستثمار.. ومن هنا فإن المصرف الإسلامي هو المؤسسة الاستثمارية المعنية بجذب وتجميع المدخرات وإعادة استثمارها في مشروعات نافعة، أما أن يتحول المصرف الإسلامي إلى جمعية خيرية أو مؤسسة لجمع الزكاة فهذا ليس هو اختصاصه؛ بل إن هناك مؤسسات أخرى يمكن أن تقوم بهذه الوظائف.
إن المشكلة التي علقت بأذهان كثير من المسلمين، والتي تحتم أن يقوم المصرف الإسلامي بتوزيع الصدقات والزكوات والقروض الحسنة.. مشكلة ذهنية تخرج المصرف الإسلامي عن أداء دوره الاستثماري الحقيقي، وتتطلب أن يتحول المصرف الإسلامي إلى جمعية خيرية، ويترك ساحة العمل المصرفي للمصارف الربوية.
إن السعي نحو أسلمة القطاع المصرفي بأكمله تتطلب أن تتخصص المصارف الإسلامية في الأعمال المصرفية، وتتفوق في أساليب الاستثمار المصرفي الإسلامي؛ بحيث تكون أكثر كفاءة وربحية والتزاما بمعايير الجودة العالمية إضافة إلى المعايير المحاسبية والشرعية.
* ما هي المصلحة التي سيحققها المصرف الإسلامي نتيجة تطبيق هذا الاقتراح؟ وكيف يمكن إقناع المصرف الإسلامي بقبول هذا الاقتراح؟
- من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية تحقيق العدالة والتخفيف من حدة التفاوت، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وإن تبني المصارف الإسلامية لمثل هذا الاقتراح سيزيد ثقة الناس بها، ويعمل على تفعيل الدور الاجتماعي المنوط بها، خاصة بعد أن انحرفت بعض المصارف الإسلامية عن مسارها الأصلي.
ويمكن أن تتبنى المصارف الإسلامية هذا الاقتراح إذا ما تم تبنيه من قبل المجلس العام للبنوك الإسلامية، ويمكن أن تكون نسبة القروض الحسنة في البنوك الإسلامية من المعايير الشرعية التي ينبغي أن تطالب بها مستقبلا.
* ما هي مواصفات ومعايير الجمعية المطلوبة؟ وهل يلزم أن تكون متخصصة لهذا الغرض أم تكون جمعية اجتماعية بشكل عام؟
- يكون دور الجمعية هو التنسيق والتشاور بين إدارة المصرف الإسلامي وممثلي المودعين والمشاركين، ويفترض أن يكون البدء من خلال أعضاء الجمعية أنفسهم، وينبغي أن تكون الجمعية هي الأكثر مصداقية وشفافية والتزاما بمعايير الجودة والنوعية والكفاءة في العمل الاجتماعي الإسلامي.
* كيف سيطمئن الناس إلى أن أموالهم يتم تقديمها كقروض حسنة للمستحقين؟
- تخضع إدارة الصندوق لنظام يتم الاتفاق عليه بين الجمعية والمصرف الإسلامي، ويخضع تطبيق هذا النظام لرقابة المصرف والجمعية والهيئة الشرعية في المصرف الإسلامي.
* هل يمكن أن تتدخل الجهات الحكومية ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية أو الأوقاف أو البنك المركزي للرقابة على إدارة أموال الصندوق؟
- ربما يكون من المناسب تكوين لجنة من هذه الجهات الحكومية للتنسيق والتشاور، وتنظيم آلية توزيع القروض الحسنة؛ بحيث يتم توحيد الجهود في توزيع القروض الحسنة والمعونات للحيلولة دون تكرار المساعدة للبعض وحرمان الآخرين.
* هل يمكن أن تتدخل جهات حكومية لتوفير الدعم لهذا الصندوق من خلال تقديم نسبة من أموالها كقروض حسنة أو تقديم الكفالة؟
- ربما يكون من عوامل نجاح هذا الصندوق أن توجد أجهزة حكومية تدعمه بالمال والكفالة، شريطة عدم تدخلها للاستفادة من موارد الصندوق.
* هل يسمح بتقديم قروض لمؤسسات خيرية أخرى أو أجهزة حكومية؟
- لا يصح أن يسمح النظام بتقديم قروض حسنة لغير الأفراد المحتاجين؛ لأن التوسع في الإقراض لغير الجهات المعنية يخرج الصندوق عن الغاية الأساسية لوجوده.
* هل يمكن لمن أعطى أوامر للمصرف الإسلامي بتحويل 50% من وديعته في الحساب الجاري إلى قرض تحت الطلب للصندوق أن يسحب 100% من وديعته في أي وقت؟
- طبعا يمكنه ذلك، وعندها يكون قد استرد أمواله المقرضة للصندوق، وهذا لا يعرقل مسيرة الصندوق؛ لأن الفكرة تعتمد على أن معظم الناس لا يسحبون أموالهم مرة واحدة، وإذا سحبوا أموالهم فإنهم سرعان ما يعيدونها.
* هل يمكن لأصحاب الودائع الاستثمارية أن يقرضوا الصندوق؟
- يمكن لأصحاب الودائع الاستثمارية تخصيص نسبة منها لإقراض الصندوق، وعندها تتحول هذه النسبة إلى قرض تحت الطلب لدى إدارة الصندوق، يستطيع العميل أن يسحبها متى شاء، ولو أن أصحاب الودائع الاستثمارية يخصصون نسبة صغيرة من ودائعهم كقروض للصندوق؛ فإن هذا سيكفل للصندوق الاستمرار والنجاح لسنوات طويلة.
إن الأسئلة المتقدمة والأجوبة المرافقة لها ليست سوى عينة من المسائل التي يمكن أن تثور حول هذا الاقتراح، وهي تتطلب من الباحثين والمتخصصين في مجال المصارف الإسلامية المزيد من المناقشة؛ بغية تفعيل هذا الاقتراح وتطبيقه بما يحقق النفع للمسلمين، وبما يصحح المسيرة التي قامت عليها المصارف الإسلامية من خلال زيادة الدور الاجتماعي والإنساني الذي يمكن أن تقوم به.
اقرأ أيضًا:
بنك سويدي لا ربوي!..
القروض المصرفية.. وضع وشرع
القرض الحسن من أموال الزكاة ( فتوى)
الفرق بين المصارف الإسلامية والبنوك الربوية (فتوى)
دور المصارف وشركات التمويل الإسلامية في التنمية
أهم المراجع:
محمد أنس الزرقا: "التحديات المستقبلية للمصارف الإسلامية ورؤية للاستجابة لها" الملتقى السنوي الإسلامي السابع، إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، عمان، 2004.
محمد عمر شابرا: النظام النقدي والمصرفي في الاقتصاد الإسلامي، مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي، العدد الثاني، المجلد الأول، 1984.
كمال حطاب: "التكييف الفقهي للحساب الجاري"، مجلة دراسات اقتصادية إسلامية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، المجلد الثامن، العدد الثاني، 2001.
---
** أستاذ الاقتصاد الإسلامي- الأردن.
البيع بالتقسيط
|
الكتاب : احكام البيع بالتقسيط المؤلف : الشيخ سعد بن تركي الخثلان |
أحكام بيوع التقسيط
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا أنك أنت العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ونسألك اللهم علما نافعا ينفعنا.
قبل أن أبدأ هذا الدرس أشير إلى أن بعض الإخوة من خلال الأسئلة التي وردت يسألون عن المراجع لمادة هذا الدرس والحقيقة أنه ليس هناك مرجع أو مراجع محددة يمكن أن يحال عليها، بل مادة كل درس لها مراجع تختلف عن الدرس الآخر، ولكن أفضل مراجع هذا الدرس هي الرسائل العلمية رسائل الماجستير والدكتوراة بحثت جزئيات هذه الموضوعات.
يعني مثلا البيع بالتقسيط فيه رسالة، التأجير المنتهي بالتمليك فيه رسالة، الشركات المساهمة فيها رسالة إلى آخره.
تعرفون أن الرسائل العلمية تبذل فيها جهود كبيرة، إن كان مثلا رسالة الدكتوراة يبقى الباحث فيها أربع سنوات على الأقل .أربع سنوات من عمره يمضيها في الرسالة تحت الإشراف العلمي أيضا، ثم يتم تقييمها علميا أيضا من قبل آخرين، ثم مناقشتها وذلك يعطيها قوة. فهذه الرسائل العلمية هي أفضل الكتابات في مادة هذا الموضوع.
وكذلك أيضا بحوث المجامع الفقهية فإن المجمع الفقهي حينما يبحث مسالة يستكتب بعض الباحثين ويستعين ويستأنس بآراء بعض الخبراء، ثم تتم مناقشة ذلك الموضوع، ثم يصدر القرار فيه.
أمر آخر اقترحه بعض الإخوة وهو قال: لو وزع مادة هذا الدرس، ولكن يصعب هذا لما ذكرت من تشتت وتفرق مادة هذا الدرس، لكن هذه المادة محفوظة على موقع البث الإسلامي، وأقول وأطرحها كفكرة لو أمكن بعض الإخوة خاصة من كان عنده همة ونشاط تفريغ هذه المادة، ثم بعد ذلك تعرض علينا بعد هذا ثم ينشر على شكل كتاب، يكون هذا نافعا، ويكون من ثمرات هذه الدورة المباركة إن شاء الله تعالى.
اليوم سيكون درسنا عن أحكام بيوع التقسيط، ونتناول كذلك بيع المرابحة للأمر بالشراء، وهي من صور بيع التقسيط، والتورق، أيضا نتكلم عن التورق عند الفقهاء والتورق الموجود في المصارف وحكمه الشرعي، وهذه المسائل من المسائل التي يكثر السؤال عنها، وترد فيها أسئلة كثيرة، بل لا أبالغ إن قلت: إنه في بعض الأيام ترد عشرات الأسئلة حول هذا الموضوع، ولذلك نريد في هذا الدرس تجلية هذه المسائل بوضوح وبيان آراء العلماء المعاصرين فيها.
نقول: بيع التقسيط له صور، أبرز صوره التقسيط المباشر، وصورة التقسيط المباشر أن يبيع رجل بضاعة أو سلعة من السلع بثمن مؤجل أو بأقساط معلومة، ويزيد في قيمة البضاعة مقابل الأجل.
مثال ذلك: سيارة قيمتها نقدا خمسون ألف ريال، أراد رجل أن يشتريها بالتقسيط لمدة سنة بستين ألفا، يعني قيمتها نقدا معروضة في معرض السيارات بخمسين ألفا، فقال: والله أنا ما عندي خمسين ألفا الآن، أنا أشتريها منكم بالتقسيط بستين ألفا إلى سنة فما حكم هذا البيع؟ فهاهنا زيد في قيمة السيارة مقابل الأجل.
وهكذا سائر السلع قيمة السلعة شيء معين، ثم يزاد في قيمة السلعة مقابل زيادة الأجل. فما الحكم في هذا البيع، وما حكم هذه الزيادة مقابل زيادة الأجل ؟
أقول: أكثر العلماء على أن هذا البيع لا بأس به، وأنه بيع صحيح، بل قد حكي الإجماع على جوازه، وممن حكى الإجماع على جوازه الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح فقد حكى الإجماع على جوازه. وروي عن قلة من العلماء أنهم منعوه، قالوا: إنه لا يجوز، ومنهم بعض الظاهرية، ومن المعاصرين اشتهر هذا الرأي عن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، وأصبح يفتي به عامة تلامذته.
وقد قيل إن القول الثاني: إنه قول شاذ؛ لأنه مخالف للإجماع، ولكن على كل حال يبقى قولا يطرح ويفتى به خاصة بعد تبني الشيخ الألباني رحمه الله له، والصحيح في هذه المسألة ما عليه جماهير العلماء قديما وحديثا من جواز هذا البيع من غير كراهة.
والأدلة على جوازه كثيرة، منها قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ولم يشترط الله تعالى أن تكون المداينة بسعر الوقت الحاضر، ومعلوم أن الدين يصحبه الزيادة في الثمن.
ويدل لذلك أيضا ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يسلفون في الثمر السنة والسنتين وجاء في رواية " والثلاث " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم .
ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك بسعر الوقت الحاضر.
ويدل لهذا أيضا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا، فنفدت الإبل، فأمره أن يشتري البعير بالبعيرين، والبعيرين بالثلاثة إلى إبل الصدقة .
فهنا زيد في قيمة السلعة مقابل الأجل، البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة، لكن بثمن مؤجل إلى إبل الصدقة.
ويدل لهذا أيضا ما جاء في الصحيحين من قصة بريرة رضي الله عنها حيث اشترت نفسها من أسيادها بتسع أواق في كل عام أوقية وهذا نوع من بيع التقسيط. ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا على بريرة بل أقره.
وأيضا يدل لهذا ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي إلى أجل فرهنه درعه ومعلوم أن اليهودي لا يمكن أن يبيع الطعام إلى أجل بثمنه في وقته الحاضر؛ لأن اليهود أهل شح وطمع، فلا يمكن لهذا اليهودي أن يبيع الشعير إلى أجل بثمنه الحاضر؛ ولأن أمور التجارة لا تستقيم إلا على هذا، فإن سعر السلعة إذا بيعت نقدا يختلف عن سعرها إذا بيعت مؤجلا عند عامة العقلاء.
وفي إباحة زيادة قيمة السلع مقابل الأجل فيه مصلحة للطرفين للبائع وللمشتري، فيه مصلحة للبائع وللمشتري، أما البائع فإنه ينتفع بالربح، وأما المشتري فإنه ينتفع بالإمهال والتيسير، ثم إنه ليس كل أحد يستطيع أن يشتري حوائجه نقدا، فلو منعت هذه الزيادة، لو منعت الزيادة في المداينة لكان في ذلك حرج عظيم على كثير من الناس، خاصة أن الأصل في هذا الباب هو الحل والإباحة، والشريعة الإسلامية قد أتت بتحصيل المصالح وتكميلها ودفع المضار وتعطيلها، فكما ترون الأدلة كثيرة.
وأما من منع فليس عندهم حجة في الحقيقة ليس لهم دليل، إلا قياس هذه المسألة على زيادة الدين مقابل زيادة الأجل، وهذ قياس مع الفارق؛ لأن زيادة الدين مقابل الأجل هي زيادة في الدين، أما هنا الزيادة زيادة في قيمة السلعة مقابل زيادة الأجل، فهنا زيادة في ثمن السلعة مقابل زيادة الأجل، أما الدين فإنه زيادة في دين مقابل الأجل، الذي هو أساس الربا في الحقيقة، أساس الربا هو زيادة الدين مقابل زيادة الأجل، أما هنا فليس فيه دين، وإنما فيه ترتيب ثمن يقول له: لا أبيعك هذه السلعة إلا بكذا.
نعم لو أنه قال: لا أبيعك هذه السلعة إلا بكذا. ثم لما حل موعد السداد زاد في الثمن مقابل زيادة الأجل، زاد في القيمة المقابلة مقابل زيادة الأجل، نعم تكون هذه من الربا. لكن إذا وُضع الثمن واتفق عليه من البداية فلا بأس به، وإن كان أكثر من ثمنه في الوقت الحاضر هذا القياس إذن قياس مع الفارق.
ولهذا كما قلت يعتبر بعض العلماء هذا القول قول بالمنع أنه قول شاذ، والصواب إذن هو الذي يفتي به عامة مشايخنا الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، وعامة العلماء هو القول بالجواز في هذه الحال، وأنه لا بأس بزيادة قيمة السلعة مقابل الأجل، لكن هذا كما ذكرت عند إنشاء العقديعني في البداية، فإذا هذه صورة التقسيط المباشر، نقول: إنها جائزة ولا بأس بها والحمد لله.
نحن وعدنا بأن نذكر معادلة حساب نصاب الأوراق النقدية لكن بعد ما ننتهي إن شاء الله من الدرس في ... الأخير.
نقول بعد هذا: من يبيع بالتقسيط ينبغي ألا يستغل حاجات إخوانه المسلمين فيزيد عليهم في الربح زيادة فاحشة، فإن هذا مكروه، فقد جاء في سنن أبي داود عن علي رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر .
وهذا الحديث في سنده ضعف، ولكن الأصول والقواعد الشرعية تؤيده؛ لأن استغلال الإنسان لحاجات إخوانه المسلمين ومبالغته في أخذ الربح مبالغة فاحشة فوق المعتاد فيه إضرار بإخوانه المسلمين، وفيه شيء من الطمع والهلع، وربما تمحق بركة ذلك البيع بسبب هذه الزيادة المبالغ فيها والذي يحصل بها الاستغلال لإخوانه المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس - يعني بتعلق وطمع - لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع يعني انظر كيف أن الإنسان إذا أخذ المال بسخاوة نفس من غير تعلق من غير طمع من غير شح يبارك له فيه، أما إذا أخذه بإشراف نفس وتعلق وطمع فإنه تنزع البركة من هذا المال ويصبح كالذي يأكل ولا يشبع.
ثم أيضا ينبغي لمن يبيع بالتقسيط أن يجعل الربح مقطوعا، فيقول مثلا: أبيعك هذه السيارة بخمسين ألفا وربح خمسة الآف أو ربح عشرة الآف هذا هو الأحسن والأفضل، ولا يقول: أبيعك هذه السيارة على أن أربح في كل عشرة ألآف ألفا، أو يقول: أبيعك هذه السيارة بنسبة ربح ثمانية في المائة مثلا، فإن هذا قد ورد عن بعض السلف كراهته، وإن كان ليس محرما لكنه مكروه.
ولهذا قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: " والمرابحة أن يبيعه بربح فيقول: رأس مالي فيه مائة وربحي عشرة " فهذا جائز ولا خلاف في صحته، ولا نعلم أحدا كرهه. قال: وإن قال: على أن أربح في كل عشرة فيه درهما فقد كرهه أحمد. ورويت فيه الكراهة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف، كذلك كرهه الحسن ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء وابن يسار.
ووجه الكراهة في هذه الحال هو شبهه ببيع دراهم بدراهم يعني شبهه بمسألة الربا. قال الإمام أحمد: كأنه دراهم بدراهم.
فيعني بعض السلف كرهوا على أن تكون الزيادة بهذا الوصف، فيقول: أبيعك على أن أربح في كل عشرة ألفا. أو يقول: أبيعك - كما هو عليه الآن - والربح نسبة، 8%، نسبة 10%، نسبة 5% كره هذا بعض السلف؛ لأن هذا الوصف شبيه بالربا، والأحسن أن يجعل الربح مقطوعا وإن كان مؤدى الأمرين واحد في الحقيقة. لو قال: أبيعك على أن أربح عشرة آلاف مثلا في سيارة قيمتها مائة ألف، قال على أن يكون الربح عشرة آلاف أو قال: عشرة في المائة، المؤدى واحد، ولكن بعض السلف كره عبارة أن أربح في كل عشرة ألفا. أو أن يكون بالنسبة، وقالوا: الأفضل أن يجعل الربح مقطوعا، ولكن لو فعل هذا فإنه لا يأثم المسألة لا تعدوا أن تكون مجرد كراهة فقط، ولا يعلم أن أحدا قال بالتحريم وإنما المسألة فقط مجرد كراهة.
ولهذا قال الوزير ابن هبيرة رحمه الله: اتفقوا على أن ربح المرابحة صحيح، وهو أن يقول: أبيعك وربحي في كل عشرة درهم، وكرهه أحمد لشبهه ببيع العشرة بأحد عشر لا أنه منه حقيقة وإلا حرم ".
هذه إذا هي صورة التقسيط المباشر، وظاهر من هذا أنها بين طرفين فقط.
ولكن ما الحكم في ما إذا طلب شخص من آخر أو من مصرف أو من مؤسسة أو شركة أن يشتروا له سلعة معينة ثم يشتريها منهم بالتقسيط، وهذه المسألة يسميها بعض المعاصرين بالمرابحة للآمر بالشراء.
وصورة هذه المسألة: هذا رجل يريد سيارة معينة، وليس عنده نقد يشتري به هذه السيارة، فذهب إلى مؤسسة أو إلى بنك مثلا وطلب من هذه المؤسسة أو المصرف أن تشتري له تلك السيارة ثم يشتريها منهم بالتقسيط. يقول: اشتروا لي هذه السيارة وأنا أشتريها منكم بالتقسيط. فما حكم هذا العمل؟
هذا لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن يتعاقد ذلك الرجل مع تلك المؤسسة أو المصرف يتعاقد معهم مباشرة بشراء تلك السلعة المعينة، فهذا العقد محرم ولا يصح، لماذا ؟
لأن تلك المؤسسة أو البنك قد باع ما لا يملك، يذهب للبنك مباشرة أو المؤسسة ويتعاقد معهم على شراء سيارة بمواصفات معينة، ويبرم معهم العقد أو يعطيهم عربونا أو نحو ذلك .هذا لا يجوز هذا البيع؛ لأن هذه المؤسسة أو البنك لم يملك بعد السيارة فكيف يبيع شيئا لا يملكه، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال: لا تبع ما ليس عندك .
ثم مع هذا المحظور وهو أن المؤسسة أو البنك باع ما لا يملك وهو الحقيقة يشبه أن يكون حيلة على الربا، حيلة على قرض بفائدة، فكأن هذا الرجل قال لتلك المؤسسة أو لذلك المصرف: أقرضني قيمة هذه السلعة مع فائدة معينة، أقرضني قيمة هذه السلعة بفائدة، لكن بدل ما يسلك هذا المسلك يقول: أقرضني بفائدة أتى بهذا البيع الصوري حيلة على القرض المحرم.
فإذا هذه الصوره نقول: إنها محرمة، وهي يعني مع الأسف موجودة في بعض المؤسسات والبنوك.
الحالة الثانية: ألا يحصل تعاقد سابق بين ذلك الرجل وبين المؤسسة أو المصرف على إتمام عملية الشراء، ولكن يحصل مجرد وعد من تلك المؤسسة أو المصرف بأن يقوموا بشراء تلك البضاعة التي يعدهم هذا الرجل بأنه سوف يشتريها منهم، فتكون المسألة مبنية على وعد غير ملزم. يأتي لهم ويقول: أنا أريد أن تشتروا لي سيارة موديلها كذا نوعها كذا لونها كذا، وأعدكم أنكم إذا اشتريتموها أشتريها منكم.
ما الفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى؟ الأولى في عقد أبرم معهم عقدا، هنا ما في عقد وعد فقط. ولاحظ أنه وعد غير ملزم. يقول: اشتروا لي هذه السلعة وأعدكم بأنني سوف أشتريها منكم. وهذه الصورة تجوز بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون الاتفاق المبدئي بينهما مجرد وعد بالبيع ووعد بالشراء. وهذا الوعد وعد غير ملزم فلكل منهما يعني من المؤسسة أو المصرف وذلك الرجل الخيار لكل منهما الخيار في إتمام ذلك البيع أو عدم إتمامه.
ويترتب على هذا أن السلعة لو تلفت بعد شراء المصرف أو المؤسسة لتلك السلعة، وقبل أن يبرم معهم ذلك الرجل عقدا فهي من ضمان المؤسسة أو المصرف؛ لأنه حتى الآن ليس عندنا عقد إنما هو مجرد وعد ومعلوم أنه هناك فرق بين الوعد وبين العقد.
فالوعد مجرد إبداء الرغبة في الشيء أنا أرغب في هذا الشيء، وأما العقد فإنه ارتباط منجز ملزم، ولكن ينبغي أن يعلم بأن الوعد الملزم بمعنى العقد. لكن إذا كان الوعد ملزما فهو بمعنى العقد، لكن إذا كان وعدا غير ملزما فهو مجرد إبداء الرغبة في الشيء، فيقول: أنا أعدكم بأنكم إذا اشتريتم لي هذه السلعة أشتريها منكم، فيذهبون ويشتروا له هذه السلعة، فإذا اشتروها له فهو بالخيار أيضا لا يستطيعون إلزامه بأن يشتريها منهم. فهو بالخيار إن شاء أبرم العقد وإن شاء صرف النظر عنه.
هذا هو الشرط الأول أن يكون الاتفاق بينهما مجرد وعد غير ملزم.
الشرط الثاني: ألا يقع العقد بينهما إلا بعد قبض تلك المؤسسة أو المصرف للسلعة أو البضاعة واستقرارها في ملكه.
يعني تقوم تلك المؤسسة بشراء تلك السلعة أو ذلك البنك أو المصرف بشراء تلك السلعة وقبضها، ثم بعد ذلك يُبرم العقد ويقومون ببيعها عليه.
ففي مثالنا السابق أتى شخص إلى مصرف، وقال لهم: أنا أريد منكم أن تشتروا لي سيارة نوعها كذا موديلها كذا لونها كذا، وأعدكم بأنكم إذا اشتريتموها على هذه المواصفات سوف أشتريها منكم، لاحظ هنا ما في عقد الآن، فقام المصرف مثلا أوالمؤسسة أو الشركة أو حتى فرد واشترى له هذه السيارة بهذه المواصفات، وقال له: يا فلان أنت أبديت رغبتك في شراء سيارة بهذه المواصفات نحن اشتريناها وتملكنا هذه السيارة، وقبضناها وهي الآن موجودة. بعد ذلك أجري العقد بينهما، أبرم العقد، فاشتراها منهم بالتقسيط. اشتراها مثلا بخمسين ألفا وأبرم العقد بينهما على أن يشتري هذا الرجل أو المؤسسة أو المصرف أو البنك بسبعين ألف مثلا إلى سنة أو سنتين أو أكثر أو أقل هذا لا بأس به إذا كان بهذا الوصف بهذه الشروط لا بأس به.
الشرط الأول: أن يكون الاتفاق المبدئي بينهما مجرد وعدا غير ملزم مجرد إبداء رغبة.
الشرط الثاني: أن الموعود بالشراء منه يتملك البضاعة ويقبضها قبضا تاما.
والحقيقة أنه يحصل الإخلال بأحد هذين الشرطين خاصة في البيع الذي يتم عن طريق البنوك، فإما أن يبرم العقد قبل تملك البنك السلعة، وإما ألا يبرم العقد لكن البنك لا يتملك السلعة، وإنما يتفاهم فقط مع معرض من المعارض، ولا بد أن يكون التملك للسلعة بعينها وليس بوصفها.
ومعنى هذا أن البنك مثلا يذهب ويشتري هذه السلعة المعينة، يذهب ويشتري هذه السيارة بعينها، والواقع أن بعض البنوك لا تفعل هذا، وإنما فقط تتفاهم مع معرض السيارات بأننا نحول عليك الزبائن، وهذا غير كاف في الحقيقة هذا لا يكفي. لا بد أن يشتروا شراء حقيقيا، ويتملكوا تلك السيارة بعينها، ويتم القبض ثم بعد ذلك يبيعها.
أما مجرد تفاهم مع صاحب المعرض بأن يحولوا عليه الزبائن فهذا غير كاف، وحينئذ يكون لم يتحقق الشرط الثاني.
وبعض الناس يقول: إنه حصل أن اتفق مع البنك بوعد غير ملزم، وقال البنك: السيارة التي تريدها موجودة في المعرض الفلاني، فلما ذهب للمعرض قال: أين السيارة اللي البنك الفلاني أعطاك مواصفاتها. فقال كل هذه سيارات اختر منها واحدة، كل هذه السيارات من النوع الفلاني الموديل الفلاني، هذا ما يصح، لا بد أن يتملك الموعود بالشراء منه السلعة بعينها على سبيل التعيين وليس على سبيل الوصف. فإذا تحقق هذان الشرطان فهذا البيع لا بأس به.
وقد أقر هذا مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بدورة المؤتمر الخامس، أجاز هذا البيع بهذين الشرطين: بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، وقالوا: ولا تجوز المواعدة الملزمة لأنها في معنى العقد، ويشترط أن يكون البائع مالكا للمبيع. يعني بهذين الشرطين أقره مجمع الفقه الإسلامي، وأيضا سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله أيضا أجاز هذا البيع بهذين الشرطين، وعامة المشايخ والعلماء يفتون بالجواز بهذين الشرطين.
ولكن هناك من العلماء من منع من هذا البيع، وقال: إنه حيلة على الربا. وإن كانوا قلة. يعني الأكثر على الجواز لكن بالضوابط والشروط التي ذكرناها.
من العلماء من قال: إن هذا حيلة على الربا وأنه لا يجوز، ومن أبرز من قال بهذا القول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، بل إنه يشدد في هذه المسألة ويعتبرها حيلة على الربا.
ولكن عند التأمل في هذا العقد نجد أنه في الحقيقة ليس فيه حيلة على الربا؛ لأن هذا الوعد هو وعد غير ملزم مجرد إبداء رغبة في هذه السلعة، وهذا الموعود بالشراء منه قد تملك السلعة وقبضها، فأين الحيلة حينئذ، ولكن ربما أن أصحاب هذا القول رأوا توسع البنوك، أو الإخلال الكبير الذي يحصل من البنوك في مثل هذه البيوعات، وهذا حقيقة خلل في التطبيق لا يجعلنا نمنع هذا التعامل، يعني يكون مثلا بعض البنوك يكون لديه خلل في التطبيق لا يجعلنا نمنع المسألة كلها، فالقول بأن هذا حيلة هذا غير ظاهر.
لو قلت لي: أنا أريد سيارة بهذه المواصفات اذهب واشترها لي من السوق وأنا أشتريها منك، فذهبت واشتريتها لك بالمواصفات التي تريدها، ثم أبرمنا عقدا فيما بعد، واشتريتها مني بالتقسيط لمدة سنة، فأين الحيلة في هذا. ليس في حيلة في الحقيقة.
ولهذا جاء في حديث أبي سعيد في قصة تمر البرني لما أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني من النوع الجيد، فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ قالوا: لا يا رسول الله إنا نبيع الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال: أوه هذا عين الربا ثم أرشدهم إلى المخرج، فقال: ولكن بع الجمع -يعني أخلاق التمر الرديء- بالدراهم واشتر بالدراهم الجديد. مع أنه قد يقول قائل: هذا حيلة على الربا لأن النتيجة واحدة؛ فإذا بعت صاعين بصاع هي نفسها إذا بعت بعت صاعين بالدراهم، ثم اشتريت بالدراهم صاعا. النتيجة واحدة.
ومع ذلك هذا المخرج أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعتبر حيلة على الربا، ثم إن الأصل في هذا الباب الحل والإباحة، ولا نمنع شيئا إلا بدليل واضح، وفي هذا التعامل توسعة على الناس وإرفاق بهم؛ لأنه ليس كل إنسان يجد من يقرضه، وليس كل إنسان يستطيع أن يشتري ما يريده من الحوائج، فالأصل في هذا الحل والإباحة، ولهذا الأظهر والله تعالى أعلم أن بيع المرابحة للآمر بالشراء أنه جائز بهذين الشرطين، وكما ذكرت هو رأي أكثر العلماء، وهو الذي قرره مجمع الفقه الإسلامي، ولم يخالف في هذا إلا قلة من أهل العلم.
هذا ما يتعلق ببيع المرابحة للآمر بالشراء. وهذا ليس خاصا بالسيارات يعني ينضم على جميع البضائع والسلع والدور والعقار وكل شيء إذا تحقق فيه هذان الشرطان فلا بأس، خاصة الشرط الثاني في الحقيقة هو الذي يحصل الإخلال به، يعني لا يحصل التملك والقبض، ولهذا ينبغي لمن يريد أن يتعامل بهذا التعامل أن يتأكد من تملك الموعود بالشراء منه للسلعة وقبضها، فمثلا يرسل مندوب للبنك فيشتري السيارة ويقبضها، ثم يبيعها على هذا الشخص الذي وعده بالشراء منه، في الإمكان أن يضع البنك مندوبا له في المعرض مثلا، ويشتري السيارة ويبيعها، أما مجرد أن يعطوا هذا الشخص الذي وعدهم بالشراء تحويلا على المعرض هذا غير كاف في الحقيقة.
---
فقه المعاملات المالية المعاصرة - أحكام بيوع التقسيط -
موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمية: www.Taimiah.org
حقوق الطبع © 2005 جميع الحقوق محفوظة
Sunday: 16 / 9 / 2007
|
الكتاب : الاقتصاد الإسلامي
|
مقدمـــــــــــة
منذ وجود الإنسان على هذه البسيطة وهو يكافح من أجل البقاء وتعمير الأرض التي استخلف فيها ، مستعينا بذلك بكل ما حباه الخالق من موارد ومقومات . فلتأمين حاجته من الغذاء والكساء والمسكن والأمان ولتحسين وضعه المعيشي والاقتصادي عمل الإنسان علتعى تطوير أساليب الإنتاج والتبادل ، كما حسن من مستوى الأداء الإداري وتبنى السياسات الاقتصادية ، واخترع النقود ، وأحدث ثروة في عالم الاتصالات والمعلومات .
ولقد صاحب هذا التطور ظهور كثير من الآراء والأفكار الاقتصادية لكثير من الفلاسفة والكتاب ، إضافة إلى ما أتت به الأديان السماوية من قواعد وأحكام وتشريعات اقتصادية إلا أن هذه الأفكار الاقتصادية كانت متناثرة في كثير من الكتب وتمثل جزءا من آراء وقوانين أخرى تتصل بالسلوك الإنساني وفلسفته في الحياة ولم يظهر فكر اقتصادي بشكل مستقل واضح المعالم إلا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي عند ظهور كتاب ثورة الأمم لآدم سميث
هذا بالنسبة للفكر الاقتصادي بشكل عام ، أما الفكر الاقتصادي الإسلامي فبالرغم من كونه لم يكن متمتعا بذاتية مستقلة ، ولم يكن هناك خط فاصل بينه وبين جوانب الحياة الفكرية الإسلامية الأخرى - فقد تبلور هذا الفكر واتسعت آفاقه من خلال الممارسة العملية والتطبيق الواقعي في عصور الإسلام الأولى فقد كانت الزكاة وغيرها من الفرائض المالية تجبى بالطرق الشرعية وكان الفيء وغنيمة الحرب يقسم بين المستحقين من الفقراء والمقاتلين وكان هذا السلوك نواة لبيت المال ( الخزانة العامة ) وتنظيما لإيراداته ومصروفاته وهكذا فتح التطبيق العملي للفكر الاقتصادي الإسلامي طريقا للدراسة والبحث من خلال الوقائع والمشكلات المالية التي برزت واستفحلت بسبب الممارسة والتطبيق .
والمتصفح للمؤلفات الفقهية الإسلامية لا يعدم الطريق إلى العديد من الدراسات والأبحاث المالية والاقتصادية ، بالإضافة إلى مؤلفات إسلامية متخصصة في أحكام الأموال في الشريعة الإسلامية من أبرزها كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت / 224ه)والخراج ليحيى بن آدم ( ت / 203ه) والخراج أيضا لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ( ت / 182ه) والحسبة لابن تيميه (ت / 778ه ) ومقدمة ابن خلدون (ت / 808ه ) ولعل أهم هذه المؤلفات من الناحية المالية البحتة هو كتاب الخراج لأبي يوسف الذي كان يشغل منصب قاضي القضاة في عهد الخليفة هارون الرشيد ، وقد انطوى كتاب الخراج على مجموعة إجابات عن أسئلة وجهها الخليفة إليه فيما يتعلق بنظام جباية الخراج وغيره من موارد بيت المال .
وقد أجاب على كل سؤال على حدة بصورة تفصيلية ، واقترح أنجح الأساليب وأعدلها في جباية الإيرادات وصرف النفقات . كما تعتبر مقدمة ابن خلدون التي صاغها في القرن الثامن الهجري وقبل أربعة قرون من ظهور آدم سميث أبي الاقتصاد السياسي الغربي قمة من القمم بالقياس لعصرها بالنسبة لما تضمنته من دراسات اقتصادية ومالية ، ومن المعلوم أن مصادر الاقتصاد الإسلامي هي القرآن والسنة والأحكام الفقهية المتراكمة ، وأصول التشريع المعتمدة حيث تستجيب للحاجات المتجددة للمجتمع الإسلامي .
والنظام الاقتصادي الإسلامي نظام شامل لأن دين الإسلام دين شامل ينظم علاقة العبد بربه وعلاقته بإخوانه في المجتمع ، فقد قدم النظام الاقتصادي الإسلامي القواعد لكل أنواع العلاقات والمعاملات الاقتصادية في مجالات الملكية والحرية والعدالة والضمان الاجتماعي وتدخل الحكومة وتوازن المصالح ونظم شؤون الفرد والجماعة والدولة في مختلف النواحي الشخصية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في السلم والحرب وكل ذلك على قواعد ثابتة وأحوال مستقرة تخدم أغراضا محددة وتحقق أهدافا معروفة بتنظيم دقيق ومنطق راق . من هنا فإن ما يهدف إليه هذا البحث هو جمع وتسليط الأضواء على أهم المبادئ والخصائص والأصول للنظام الاقتصادي في الإسلام كما يهتم بمناقشة بعض المفاهيم الاقتصادية المعاصرة من منطق إسلامي كالإنتاج والاستهلاك والتوزيع والتبادل وغيرها .
تعريف الاقتصاد
تعريف الاقتصاد
يعرف الاقتصاد بأنه : العلم الذي يبحث في كيفية إدارة واستغلال الموارد الاقتصادية النادرة لإنتاج أمثل ما يمكن إنتاجه من السلع والخدمات لإشباع الحاجات الإنسانية من متطلباتها المادية التي تتسم بالوفرة والتنوع في ظل إطار معين من القيم والتقاليد والتطلعات الحضارية للمجتمع ، كما يبحث في الطريقة التي توزع بها هذا الناتج الاقتصادي بين المشتركين في العملية الإنتاجية بصورة مباشرة ( وغير المشتركين بصورة غير مباشرة ) في ظل الإطار الحضاري نفسه .
إن كل بناء اقتصادي يقوم على شقين رئيسين :
الأول : مادي تقني والثاني : معنوي مذهبي .
فهناك أولا الجانب المادي والتقني من العملية الإنتاجية ، وهو الجانب الذي يتناوله علم الاقتصاد والعلوم الطبيعية الأخرى بالدراسة وهذا الجانب يعرف بالاقتصاد الأساسي أو الأصلي وهو لا يختلف من بلد إلى آخر ، مهما اختلف المذهب ، ومهما اختلف النظام الاقتصادي المعمول به في كل منها .
وهناك ثانيا الجانب المذهبي وهو الذي يستهدف ضبط السلوك البشرى على هذا الاقتصاد الأساسي أو الأصلي ، وهذا الجانب ينطوي على تصور عقائدي يحدد الهدف ويعين القيم ويرسم قواعد السلوك التي يلتزم الفرد والجماعة باتباعها .
أنواع النظم الاقتصادية
أنواع النظم الاقتصادية
من الممكن إدراج النظم الاقتصادية السائدة حاليا تحت إطارين هما : النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي ، ولكل منهما ظروف نشأ فيها وقواعد وأسس ، وأيديولوجيات تبرره وتسانده وسوف نعطي لمحة موجزة عن كل نظام قبل أن نتكلم عن النظام الاقتصادي الإسلامي .
أولا : النظام الرأسمالي :
تحدد مفهوم الرأسمالية في بداية القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر حيث تشكلت مدرسة اقتصادية تدين بالحرية الاقتصادية المطلقة ويتميز هذا النظام بالأخذ بمبدأ الملكية الخاصة بشكل غير محدود ويعتمد على المصلحة الشخصية وعدم تدخل الدولة في الإنتاج والتوزيع إلا في حدود ضيقة وقد أدخلت على النظام الرأسمالي بعض الإجراءات للتقليل من مساوئه كالتأمينات الاجتماعية والنقابات والتي لا تعتبر من صميم هذا النظام .
ثانيا : النظام الاشتراكي :
وهو نظام يعتمد على الفلسفة الماركسية في طغيان المصلحة العامة على المصلحة الفردية ، ويجعل من الدولة قوة قابضة بيد فولاذية على كل وسائل الحياة الاقتصادية في المجتمع ويحاول المساواة في الملكية بين أفراد المجتمع ، وقد أدخلت على هذا المذهب بعض الإجراءات عندما انخفض المستوى الإنتاجي حيث أدخل الحافز الشخصي وحافز الربح ولا سيما بعد العقد السادس من هذا القرن الميلادي .
مفهوم النظام الاقتصادي
مفهوم النظام الاقتصادي
النظام الاقتصادي الإسلامي : هو مجموعة الأحكام والقواعد والوسائل التي تطبق على النشاط الاقتصادي في المجتمع المسلم -كما سبق أن طبق على امتداد التاريخ الإسلامي -لحل مشاكله الاقتصادية في النواحي الإنتاجية والتوزيعية والتبادلية كما يتضمن هذا النظام ما يتعلق بتوزيع الثروة وتملكها والتصرف فيها . فقد جاء الإسلام بمبادئ وأصول معينة تنطوي على سياسة اقتصادية متميزة ، وقد جرى تطبيق هذه المبادئ وتلك السياسة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بدقة والتزم بها بعده الخلفاء الراشدون كما ارتبط بها حكام وأئمة المسلمين خلال التاريخ الإسلامي بدرجات متفاوتة ويمكن أن نقول إن الاقتصاد الإسلامي له جانبان :
(أ)جانب ثابت :
وهو عبارة عن مجموعة المبادئ أو الأصول السياسية والاقتصادية التي جاءت بها نصوص القرآن والسنة ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان نحو قوله تعالى : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } ونحو قوله تعالى : { كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ } ونحوها من النصوص العامة التي تقرر بعض المبادئ كمبدأ الحرية المقيدة بالضوابط العامة ومبدأ تحقيق التوازن الاقتصادي ومبدأ الملكية الخاصة ، وغيرها . فهذه مبادئ ثابتة غير قابلة للتغير ، ويخضع لها المسلمون في كل زمان وفي كل مكان ويلاحظ عليها أنها قليلة ، وأنها عامة لا تتجاوز الحاجات الأساسية لكل مجتمع وهي تعتبر من سر عظمة الاقتصاد الإسلامي وخلوده حيث إنها صالحة لكل زمان ومكان بغض النظر عن درجة تطوره الاقتصادي .
ب / جانب متغير :
وهو عن الأساليب والخطوط العملية والحلول الاقتصادية التي تتبناها السلطة الحاكمة في كل مجتمع إسلامي لوضع أصول الإسلام وسياسته الاقتصادية في واقع مادي يعمل المجتمع في إطاره ومن ذلك بيان العمليات التي توصف بأنها ربا أو صور الفائدة المحرمة ومدى تدخل الدولة .
دور الدولة في الاقتصاد الإسلامي
دور الدولة في الاقتصاد الإسلامي
تمهيد :
من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي ، مبدأ التوجيه الإداري للنشاط الاقتصادي ، وهذا المبدأ مؤسس في أصوله على نظرية التوازن الاجتماعي التي يعتمدها الإسلام أسلوبا وهدفا لتحقيق العدالة الاجتماعية . وبمقتضى هذا النظر يخضع النشاط الاقتصادي في حركته وتوجهه لإرادة الدولة بوصفها الممثل الشرعي للمجتمع غير أن هذا الخضوع مقيد بتحقيق الغاية الكبرى التي يستهدفها الإسلام وهي العدالة الاجتماعية من خلال فكرة التوازن الاجتماعي .
ومتي كانت العدالة الاجتماعية هي الغاية الكبرى التي يسعى الإسلام إلى تحقيقها فإن كل الأساليب والوسائل التي من شأنها إدراك هذه الغاية تعتبر من قبيل إدراك المصلحة العامة التي يجب على ولي الأمر أو من يمثله العمل على تحقيقها وقد منحت الشريعة الإسلامية لولي الأمر سلطات تقديرية واسعة لتمكينه من إدراك العدالة الاجتماعية على الوجه الذي رسمه الشارع .
أولا : التدخل غير المباشر للدولة :
مظاهر التدخل غير المباشر عديدة ومتنوعة منها ما هو تنظيمي ورقابي ومن ذلك ما يلي .
تدخل الدولة لتنظيم العمل ومراقبة ومنع الوسطاء الذين يستمدون كسبهم من جهل الجمهور لثمن السلعة فيحققون أرباحا غير مبررة من فروق الأسعار . ويبدو تدخل الدولة أيضا في منع الاحتكار وتسعيرة السلع التي تقوم حاجة جمهور الناس لها ، وقد تقتضي المصلحة العامة إزالة ملكية عقار أو منقول أو إكراه صاحبه على تقديمه للاستثمار .
وأجهزة التدخل في هذه الميادين التنظيمية والرقابية هي ولاية الحسبة ، ولها موظفون يتولون أمرها في كل قطر إسلامي والقضاء الذي له التدخل في العديد من الميادين السابقة وفي حدود اختصاصه .
النوع الثاني من التدخل غير المباشر فتبدو أهم مظاهره في السياسة المالية للدولة الإسلامية . والحق أن مالية الدولة الإسلامية احتلت موضعا رئيسيا من الاقتصاد الإسلامي ، وظلت إلى زمن بعيد محركا لهذا الاقتصاد ومصدرا لقوته . فقد شرع الإسلام في تنظيم مالية الدولة أسسا ومبادئ تجاوزت أحدث النظم الوضعية في الجباية والإنفاق إذ اعتمد مبدأ تعدد الضريبة ، ففرض الزكاة كضريبة مستقلة تتناول الأموال جميعا النقدية منها والعينية .
كما فرض الخراج كضريبة على الأرض الزراعية والعشور كضريبة غير مباشرة على الصادرات والواردات . أما بالنسبة إلى الإنفاق فقد اختطت الشريعة الإسلامية سياسة إنفاقية هادفة اتسمت بالمرونة والعدالة ومكنت من خلال الممارسات في تطوير المجتمع المسلم والارتقاء به .
وبحثنا لمالية الدولة في الاقتصاد الإسلامي سوف يتناول زاويتين رئيستين : زاوية الجباية وزاوية الإنفاق .
1 / النظام الجبائى الإسلامي :
لعل أهم ما يمتاز به الفكر الإسلامي المالي هو الاستقاء المباشر من الشريعة الإسلامية ، فقد تضمنت أحكاما عامة آمرة تتصل بتنظيم إيرادات الدولة ونفقاتها على نحو لا تعرفه المجتمعات من قبل ونصت منذ البداية على فرض ضريبة مباشرة على الدخل وهي الزكاة يلتزم كل مسلم امتلك قدرا محددا من الدخل المالي بأدائها كما نصت على الجزية التي يؤديها غير المسلم في مقابل ما تبذله الدولة المسلمة لحمايته وأيضا في نظير إعفائه من أداء الزكاة والخدمة العسكرية ، وفي نظير حماية الدولة الإسلامية للبلد . الذي يعيش فيه أما الخراج فقد فرضته الشريعة الإسلامية كضريبة عقارية على الأرض الزراعية في الأقاليم التي فتحها المسلمون .
وفي مجال الضرائب غير المباشرة هناك العشور التي تفرض على الواردات إلى البلاد الإسلامية وإلى جانب هذه الأنواع المختلفة من الضرائب نصت الشريعة الإسلامية على بعض مصادر الإيرادات العامة الأخرى كخمس الغنائم وما يعثر عليه من الركاز والمعادن وتركة من لا ورث له ومال اللقطة والمال الذي لا مالك له ، وأخيرا كل ما صولح عليه المسلمون ويجيز الفقه الإسلامي للإمام أن يفرض من الضرائب الدائمة أو المؤقتة ما تدعو إليه الحاجة وتستقيم به أحوال المسلمين .
2 / نفقات الدولة الإسلامية :
تشير الفرائض المالية المتعددة للدولة إلى أهمية موارد الدولة الإسلامية وتنوعها أن هذه الأهمية وهذا التنوع يرتبط بالمهام الجسام التي ألقاها التشريع الإسلامي على عاتق الدولة في العديد من الميادين ، وقد استلزمت هذه المهام نفقات كبيرة لتحقيقها . والهدف الأسمى الذي يرمي الإسلام إلى إدراكه من هذه النفقات هو تحقيق العدالة التوزيعية بوجه خاص والعدالة الاجتماعية بوجه عام ومن هنا استهدفت السياسة المالية للدولة التأثير على الإنتاج والتأثير على التوزيع من خلال سياسة إنفاقية هادفة .
فالدولة لا تقتصر وظيفتها على القيام فقط بالأعباء التقليدية كإقامة العدل والسهر على الأمن الداخلي وتهيئة الحماية ضد الاعتداء الخارجي كما كان الشأن في الدول الغربية إلى مطلع القرن العشرين . بل تتعدى مسؤولياتها كل هذه الأعباء لتشمل أعباء جديدة ، إذ تقوم بعدد من الوظائف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة ، وكذلك النفقات الاجتماعية والتعليمية والصحية والضمان الاجتماعي .
ثانيا : التدخل المباشر للدولة :
قبل أن نحدد المجالات التي يجوز للدولة التدخل فيها نقول متي تتدخل الدولة الإسلامية في النشاط الاقتصادي وما هي حدود ذلك التدخل ؟ .
تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي في عدة حالات :
أ / تدخل الدولة إذا ثبت أن الأفراد عاجزين عن القيام بالنشاط الاقتصادي أو يقصرون فيه أو معرضون عنه كمد السكك الحديدية أو إقامة الصناعات الثقيلة ، وكل ما تتعلق به حاجة الناس من الصناعات والمهن ، فإن للدولة عند الضرورة إجبار من يحسن ذلك إن امتنع عن القيام به .
ب / إذا انحرف النشاط الاقتصادي عن الأصول الشرعية أو أضر بالصالح العام للمجتمع كإنتاج الخمور وإقامة المؤسسات والبنوك الربوية .
ج / إذا أرادت الدولة أن تحقق قدرا من التنمية الاقتصادية لرفع مستوى المعيشة والرفاهية العامة لأفراد المجتمع .
د / في الحالات الاستثنائية كالحروب والمجاعات والحوائج .
من هنا نرى تدخل الدولة له مدى ، فلا يطلق للدولة العنان بالتدخل لمجرد شهوة ، فالتدخل ليس مصادرة أو منافسة الأفراد ، وإنما من أجل المصالح العامة دون مساس بحقوق الأفراد الشرعية ، إلا إذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة وحتى يكون تدخل الدولة مشروعا فقد وضع الشرع الضمانات الكافية التي تكفل عدم تجاوز التدخل لأهدافه المشروعة ومن أهم هذه الضمانات : شرعية الحاكم وهي عقد البيعة الذي يبرم بين الحاكم والأمة ، وعدالة الحكم ، وخضوع الدولة لأحكام الشريعة الإسلامية خضوعا مطلقا لا استثناء فيه .
مجالات تدخل الدولة :
1 / في مجال التصرفات الفردية : فالدولة لا تدخل في التصرفات الفردية إلا إذا انحرفت هذه التصرفات عن الجادة أو عندما تشعر الدولة بأن الفرد لا يحترم الجماعة ، أو أنه يعمل ويتصرف بما يلحق الضرر بالجماعة وفي هذه الحالة تتدخل الدولة لمنع الضرر عن الناس فهناك بعض التصرفات التي تعتبر في نظر الإسلام من الأعمال الضارة بالمجتمع كالربا والغش والاحتكار والإسراف والاستغلال ومجموعة من البيوع المحرمة المنهي عنها .
2 / في مجال العمل : تتدخل الدولة بمنع العمل المحرم شرعا كالبغاء والفجور والقمار وصناعة الخمر ، وأعمال الشعوذة والسحر ، وغير ذلك مما هو محرم في الشريعة الإسلامية . كما تقوم الدولة بمراقبة الأعمال الجائزة شرعا عن طريق ولاية الحسبة التي تهدف إلى مراقبة الأسواق وسير العمل فيها وفق ضوابط الشريعة الإسلامية .
ويجوز للدولة ـ إذا دعت الضرورة إلى ذلك - أن تجبر بعض أهل الصناعات على القيام بما يحتاجه الناس من صناعتهم مقابل أجر المثل .
3 / في مجال الملكية : تمنع الدولة الطرق غير المشروعة في الكسب كالربا والقمار والرشوة والعقود الباطلة المشتملة على الغرر والغبن الفاحش . كما تقوم الدولة بمنع الأعمال الضارة بالمجتمع بشكل عام كالاحتكار ونحوه . ويجوز للدولة ـ عند الحاجة- أن تتدخل في فرض الأسعار وتحديد مقدار الربح ، وذلك عندما تستدعيه الضرورة العامة وحماية مصالح الجماعة . وقد تقتضي المصلحة المحققة إزالة ملكية إنسان في مقابل ثمنها العادل وبصفة عامة يجوز للدولة التدخل في الحياة الاقتصادية واتخاذ ما تحقق به مصالح الناس في أمور معاشهم كتنظيم بعض المهن ووضع اللوائح المنظمة لبعض القطاعات كالزراعة والصناعة ووضع القواعد العامة للتصدير والاستيراد والمراقبة عليها وغير ذلك .
ومع ذلك فإن تدخل الدولة له مدى فلا يطلق للدولة العنان بالتدخل لمجرد شهوة أو نزوة ، فالتدخل ليس مصادرة أو تأميما أو منافسة للأفراد والمؤسسات أو فرض اتجاه معين ، وإنما من أجل الصالح العام دون المساس بحقوق الأفراد وحرياتهم المشروعة ، فالتدخل له حدود كما أن هناك مجالات لا يجوز للدولة التدخل فيها مثل فرض نظام اقتصادي واجتماعي محرم ، أو المنع مما أحل الله أو الإضرار بمصالح الأمة .
خاتمة
نخلص من كل ما سبق أن الإسلام قد وضع إطارا عاما للسياسة الاقتصادية للدولة الإسلامية يقوم على فلسفة الوسطية والاستناد إلى مبادئ عامة أخصها مبدأ التوجيه الاقتصادي ومبدأ التوازن الاجتماعي . وخلص البحث إلى قواعد عديدة يمكن أن يبنى عليها بحق نموذج إسلامي رائد في التنمية الاقتصادية . وواقع التخلف الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم لا ليدعوا إلى وقفة تأمل ومراجعة يعاد من خلالها النظر في المطبق من نماذج التنمية الاقتصادية في ربوعه . فهذه النماذج في غالبها مستوردة منقولة سواء من الشرق الشيوعي أو الغرب الرأسمالي . وبالتالي فقد صيغت مقوماتها على أساس الأوضاع الهيكلية للبلد الأم .
ومتى كانت هذه الأوضاع مختلفة متباينة في النوع والدرجة من بلد إلى آخر ، بل ومن إقليم إلى آخر داخل الدولة كان من الطبيعي أن يؤدي نقلها وتطبيقها في بلد آخر أو في إقليم آخر إلى نتائج سلبية ، إذ عاشت هذه النماذج في التطبيق غريبة كل الغرابة عن الواقع الهيكلي للدولة الإسلامية التي أخذت بها لأن النقل لم يتناول في الواقع سوى الجانب المادي من النموذج ( أي تنظيماته ووسائله ) دون الجانب المذهبي ، لأن هذا الجانب الأخير لا يمكن أن يتناوله الاستيراد والنقل . وهكذا انقطعت الصلة العضوية بين النموذج وأصوله الفكرية والمذهبية ، تلك الأصول التي كانت ثمار تطور فكري طويل أسهمت في تكوينه عوامل عديدة من فلسفية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية وغيرها .
إن استبعاد الأخذ بنماذج التنمية الاقتصادية المعمول بها في دول الغرب الرأسمالي أو دول الشرق الشيوعي يقوم على مبدأ أساسي أكدته التجارب التاريخية وهو أن حلول مشاكل التخلف الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن أن تصنع في الخارج . فالتخلف ظاهرة اجتماعية اقتصادية سياسية لا بد وأن تجد علاجها في واقع البلد المتخلف ذاته . ومن هنا كانت الأصالة الفكرية شرط ضروري ولازم لانطلاق عجلة التنمية . فصياغة نماذج تنمية جديدة بعيدا عن المؤثرات الإيديولوجية المستوردة تعتبر في يقيننا الواجب الأول الذي يقع على عاتق كل مسؤول عن التنمية في البلد المتخلف وهنا تفرض النظرة الإسلامية سلطانها على اعتبار أن الإسلام تراث فاعل تمتد رؤاه الفلسفية إلى أعماق الواقع الاجتماعي والاقتصادي .
أهم مراجع البحث
1) الاقتصاد الإسلامي ـ مقوماته ومناهجه / د . إبراهيم دسوقي أباظه دار لسان العرب / لبنان / منشورات يوسف خياط
2) مدخل للفكر الاقتصادي في الإسلام / د . سعيد سعد مرطان / مؤسسة الرسالة / بيروت / الطبعة الأولى 1406ه ـ 1986م
3) النظام الاقتصادي في الإسلام / محمود بن إبراهيم الخطيب / مكتبة الحرمين / الرياض / الطبعة الأولى 1409ه ـ 1989م
4) النظام الاقتصادي في الإسلام / د . محمد عبد المنعم عبد القادر عفر / دار المجمع العالي / جدة 1399ه ـ 1989م
5) من مبادئ الاقتصاد الإسلامي / محمود بن إبراهيم الخطيب / دار طيبة / الرياض / 1409ه ـ 1989م
6) النظرية الاقتصادية في الإسلام / فكري أحمد نعمان / المكتب الإسلامي بيروت / الطبعة الأولى 1405ه ـ 1985م / دار القلم / دبي
7) النظرية الاقتصادية في منظور إسلامي / د . شوقي أحمد دنيا / مكتبة الخريجي الرياض / الطبعة الأولى 1409ه ـ 1989م
8) المذهب الاقتصادي الإسلامي / د . عدنان خالد التركماني / مكتبة السوادي / الطبعة الأولى 1411ه ـ 1990 م
9) أصول الاقتصاد الإسلامي / د . توفيق يونس المصري / دار القلم دمشق / الطبعة الأولى 1409ه ـ 1989م / الدار الشامية بيروت
10) الاقتصاد في الإسلام / حمزة الجميعي الدموهي / دار الأنصار / مصر الطبعة الأولى 1399ه ـ 1979م
11) المذهب الاقتصادي في الإسلام / د . محمد شوقي الفنجري / دار الصحوة / القاهرة الطبعة الأولى 1405ه 1985م
12) التفكير الاقتصادي في الإسلام / د . خال عبد الرحمن أحمد / لم يكتب الطابع ولا تاريخ الطبع
13) الاقتصاد الإسلامي بين النظرية والتطبيق ( دراسة مقارنة ) أشرف على ترجمته إلى العربية : د . منصور إبراهيم التركي / المكتب المصري الحديث / الإسكندرية
14) النظام الاقتصادي في الإسلام ( مبادئه وأهدافه ) د . محمد أحمد العساد ود . فتحي أحمد عبد الكريم . مكتبة وهبة / القاهرة / الطبعة الثانية 1397ه ـ 1977م /
15) موسوعة الاقتصاد الإسلامي ودراسات مقارنة / د . محمد عبد المنعم الجمال / دار الكتاب المصري / القاهرة الطبعة الأولى 1400 / هـ ـ 1980م / دار الكتاب اللبناني / بيروت
16) مبادئي الاقتصاد / د . محسون بهجت جلال / مؤسسة الأنوار / الرياض / الطبعة الأولى 1389ه ـ 1969م
الصيرفة الإسلامية
|
الكتاب : الصيرفة الإسلامية |
الصيرفة الإسلامية
مفهومها وعملياتها
دراسة تحليلية على المصرف العراقي الإسلامي
بالاعتماد على عدد من المؤشرات المالية
بحث تمهيدي لمرحلة الماجستير
إعداد الطالب
سيف هشام صباح
بإشراف الدكتور
مسلم اليوسف
...
قائمة المحتويات
الموضوع الصفحة
المقدمة 1
منهجية البحث 1
أهمية البحث ... ... ... ... ... ... ... ... ... 1
مشكلة البحث ... ... ... ... ... ... ... ... ... 1
هدف البحث ... ... ... ... ... ... ... ... ... 2 ...
أساليب جمع البيانات وتحليلها ... ... ... ... ... ... ... 2
فرضية البحث ... ... ... ... ... ... ... ... ... 2
المبحث الاول: الإطار النظري للبحث ... ... ... ... ... ... ... 3
استخدامات الأموال في المصارف الإسلامية
المطلب الاول : نشوء المصارف الإسلامية _ تعريفها وخصائصها ... ... ... 4
المطلب الثاني : أشكال استخدامات الأموال في المصارف الإسلامية 10
المبحث الثاني : الإطار التطبيقي للبحث ... ... ... ... ... 19
اتجاهات الاستثمارات في المصرف العراقي الإسلامي
المطلب الأول : نشأة المصرف العراقي الإسلامي _ أهدافه ... ... ... ... 20
المطلب الثاني : تحليل استخدامات الأموال في المصرف العراقي الإسلامي ... ... ... 22
الاستنتاجات ... ... ... ... ... ... ... ... ... 24
التوصيات ... ... ... ... ... ... ... ... ... 24
المصادر ... ... ... 25
المقدمة :
المصرف الإسلامي ليست وظيفة اقتصادية بالمعنى الضيق بل هو يسعى لتحقيق وتعميم مقومات روحية واجتماعية ترتبط ارتباطا وثيقا بالإنسان لهذا فإن تحقيق الربح بالنسبة للمصرف الإسلامي يعتبر حافزاً وليس هدفاً بحد ذاته لأن الدافع الأساسي للمصرف الإسلامي هو النهوض بالمجتمع من هنا جاء المصرف الإسلامي ليجمع بين الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والمالية والمصرفية وذالك بنفس الوقت.
لعل أهم ما يميز المصارف الإسلامية بعضها عن البعض الأخر هو درجة الجهد المبذول في كل منها لتحري الحلال من الربح الذي يمكن الحصول عليه من خلال عملية الاستثمار وقياس هذا الربح بطريقة دقيقة وواضحة توزيعه بما يحقق العدالة لمستحقيه . وقد بدأت الصيرفة الإسلامية في العراق مع بداية التعددية المصرفية في العراق بعد عام 1993 إذ تم السماح بإنشاء مصارف أهلية (خاصة) ومنها المصرف العراقي الإسلامي الذي يعد نواة الصيرفة الإسلامية في العراق . ومن هنا جاء هذا البحث كمحاولة لتسليط الضوء على الصيرفة الإسلامية في العراق وأدائها المالي خلال سنوات عمل المصرف لذلك تم تناول الموضوع ضمن مبحثين الأول نظري تطرق إلى عدد من المفاهيم المتعلقة بالصيرفة الإسلامية أما الأخر فهو ميداني إذ تناول العديد من الجوانب المتعلقة بالصيرفة الإسلامية في العراق وقد توصل البحث إلى العديد من الاستنتاجات والمقترحات النظرية والميدانية التي تشكل استكمالا لمنهجية البحث.
منهجية البحث
أهمية البحث:
يعد المصرف العراقي الإسلامي الذي تأسس سنة (1993) نواة الصيرفة الإسلامية في العراق ومن أوائل المصارف الأهلية أيضاً . ومن هنا تكمن أهمية البحث من أهمية الصيرفة الإسلامية في العراق وآفاقها إذ أن هذه التجربة الفتية تستقطب الكثير من الأموال المجهزة التي يتحاشى أصحابها استثمارها عن طريق الفوائد الربوية ولهذا كانت الأهمية بوجوب محاولة دراسة الجوانب ذات الأهمية في نشاط المصارف (الاستخدامات ).
مشكلة البحث:
يقوم المصرف العراقي الإسلامي بمختلف العمليات المصرفية التي تغطي احتياجات زبائنه في مختلف الأنشطة المصرفية وفق الشريعة الإسلامية وخاصة الاستثمارية وقد بدأ المصرف نشاطه في ظل ظروف اقتصادية غير مستقرة وهذا ما شكل فعلا خطر على نشاط المصرف وعلى ربحية المصرف بل أكثر من هذا أن المصرف قد تعرض للعديد من الخسائر وقد تعرض للخسائر نتيجة انخفاض قيمة استثماراته وبقاء التزاماته على ما هي عليه.
وتعد هذه الحالة مشكلة بحثية تستوجب الدراسة .
هدف البحث:
يهدف البحث وفي إطاره النظري والميداني لتوضيح العديد من النقاط تتعلق بالأتي:
مفهوم الصيرفة الإسلامية وأشكال الاستخدامات فيها.
خلفيات تأسيس المصرف العراقي الإسلامي .
قياس الأهمية النسبية لاستخدامات الأموال في المصرف العراقي الإسلامي وخاصة فيما يتعلق منها بالاستثمار.
أساليب جمع البيانات وتحليلها :
من أجل الوصول إلى هدف الدراسة وإثبات فرضية البحث اعتمد على عدد من المصادر العربية والوثائق الرسمية التي تناولت موضوع البحث نظريا وكان ذلك تمهيدا للجانب الميداني التي تم الاعتماد على الميزانيات والتقارير السنوية على المصرف العراقي الإسلامي للفترة (1999_1993)وقد تم أيجاد الأهمية النسبية لفقرات الاستخدامات عن طريق المعادلة الآتية:
الجزء
ـــــــــ *100
الكل
وكذلك تم إيجاد نسب التغيير السنوية والتي احتسبت وفق المعادلة:
(السنة الحالية- السنة السابقة )/السنة السابقة*100
فرضية البحث :
لا تشكل توظيفات الأموال في الجانب الاستثماري أهمية نسبية كبيرة في نشاط المصرف العراقي الإسلامي.
المبحث الأول
الإطار النظري للبحث :
استخدامات الأموال في المصارف الإسلامية
التعرف على المصارف الإسلامية يحتاج إيضاح ماهيتها وما يزيد المعرفة بالشئ وضوحاً الإحاطة بشي من تاريخ نشأتها وخصائصها.
ومن هنا سيتناول هذا المبحث كل هذه القضايا وذلك في مطلبين :
المطلب الاول : نشوء المصارف الإسلامية . تعريفها وخصائصها.
المطلب الثاني : أشكال استخدامات الأموال في المصارف الإسلامية.
المطلب الأول :
نشوء المصارف الإسلامية – تعرفها وخصائصها
نشأت المؤسسات المالية في الدولة العربية الإسلامية في الوقت الذي أتت فيه قوية وفتية بفضل تمسكها بكتاب الله عز وجل وسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهذه المؤسسات تتولى رعاية شؤون المسلمين وتعنى باحتياجاتهم أفراداً وجماعات ويأتي بيت المال في مقدمتها.
لقد أدى تكالب الأعداء على الدول الإسلامية إلى إضعافها مما دفع المحتاجين إلى أهل اليسار لسد احتياجاتهم أما في العصر الحديث بعد تغير ظروف الحياة في كافة المجالات ظهرت النقود الورقية ومن ثم المؤسسات المالية التي تتعامل بالفائدة التي انفرد بها اليهود ومن ثم النصارى في أوربا خاصة وبسبب خطورة هذه المؤسسات التي أدخلت إلى المجتمعات الإسلامية عنوة بذل أبناء الأمة الإسلامية جهودهم من أجل إيجاد البديل عن تلك المؤسسات الربوية(1) .
إن الصحوة الإسلامية التي عاشتها وتعيشها الشعوب الإسلامية كانت سببا رئيسيا في البحث عن بديل إسلامي للمصارف الربوية التي انتشرت في البلاد الإسلامية ووجدت من يشجع على قيامها والتعامل معها بالاستفادة من الخدمات التي تخلو من الشبهات(2).
__________
(1) عبدالرزاق رحيم الهيتي ، عبد الرزاق رحيم (1998) ، المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق ، دار أسامة للنشر ، طبعة (1)، عمان ، الأردن ، ص174.
(2) سمحان، حسين محمد ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، مطابع الشمس ، الأردن ، ص3.
لقد كانت أفكار معظم العلماء والمفكرين المسلمين تقتصر على تحريم عمليات تلك المصارف وتوجيه الانتقادات لها دون وضع البديل المناسب ولكن بعد ذلك ازداد اهتمام هؤلاء بها، ذلك أن أعمال هذه المصارف لاتخلو من الفائدة والمنفعة وتحقق الكثير من مصالح العباد، فنصبت جهودهم بعد ذلك في التعرف على مواطن الحرام فيها والبحث عن البديل المناسب دون مخالفة الخالق عز وجل.
طرحت فكرة البديل الإسلامي فكانت بدايات البحث عن بديل مصرفي إسلامي في المؤتمر السنوي الثاني 1965 والثالث 1966لمجمع البحوث الإسلامية حيث كان من توصياته مواصلة دراسة البديل المصرفي الإسلامي وطريقة تنفيذه بالاستعانة بالاقتصاديين ودعا المؤتمر السنوي السادس إلى إنشاء مصرف إسلامي يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء(1) كانت أول محاولة أو تجربة لتنفيذ هذه الفكرة في منطقة ريفية في الباكستان في نهاية الخمسينيات أما التجربة الثانية فكانت في الريف المصري في عام 1963م في (ميت عمر)، وبالرغم من عدم نجاح هاتين التجربتين إلا أن السبعينات شهدت انطلاقة جديدة في عام 1971 لتأسيس مصرف يقوم على استبعاد الفائدة فأنشأ مصرف ناصر الاجتماعي في مصر، ثم بعده البنك الإسلامي للتنمية
__________
(1) حسين محمد سمحان ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة) ،ص3.
عام 1974 ،وبنك دبي الإسلامي عام 1975 وهكذا توالت المصارف الإسلامية حتى أصبح هناك ما يزيد عن (90) مصرفا في نهاية عام 1992 تعمل جميعها وفق الأسس والمبادئ الإسلامية (1)، وعندما حرمت الشريعة الحصول على الفائدة (ربا) فقد سمحت بالحصول على الربح ذلك لأن المال الذي لا يرغب أو لا يستطيع مالكه أن يستثمره بنفسه يمكن أن يعطى بطريق المشاركة بعقد المضاربة لمن يعمل فيه على حصة من الربح المتحقق من العمل بهذا المال فقد وجدت البنوك اللاربوية لجذب المدخرات ومنح القروض(2).
وعليه فإن الهدف من المصارف الإسلامية هو تعبيرا عن الإسلام والنهج الإسلامي الذي يربط الحياة الاقتصادية بالحياة الخلقية والحياة الاجتماعية بالحياة الدينية. ونستدل أيضا بذلك على قيام الإسلام في تشريعاته المالية بالمزج بين الاقتصاد والأخلاق وكذلك نظرة الإسلام إلى الفائدة (فهو يحرمها ولو قليلا)(3).
__________
(1) عبد الرزاق رحيم الهيتي ، المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق ص174.
(2) ضياء مجيد ، (1997)، البنوك الإسلامية ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية ، مصر ، ص35 .
(3) النجار ، محمد عبد العزيز ، (1997) ، بنوك بلا فوائد ، المملكة العربية السعودية ، ص42.
ومما تجدر الإشارة إليه انه ليس من الجائز إطلاق تصنيف المصرف الإسلامي باعتباره من المصارف التجارية حيث أن الطبيعة الربوية التي تحيط بغالبية أشكال الائتمان القصيرة الأجل تقطع بعدم إمكانية اعتماد المصرف الإسلامي على التعامل في نطاقه،وبالتالي فإن المصرف الإسلامي يمكن تصنيفه باعتباره من مصارف الادخار أو مصارف الاستثمار والنظرة الأكثر واقعية للمصرف الإسلامي تصنيفه وفق مكانة متداخلة بين النوعين، حيث يصعب إزاء طبيعة المصرف الإسلامي أن يتبين للمحلل حدا فاصلا يقطع بين كل من طبيعته الادخارية والاستثمارية(1) . وفي الوقت الحاضر أصبحت فكرة البنوك الإسلامية تجتذب حتى الغربيين غير المسلمين وقد جاء في مقال عن عمليات المصارف الإسلامية نشر مؤخراً في مجلة الدراسات المالية والمصرفية التي تصدر عن المعهد العربي للدراسات المالية والمصرفية أن جامعة (هارفرد) تضطلع بمشروع بحث لدراسة ماضي وحاضر ومستقبل العمليات المصرفية الإسلامية وصيغ الاستثمار الإسلامي حيث يحيرهم حجم السوق الإسلامي والأسباب وراء نموه رغم ما يعترضه من عقبات وقد جاء في المقال أيضا أن سيتي بنك الأمريكي يزمع تأسيس مصرف إسلامي متكامل في البحرين.
وكل ذلك لأن المصارف الإسلامية أصبحت أحد أعمدة الاقتصاد الوطني في البلاد التي أنشأت فيها ولقد أكد نجاح المصارف الإسلامية وسرعة انتشارها قابلية الفكر الإسلامي للتطبيق وإن الشرع موجود أينما توجد مصلحة العباد في الدنيا والآخرة(2).
وأخيراً يمكننا القول أن التطبيق العملي الصحيح لفكرة المصارف الإسلامية هو الذي يحقق مصلحة العباد وهو الطريق إلى التحرر من نظام ربوي يقوم عليه النظام الاقتصادي الرأسمالي.
__________
(1) نعمة الله نجيب وآخرون ، (2001)، مقدمة في اقتصاديات النقود والصيرفة والسياسات النقدية ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، مصر.
(2) حسين محمد سمحان ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص3.
تعريف المصرف الإسلامي :
فالمصرف الإسلامي هو مؤسسة مالية مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة الإسلامية بما يخدم بناء مجتمع متكامل وتحقيق عدالة التوزيع ووضع المال في المسار الإسلامي(1) ،أو هو منظمة إسلامية تعمل في مجال الأعمال بهدف بناء الفرد المسلم والمجتمع المسلم وإتاحة الفرص المواتية له للنهوض على أسس إسلامية تلتزم بقاعدة الحلال والحرام.
إزالة الغموض عن الصيرفة الإسلامية والتمويل الإسلامي
هناك مايكفي من المستثمرين والمفترضين المسلمين في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية لتأكيد اهتمام البنوك التقليدية التي تبحث عن خدمة عملاء كهؤلاء وتجني أرباحاً لا بأس بها من سوق لا يزال غير مطروق.
يوضح كاتب المقال بعض الغموض ويبين كيف أن بعض المنتجات الإسلامية يمكن أن تلائم النظام المصرفي التقليدي ونتيجة لذلك تخدم البيع بالتجزئة للمصرف الغربي وزبائن البيع بالجملة أو تساعد مؤسسة تعرض تمويلا إسلاميا. وقد تجد بعض المؤسسات المالية غير الإسلامية أنه من الحكمة استخدام التمويل الإسلامي للحصول على مكاسب الأسواق الإسلامية لتسهيل الدخول أو تعزيز الأعمال.
هناك اثنان من المبادئ الأساسية في الصيرفة الإسلامية غياب الفائدة، تحريم الربا على أساس مبدأ لا ضرر ولا ضرار إضافة إلى الميزات الاجتماعية والأخلاقية والتي تتجنب الاستثمارات الغير المرغوب بها والتجارة التعزيزية .
إن تحريم الربا مرتبط بقوانين المراباة في العديد من البلدان الغربية أو المنع على الفائدة الفائضة . إن ما نسميه الصيرفة الإسلامية "النقية" يبدو بأنه مشابه للتمويل الرأسمالي المستند على المضاربة , أو تمويل المشروع غير المطالب بحق صاحب الكمبيالة أو استثمار المساواة العادي . وتكون للمستثمر حصة في الأرباح للمضاربة ومعرض لفقدان رأسماله .
__________
(1) ضياء مجيد ، البنوك الإسلامية ، ص54.
وهذا يتضمن الاستثمار ولكن ليس تقديم القروض . لكن بعض المنتجات إسلامية أكثر ومن ثم أخرى وكما في إدارة الضريبة تم تطوير منتجات هائلة للإيفاء بحرفية، ولكن ليس بالضرورة روحية التنظيمات وكما في عملية تحويل الفائدة إلى مكاسب رأس مال لأغراض ضريبية . كان المستثمرون الإسلاميون الأوائل مقتنعين بالدخول في قوائم خزانة مخصومة وتلقى الفائدة على شكل مكاسب رأس مال،وفي منتصف الثمانينيات عالجت التبادل الأجنبي وصفقات الإيداع، أشترى الزبون "الإسلامي" عملة ذات نسبة فائدة منخفضة أو حتى ذهب من البنك ووضع هذا في الإيداع الحالي من الفائدة، وبنفس الوقت تم بيع العملة النقدية أو الذهب مقدما مع إعادة الانعكاس المتقدم لحقيقة عدم دفع فائدة على الإيداع، ويعد مكسب رأس المال المقفل كهذا فائدة بالنسبة للأغراض الضريبية وبنفس الصورة عن العديد من وسائل تحويل الفائدة إلى مكاسب رأس المال لا تقبلها السلطات الإسلامية بشكل متزايد.
وعلى الرغم من ذلك وحسب ملاحظاتي فإن 85% من الصيرفة الإسلامية تشمل شكلا معينا للتحديد المسبق للأرباح التي ستعد الآن كمكاسب رأس مال من قبل العديد من السلطات المالية وبالنسبة لبعض المؤسسات تعد المظاهر مهمة فيما يتعلق برؤيتها إسلامية في أعين زبائنها وأصحاب اسمها ومنظميها وعندما يكون هناك ربح مضمون متولد خلال مخطط "mark up"يعد الارتباط بصفقة تجارية ضمنية شيئا جيدا وكما أنه لا توجد سلطة مالية عالمية ومركزية ليس هناك سلطة إسلامية واسعة تحدد ما هو الحلال وما هو الحرام وهناك خطر في أن البعض سيحاول الحصول على استحسان إسلامي لمخططاتهم كما هو الحال مع أعمال الصيرفة الغربية التي تنتقل من ملكية قضائية ضريبية إلى أخرى.
المسائل الأخلاقية
هناك مسائل ما وراء مسألة الفائدة فالاستثمارات الإسلامية تبعد التبغ والكحول والتسلية والقطاعات الأخرى غير المقبولة ويتحفز المستثمرون الإسلاميون في اختيارهم للاستثمارات بنفس المعيار الذي يحفز نظرائهم الغربيين الأخلاقيين ويتوازن البحث عن استثمارات مقبولة بكرة_الخطورة الطبيعي ويظهر المقترضون المسلمون مقاومة للتخلي عن حصة في أرباح مشروعهم ،وليس من المدهش نتيجة لذلك إن معظم الصيرفة الإسلامية تأخذ شكل أحد أنواع mark أو أشكال أخرى غير الاشتراك في الأرباح لكن الصيرفة الإسلامية لا تزال صناعة في بداية طريقها مع 20 عاماً من الممارسة،ووفقا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار فإن أي شخص غير ملزم بأية إضافة للمبلغ الرئيسي.
خصائص المصارف الإسلامية:
1_ استبعاد التعامل بالفائدة
النهج الاقتصادي في الإسلام بهذا الصدد موقف محدد وحاسم لا لبس فيه وهو ((إسقاط الفائدة الربوية من كل عملياته أخذا وعطاء))وتعد هذه الخاصية المعلم الرئيسي والأول للمصرف الإسلامي وبدونها يصبح هذا المصرف ربوي آخر وذلك لأن الإسلام حرم الربا بكل أشكاله وشدد العقوبة عليها(1).
2_ توجيه كل جهة نحو الاستثمار الحلال
من المعلوم أن المصارف الإسلامية مصارف تنموية بالدرجة الأولى ولما كانت هذه المصارف تقوم على إتباع منهج الله المتمثل بأحكام الشريعة الإسلامية. لذا فإنها وفي جميع أعماله تكون محكومة بما أحله الله والتقيد بذلك بقاعدة الحلال والحرام التي يحددها الإسلام مما يترتب عليه ما يلي(2) :
توجيه الاستثمار وتركيزه في دائرة إنتاج السلع والخدمات التي تشبع الحاجات السوية للإنسان المسلم .
تجري أن يقع المنتج سلعة كان أم خدمة في دائرة الحلال.
__________
(1) البعلي ، عبد الحميد محمود،(1990)، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي ، الواقع والآفاق ، ط1، مكتبة وهبة ، القاهرة، مصر،ص17.
(2) عبد الرزاق رحيم الهيتي ، المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق، ص193.
تجري أن تكون كل أسباب الإنتاج(أجور- نظام عمل ) منسجمة مع دائرة الحلال.
تحكيم مبدأ احتياجات المجتمع ومصلحة الجماعة فبل النظر إلى العائد الذي يعود على الفرد.
3_ ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية
ويأتي هذا من ناحية أن المصارف الإسلامية بطبيعتها الإسلامية تزاوج بين جانبي الإنسان المادي والروحي ولا تنفصل في المجتمع الإسلامي الناحية الاجتماعية عن الناحية الاقتصادية فالإسلام وحدة متكاملة لاتنفصل في جوانب الحياة المختلفة وتعتبر الإسلام التنمية الاجتماعية أساسا لا تؤدي التنمية الاقتصادية بثمارها إلا بمراعاته(1).
4_ إحياء نظام الزكاة
حيث تقوم هذه المصارف وانطلاقا من رسالتها السامية في التوفيق بين الجانبين الروحي والمادي معا، لذلك أقامت هذه المصارف صندوقا خاصا لجمع الزكاة تتولى هي إدارته وهي بذلك تؤدي واجبا إلهيا فرضه الله على هذه الأمة (2).
5_ القضاء على الاحتكار الذي تفرضه بعض شركات الاستثمار
تقوم المصارف وانطلاقا من وظيفتها الأساسية في التقيد في معاملاتها بالأحكام الشرعية بالقضاء على الاحتكار الذي تفرضه بعض الشركات المساهمة على أسهمها فإن هذه الشركات تلجأ إلى إصدار (أسهم) تمكنها من الحصول على رأس مال جديد وإبقاء أسهم الشركة محصورة في يد المساهمين فقط أما المصارف الإسلامية فإنها لا تصدر السندات نظرا لان فقهاء الشريعة قالوا بحرمتها. بل أنها وبهدف زيادة رأس المال والتوسع في أعمالها تفتح باب الاكتتاب على أسهمها أمام جميع الراغبين في ذلك.
المطلب الثاني :
أشكال استخدامات الأموال في المصارف الإسلامية :
تقوم المصارف الإسلامية بعمليات متنوعة تساعد كلها على تدعيم تنمية المجتمع ومن ابرز هذه العمليات عمليات استثمارية للأموال المودعة لديها
__________
(1) الهيتي ،ص193.
(2) الهيتي، ص194.
والاستثمار يعني (استخدام الأموال الفائضة بغرض الحصول على ربح عبر فترة من الزمن) أن الاستثمار بلا شك يعد من الأعمال المشروعة التي يقرها ديننا الحنيف بل يرغب فيها إلا أن ذلك مقيد بأن تكون أسس الاستثمار مشروعة.
أسس الاستثمار في المصارف الإسلامية :
أن أهم الركائز والأسس التي يقوم عليها نظام الإسلام الاقتصادي هو مبدأ الاستخلاف والذي يعني (أن المال مال الله وإن البشر لا يملكون إلا حق الانتفاع به)
والاستثمار بشكله المعروف يأتي في مقدمة العملية الاستخلافية وهذا يعني أنه يجب أن تكون له أسس ومقومات يعتمد عليها ومن أهم الأسس التي يقوم عليها استثمار رأس المال في الإسلام هي(1) :
1 _ تجنب الربا في جميع المعاملات.
2 _ تحرم الاحتكار.
3 _ قيام الاستثمار على عنصر من عناصر الإنتاج.
4 _ قيام الاستثمار على أساس تعبدي.
5 _ إمهال المدين المعسر.
6 _ شرعية المشروعات الاستثمارية.
فالاستثمار في الإسلام يجب أن يقتصر على العمل الصالح فقط، أما العمل المحرم فهو بعيد كل البعد عن الاستثمار الإسلامي ذلك لأن السلع التي ينتجها هذا النوع وإن كانت لها قيمة في النظم الاقتصادية الأخرى فإنها تعد خارجة عن العمل المنتج في الاقتصاد الإسلامي.
أشكال الاستثمار في المصارف الإسلامية
تقوم المصارف الإسلامية بعمليات مختلفة تهدف جميعها إلى تدعيم التنمية في المجتمع ويأتي الاستثمار في مقدمة العمليات وللاستثمار الإسلامي طرقا وأساليب متميزة وعديدة تهدف كلها إلى تحقيق الربح الحلال ومن أبرز هذه الأساليب والأشكال(2) .
أولا: المضاربة
__________
(1) عبدالرزاق رحيم الهيتي ، المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق ، ص226_ 232.
(2) المصنف ، جاسم ، ويوسف محمد محمود، (1990) ، الاتجاهات الحديثة في محاسبة البنوك ، الكويت ، ص341.
تعتبر المضاربة هي الوسيلة التي تجمع بين المال والعمل بقصد استثمار الأموال التي لا يستطيع أصحابها استثمارها . كما أنها الوسيلة التي تقوم على الاستفادة من خبرات الذين لا يملكون المال.
والمقصود بالمضاربة:عقد بين طرفين أو أكثر يقدم أحدهما المال والأخر يشارك بجهده على أن يتم الاتفاق على نصيب كل طرف من الأطراف بالربح بنسبة معلومة من الإيراد(1).
وهناك عدة أشكال أو صور للمضاربة نذكر منها(2):
المضاربة الخاصة: بمعنى أن المال والعمل مقدمان من شخص واحد.
المضاربة المشتركة: يتعدد فيها أصحاب الأموال وأصحاب العمل.
المضاربة المطلقة : وهي التي لا يقيد فيها صاحب المال المضارب بنوع محدد من الاستثمار أو التجارة وإنما يكون له مطلق الحرية في اختيار النشاط الذي يراه مناسبا.
المضاربة المقيدة: وهي المضاربة التي يلزم فيها صاحب رأس المال المضارب باستخدام الأموال في نشاط أو تجارة معينة من قبله.
شروط المضاربة(3):
1 _ يجب أن يكون رأس المال المضارب به نقدا ومعلوما.
2_ إن المضارب لا يضمن رأس المال المضارب به في حالة الخسارة إلا إذا أثبت صاحب المال أن تقصير المضارب هو السبب وراء هذه الخسارة.
3_ يمكن للمصرف أن يطالب بضمان يقدمه المضارب يحفظ فيه حقه في حالة تقصيره عن تنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها.
4_ يجب أن يتم تحديد نصيب كل طرف من الأرباح كنسبة من الأرباح ولا يجوز أن يكون الربح مقدارا محددا لأنه قد تكون الأرباح المتحققة أقل من ذلك
5_ يجوز الاتفاق على وقت المضاربة ومكانها.
ثانياً : المشاركات
__________
(1) عبد الحميد محمود البعلي ، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي ، واقع والآفاق، ص68.
(2) الحسيني ، فلاح حسن ، الدوري ، مؤيد عبد الرحمين ، (2000)، إدارة البنوك ، مدخل أستراتيجي معاصر، دار وائل للنشر ، عمان ، الأردن ، ص201.
(3) فلاح حسن الحسيني ، مؤيد عبد الرحمن الدوري ، إدارة البنوك ، ص202.
المشاركة هي صورة قريبة من المضاربة والفرق الأساسي بينهما أنه في حالة المضاربة يتم تقديم رأس مال من قبل صاحب المال وحده . أما في حالة المشاركة فإن رأس المال يقدم بين الطرفين ويحدد عقد المشاركة الشروط الخاصة بين الأطراف المختلفة(1) .
وتعرف المشاركة : بأنها عقد بين طرفين يقدم كل منهما مقدارا معلوما من رأس المال ويكون فيه الحق بالتصرف في المال تصرفا كاملا باعتباره شريكا ومالكا له ويتم توزيع الربح حسب ما يتم الاتفاق عليه ببن الطرفين . أما الخسارة فتوزع حسب نسبة المشاركة برأس المال(2) ).
ويمكن أن تقسم المشاركة إلى نوعين رئيسيين :
المشاركة المتناقصة :
تقوم المشاركة بين طرفين أحدهما المصرف وأي طرف أخر سواء كان فردا أم شركة يكون فيها الحق للشريك أن يحل محل المصرف في ملكية المشروع المشترك بينهما وذلك أما دفعة واحدة أو على دفعات . على أن لا يتم دفع نصيب الفرد أو الشركة من الأرباح المتحققة كجزء من استرداد قيمة حصة المصرف أي أن الشريك في النهاية سيتمكن من تملك المشروع بعد أن تمكن من رد التمويل إلى المصرف(3) ).
المشاركة الثابتة :
__________
(1) فلاح حسن الحسيني، مؤيد عبد الرحمن الدوري، إدارة البنوك، ص202.
(2) الحناوي،محمد صالح، عبد السلام سعيد فتاح،(2000)، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية، الدار الجامعة، القاهرة،مصر، ص406.
(3) فلاح حسن الحسيني، إدارة البنوك ، مدخل استراتيجي معاصر، ص202.
قد يأخذ المشروع المعول شكلا قانونيا ثابتا مثل شركة مساهمة أو التوصية البسيطة أو توصية بأسهم أو تضامن حسب صيغة المشروع وحجمه،وهنا يقوم المصرف الإسلامي بتمويل جزء من رأس المال لمشروع معين يجعله شريكا في إدارته والإشراف عليه وشريكا في الربح حسب النسبة المتفق عليها، وتبقى حصة كل شريك من الشركاء ثابتة لحين الانتهاء من مدة المشروع أو الشركة التي حددت في الاتفاق(1).
بعض أنواع الشركات في الفقه الإسلامي
1_ شركات الأملاك
اشتراك شخصين أو أكثر في ملك عين معينة ذات قيمة مالية.
2_ شركات العقود
عقد بين طرفين أو أكثر على الاشتراك في رأس المال والأرباح الناتجة عن استثماره وتقسم شركات العقود إلى:
آ_ شركات العنان : وهي أحد أنواع شركات العقود التي تم الاتفاق فيها بين الأطراف المتشاركة على عدم تصرف أي شريك إلا بإذن صاحبه .
ب _شركة المفاوضة : وهي الشركة التي يتساوى فيها الشركاء في كل شيء .
وتعتبر شركة العنان من أنسب الصيغ الاستثمارية في المصارف الإسلامية مثل المشاركة الدائمة والمشاركة المنتهية بالتمليك(2).
ثالثا: المرابحة
هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة مع ربح معلوم واتفق الفقهاء في المذاهب المختلفة على أمرين بالنسبة للمرابحة( (3).
الأول : بيان الثمن وما يدخل فيه ويلحق فيه .
الثاني : زيادة ربح معلوم على الثمن . ومن شروط المرابحة :
أن يكون ثمن السلعة معلوما.
أن يكون الربح معلوما للبائع والمشتري .
أن يكون المبيع عرضا فلا يصح بيع النقود مرابحة.
أن يكون العقد الأول صحيحا . فلو كان فاسدا لم تجر المرابحة لأنها بيع بالثمن الأول مع زيادة الربح.
__________
(1) شبرا، محمد عمر وآخرون، (1990)، نحو نظام نقدي عادل ، طبعة 2 ، دار البشير للنشر والتوزيع، عمان ، الأردن ، ص44.
(2) حسين محمد سمحان ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص44.
(3) محمد صالح الحناوي ، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية ، ص407.
أنواع البيوع
تصنف البيوع إلى أنواع متعددة هي :
1 ) بيع المقايضة : وهو مبادلة عين بعين بدون نقد وقد كان هذا البيع شائعا قبل استخدام النقود.
2) بيع الصرف: وهو بيع الثمن بالثمن سواء كان الثمن عاجلا أو أجلا ويشمل :
آ _ بيع السلم : ويتم بدفع الثمن مال مع تأجيل تسليم المبيع.
ب_ بيع الأجل : ويتم بتسليم المبيع مالا مع تأجيل دفع الثمن .
ج_ بيع المساومة : ويتم دون معرفة المشتري لتكلفة السلعة على البائع فلا يعرف المشتري مقدار ربح البائع أو خسارته ويجوز هذا البيع إذا لم يكن من البيوع غير المشروعة كبيع المسترسل.
د_ بيوع الأمانة : ويتم فيها البيع بمعرفة المشتري كلفة السلعة على البائع ويتم تحديد الثمن بينهما بناء على ذلك(1) .
رابعاً : بيع السلم
وهو بيع شيء يقبض ثمنه مالا وتأجيل تسليمه إلى فترة قادمة وقد يسمى بيع السلف .
فصاحب رأس المال يحتاج أن يشتري السلعة وصاحب السلعة يحتاج إلى ثمنها مقدما لينفقه سلعته حتى يصفها. وبهذا نجد أن المصرف أو أي تاجر يمكن له أن يقرض المال للمنتجين ويسدد القرض لا بالمال النقدي لأنه سيكون (قرض بالفائدة)، ولكن بمنتجات مما يجعلنا أمام بيع سلم يسمح للمصرف أو للتاجر بربح مشروع ويقوم المصرف بتصريف المنتجات والبضائع التي يحصل عليها وهو بهذا لا يكون تاجر نقد وائتمان بل تاجر حقيقي يعترف الإسلام بمشروعيته وتجارته . وبالتالي يصبح المصرف الإسلامي ليس مجرد مشروع يتسلم الأموال بفائدة لكي يوزعها بفائدة أعلى ولكن يكون له طابع الخاص حيث يحصل على الأموال ليتاجر ويضارب ويساهم بها .
__________
(1) حسين محمد سمحان، ص72.
وهكذا يمكن أن يكون عقد السلم طريقا للتمويل يغني عن القرض بالفائدة . فأصحاب السلع والبضائع يمكنهم أن يحصلوا من المصرف على ثمن بضائعهم مقدما على أن تسلم للمصرف مستقبلا ليتاجر بها كما يمكن للمصرف أن يستخدم بيع السلم في بيع تجارته(1).
مشروعية السلم :
إن المستند الشرعي قوله (صلى الله عليه وسلم) ((من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) ولأن السلم على غير القياس فقد وضع العلماء شروط وقيود تحفظ للسلم إباحته ومنها(2) :
1) بيان الجنس والنوع والصفة في الثمن تجنبا للنزاع .
2) بيان جنس ونوع وصفة المسلم فيه(السلعة)
3) أن يكون المسلم فيه مؤجلا إلى أجل معلوم .
4)أن يكون المسلم موجودا عند حلول الآجل .
5) يشترط في المسلم فيه أن لا يكون من جنس الثمن وأن لا يكون متفقا معه في على ربوية
6)البعض اشترط بأن لا يقل الأجل عن شهر واحد ذلك لأن الشهر أقل مدة يمكن أن تتحقق فيها الفائدة من بيع السلم.
7) يجب أن يكون الثمن معجلاً .
خامساً : الاستصناع
ومعناه طلب الصنعة كأن يطلب من شخص أن يصنع لك حذاء أو حقيبة أو غير ذلك فإن هذا الأمر هو ما يعرف بالاستصناع . وبعض الفقهاء قالوا أنه يجب أن يوضع الاستصناع من حيث محل العقد وصفته ووزنه...... الخ . ويذكر أن الناس تعاملوا بهذا العقد منذ زمن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي استصنع خاتما وقيل أنه استصنع منبرا. ومن فوائد الاستصناع أنه يشجع الإنتاج والعمل وتشغيل الأيدي العاملة ويزيد النشاط الاقتصادي ويؤمن عملية التسويق.
__________
(1) محمد صالح الحناوي ، المؤسسات مالية البورصة والبنوك التجارية ، ص411.
(2) حسين محمد سمحان ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص71.
هذا ويمكن للمصارف الإسلامية الآن الدخول في عمليات الاستصناع، كمثال يمكن لها أن تجعل عقود استصناع عن طريق امتلاكها المصانع والقيام بالتصنيع أو أن تكون صانعا ومستصنعا في نفس الوقت وهو يعرف ب (الاستصناع الموازي) وهذا النوع هو الأكثر ملائمة لعمل المصارف الإسلامية(1) .
شروط الاستصناع (2):
1) أن يكون محل العقد معلوم الجنس والنوع والصفة والقدرة وهذا التحديد الدقيق يجعل الوقوع في النزاع والخلافات بين الصانع والمستصنع في أضيق الحدود.
أن يكون محل العقد مما يجعل فيه التعامل بين الناس استصناعا مثل الأحذية والملابس والأثاث.(2
أن يقدم الصانع مستلزمات الصناعة . (3
سادساً : القرض الحسن
عرفنا أن المصارف الإسلامية لا تمنح المتعاملين معها قرضا بالمعنى الذي تقوم به المصارف التقليدية كما أنها لا تقوم بخصم الكمبيالات كما هو الحال في المصارف التقليدية،وذلك لأنه لا يجوز للمصرف تقاضي أية زيادة عن المبالغ الممنوحة في هذه الحالة فأيما قرض جرمنفعة فهو ربا.
ولكن هناك حالات يكون فيها المتعامل مع المصرف الإسلامي مضطرا للحصول على نقد لأي سبب من الأسباب فقد يحتاج نقودا للعلاج أو للتعليم أو للسفر وغيرها وليس من المعقول أن لا يلبي المصرف الإسلامي حاجة هذا الزبون لسببين هما:
1_ إن مصلحة هذا الزبون مرتبطة بالمصرف الإسلامي فهو يودع نقوده فيه ويشتري منه ويتعامل معه في جميع أموره المجدية مما يعني استفادة المصرف من الزبون.
__________
(1) حسين محمد سمحان،العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص75.
(2) حسين محمد سمحان ، ص75.
2_ أن هناك مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق المصرف وهو مد يد العون والمساعدة للمجتمع الذي يعمل فيه وأهم ما يمكن أن يقحمه لأعضاء هذا المجتمع هنا هو إبعادهم عن الاقتراض بالفائدة لذلك يتم منح أي فرد من أفراد المجتمع المسلم هذا القرض سواء كان زبون المصرف أم لا(1).
مصادر تمويل صندوق القرض الحسن
1_ يتم تمويل صندوق القرض الحسن من أموال المصرف الخاصة .
2_ الأموال المودعة لدى المصرف على سبيل القرض (حسابات الائتمان).
3_ الأموال المودعة من قبل الجمهور في صندوق القرض الحسن التي يفوضون المصرف بإقراضها للناس قرضا حسنا(2).
سابعاً : الاستثمار في الشركات الاستثمارية
تعرف شركات الاستثمار: بأنها شركات متخصصة في بناء وإدارة المحافظ الاستثمارية حيث تقوم هذه الشركات بتلقي الأموال من مستثمرين من مختلف الفئات لتقوم باستثمارها في محافظ (صناديق)وكونه من استثمارات مختلفة،وثم توزيع أرباح وخسائر هذه الاستثمارات على المشاركين مقابل حصول شركة الاستثمار على نسبة من الأرباح . كما هو معروف فإن المصارف الإسلامية لديها فائض سيولة (في بعض الأحيان)لا تستطيع أن تستثمرها لذلك تقوم هذه المصارف بدفع تلك الأموال إلى شركات استثمارية وبشرط أن تكون المحفظة الاستثمارية التي تقوم هذه الشركات بتكوينها لا تحتوي على أصول محرمة شرعا (مثل السندات التي تحمل الفائدة الثابتة) وغيرها من الشروط الشرعية التي تقوم هيئة الرقابة بتحديدها (3).
ثامنا : الاستثمار في الأوراق المالية
__________
(1) حسين محمد سمحان، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)،ص 98.
(2) حسين محمد سمحان ، ص99.
(3) حسن محمد سمحان ، ص92.
تقوم المصارف الإسلامية بالاستثمار في الأوراق المالية عن طريق شراء أسهم شركات يكون نشاطها الأساسي غير مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية وقد أجاز الفقهاء ذلك،فعلى سبيل المثال يجوز للمصرف الإسلامي شراء سهم في مصنع الحديد والسيارات ولكن لا يجوز له شراء أسهم في مصنع للخمور أو في بنوك ربوية.
أما أهداف الاستثمار في الأوراق المالية فهي :
1_ استغلال السيولة المتاحة وعدم إضاعة فرصة استثمارها لتحقيق عوائد وأرباح سواء عند البيع أو عند توزيع الأرباح في نهاية السنة المالية.
2_ تعزيز السيولة خاصة في ظل عدم وجود القرض الأخير فهي سهلة التسييل.
تاسعاً : أساليب أخرى
وتستطيع المصارف استخدام أنماط عديدة من الخدمات الاستثمارية شريطة خلوها من عنصر الفائدة ومن هذه الأنماط(1) ):
تقديم خطابات الضمان .
تقديم الائتمانات المستندية .
البيع بالتقسيط أو البيع بالأجل .
إدارة الحقائب المالية وتأسيس صناديق الاستثمار المشترك وأعمال الوساطة في الأسواق المالية.
أهم صور معاملات المصارف المباحة :
1 _ تحويل النقود من مكان إلى اخر مقابل مبلغ يسير من المال حيث يسلمها للشخص نفسه أو لشخص اخر وما يأخذ المصرف من المال نظير التمويل هو أجرة مشروعة.
2_ إصدار شيكات السفر التي لها قوة النقود لبيعها في أي مكان بنفس المبلغ الذي تتضمنه أو بقيمة من عمله أخرى وفي هذا يسير للتداول وسلامة من محل النقود نفسها.
3_ تحصيل الديون بموجب سندات يضعها الدائنون لدى المصرف ويوقعون عليها بتفويض للمصرف بقبضها مقابل أجر على هذا العمل .
4_ تأجير الخزائن الحديدية لمن يريد الانتفاع بها وذلك من أجل وضع الأموال فيها.
5_ تسهيل التعامل مع الدول الأخرى حيث ينوب المصرف عن المتعاملين في دفع الثمن واستلام وثائق شحن البضائع ....الخ . وفي هذا يوفر المصرف على المتعاملين كثيرا من العناء والمشقات.
__________
(1) فلاح حسن الحسيني، إدارة البنوك ، مدخل استراتيجي معاصر ، ص 207.
وكل هذه المعاملات التي يقوم بها المصرف مقابل أجور يسيرة يتقاضاها تعتبر من نوع خدمات الوكالة يحصل فيها الوكيل (المصرف) على أجره مقابل عمله ولا يخرج عن دائرة الحلال(1).
المبحث الثاني :
الإطار التطبيقي للبحث
اتجاهات الاستثمارات في المصرف العراقي الإسلامي
في العراق يعد المصرف العراقي الإسلامي نواة الصيرفة الإسلامية ولكن هذا المصرف بدء بالعمل ولازال في ظل ظروف اقتصادية معقدة تمثلت في ظروف الحصار الجائر الذي فرض على القطر.
هذا المصرف تضمن مطلبين وهما كما يأتي :
المطلب الاول : نشأة المصرف العراقي الإسلامي _ أهدافه .
المطلب الثاني : تحليل استخدامات الأموال في المصرف العراقي الإسلامي.
المبحث الأول :
نشأة المصرف العراقي الإسلامي _ أهدافه
لقد كانت بداية العمل المصرفي الإسلامي في العراق عندما أصدر مجلس قيادة الثورة قرار رقم (205)لعام (1992) بتأسيس ((شركة المصرف العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية)) حيث يعد المصرف العراقي الإسلامي نواة الصيرفة الإسلامية ولكن هذا المصرف بدأ العمل ولا زال في ظل ظروف اقتصادية معقدة تمثلت في ظروف الحصار الجائر الذي فرض على القطر. وقد بلغ رأس المال المكتتب به عند التأسيس (116) مليون دينار عراقي وبلغت نسبة مساهمة المؤسسين (90%) وتم تسديد (25%) من قيمة الأسهم . ولقد تم فتح أول فرع له في (25/4/1993) في بغداد ومباشرة أعماله ومن ثم باشر بافتتاح فروع متعددة داخل بغداد وعدد من محافظات القطر(2).
أسباب ودوافع إنشاء المصرف العراقي الإسلامي
نستطيع أجمال الأسباب والدوافع التي دعت إلى إنشاء هذا المصرف:
__________
(1) الساهي ، شوقي عبده ، (1984)، المال وطرق استثماره في الإسلام ، الدار الجامعية ، القاهرة ، مصر ، ص218.
(2) التقرير السنوي والميزانية العامة، المصرف العراقي الإسلامي ، (1993).
1_ إثبات الهوية الإسلامية لهذا البلد الإسلامي (1).
2_ محاولة دعم وتعزيز الاقتصاد الوطني وذلك من خلال تحفيز أصحاب رؤوس الأموال الذين يرفضون استثمار أموالهم عن طريق أخذ فوائد ربوية ودفعهم إلى المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني باستثمار أموالهم من خلال هذه المؤسسة بالطرق المشروعة .
3_ قيام هذه المؤسسة جاء مثبتا لإمكان وجود البديل الإسلامي الذي يمكن أصحاب رؤوس الموال المحددة والتي لا تساعدهم على إقامة مشاريع إنتاجية مستقلة من استثمار أموالهم وذلك بإشراكهم في استثمارات هذا المصرف.
أهداف المصرف العراقي الإسلامي وغايته
يهدف المصرف كما جاء في عقد التأسيس إلى المساهمة في النمو الاقتصادي في القطر ضمن السياسة العامة للدولة وخلق أوسع محالات التعاون مع المصارف الأهلية والحكومية ضمن إطار السياسة الاقتصادية والمالية للدولة.
الأعمال والخدمات التي يقوم بها المصرف العراقي الإسلامي
يقوم هذا المصرف بمختلف العمليات المصرفية التي تغطي احتياجات زبائنه في مختلف الاختصاصات المصرفية والخدمية منها والاستثمارية وفيما يلي عرض سريع لأهم النشاطات التي يقوم بها(2):
أولا : الأعمال المصرفية غير الربوية
يمارس هذا المصرف سواء كان لحسابه أو لحساب الغير جميع أوجه النشاطات المصرفية المعهودة أو المتحدثة ويمكن أجمالها بما يأتي :
1_ قبول الودائع النقدية وفتح الحسابات الجارية وفتح الاعتمادات وغيرها.
2_ التعامل بالعملات الأجنبية بيعاً وشراء.
3_ التعامل مع سوق بغداد للأوراق المالية.
4_ إدارة الممتلكات وغيرها.
5_القيام بالدراسات الخاصة لحساب الزبائن .
ثانيا : أعمال التمويل والاستثمار
يقوم المصرف بجميع أعمال التمويل والاستثمار غير أساس الربا وذلك من خلال الوسائل الآتية:
__________
(1) عبد الرزاق رحيم الهيتي ، المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق ، ص665.
(2) التقارير السنوية والميزانية العمومية ، المصرف العراقي الإسلامي ، (1993-1999)
1_ فتح حسابات استثمار مع أموال المصرف للراغبين في الاستثمار في كل ما تجيزه الشريعة الإسلامية.
2_ تأسيس الشركات والاكتتاب في أسهم الشركات والاشتراك مع الغير من أفراد أو شركات أو مؤسسات في أعمال ومشاريع تتفق مع أهداف المصرف.
المبحث الثاني :
تحليل استخدامات الأموال في المصرف العرافي الإسلامي
يؤدي التحليل المالي دورا مهما في تقييم أوضاع وسلامة المؤسسات المصرفية كونه يبرز المنجزات التي يحققها المصرف أو المصارف سنة بعد سنة وكذلك يكشف عن الخلل في أداء هذه المصارف والمصرف العراقي الإسلامي والذي يعد نواة الصيرفة الإسلامية في العراق أحد المصارف الناشئة الذي تعرض للكثير من الإخفاقات خلال سنوات أداءه لنشاطه وهذا الدور يمكن توضيحه من خلال دراسة عددا من المؤشرات المالية التي قد تكشف عن نقاط الضعف أو القوة في هذا المصرف. إذ تشكل استخدامات الأموال في المصرف الإسلامي العراقي في محل ما تجيزه الشريعة الإسلامية من معاملات يما يتفق والشريعة الإسلامية وضمن تعليمات وقوانين البنك المركزي العراقي وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بما يلي:
1_ للمصرف أن يشترك مع غيره من الأفراد أو الشركات أو المؤسسات التي تزاول أعمالا تتفق مع أهدافه أو تعاونه على تحقيق أغراضه في العراق أو خارجه .
2_ للمصرف الإسلامي أن يدخل فيما له مصلحة مباشرة كمساهم أو شريك أو مالك أو بأي صفة أخرى في أي مشروع تجاريا أو صناعيا أو زراعي أو عقاري .
3_ للمصرف الاشتراك في تأسيس الشركات والاكتتاب والمساهمة في أسهم الشركات المساهمة ويمثل استخدامات الأموال في المصرف العراقي الإسلامي على أساس عمل المصرف لتحقيق الأرباح.
الجدول (1)
(الأهمية النسبية ونسب التغير السنوية للاستثمارات في المصرف الإسلامي)
الاهمية النسبية لاستثمارات المصرف الاسلامي وعدد من بنود الميزانية ... نسب التغير لاستثمارات المصرف الاسلامي العراقي وعدد من بنود الميزانية
النقدية% ... الاستثمارات% ... الائتمان النقدي% ... المدينون% ... النقدية% ... الاستثمارات% ... الائتمان النقدي% ... المدينون%
1993 ... 56 ... 21 ... 3 ... 14
1994 ... 43 ... 25 ... 2 ... 25 ... 83 ... 873 ... 513 ... 129
1995 ... 26 ... 63 ... 4 ... 2 ... 50 ... 492 ... 343 ... 76
1996 ... 20 ... 70 ... 0.06 ... 4 ... (47) ... (23) ... (90) ... (48)
1997 ... 23 ... 65 ... 1 ... 7 ... 5 ... (14) ... 76 ... 44
1998 ... 40 ... 50 ... 0.06 ... 6 ... 144 ... 9 ... (25) ... 13
1999 ... 32 ... 58 ... 2 ... 5 ... (17) ... 19 ... 292 ... (9)
Mean ... 34 ... 50 ... 1.7 ... 9
إذ يلاحظ من خلال الجدول رقم (1) بأن الأهمية النسبية النقدية تراوحت بين (20%) حداً أدنى سنة (1993) وهي سنة التأسيس وهذا ما يبرر ارتفاع النسبة لهذه السنة . ويلاحظ أيضا بأن نسب التغير السنوية موجبة ما عدا السنوات 1999و1996.
أما بالنسبة لاستثمارات المصرف العراقي الإسلامي والتي تشمل الاستخدامات المختلفة لهذا المصرف والمتمثلة (بالمضاربة المرابحة المشاركة) والتي لم تظهر كأرقام تفصيلية في الميزانية فقد تراوحت بين (21%) حدا أدنى سنة (1993) و(70%) حدا أعلى سنة (1996) وبمتوسط سنوي (50%) وانجراف معياري (18/219). وهذا أحد أهم الأسباب من وراء تعرض المصرف العراقي إلى الخسائر فقد انخفضت قيمة استثماراته بشكل كبير بعد ارتفاع قيمة الدينار العراقي سنة (1996) بينما بقيت المطلوبات والتزاماته كما هي . وقد كانت نسب التغير السنوية موجبة ماعدا السنوات (1996.1997).
أما فيما يتعلق بالائتمان النقدي فقد تراوحت الأهمية النسبية بين (2%) حد أدنى سنة (1995)و (25%) حد أعلى سنة (1994) وبمتوسط سنوي (9%)وانحراف معياري (7.4)،وهذا الانخفاض قد يكون سببه أن المصرف لا يتعامل بمنح القروض لأنه لا يتعامل بالفائدة . وقد كانت نسبة التغير السنوية موجبة ما عدا السنوات (1998،1996). أما فيما يتعلق بالفقرات الأخرى كالمدينون فيلاحظ بأن أهميتها النسبية كانت ضئيلة جدا.
الاستنتاجات
لقد خلص إلى جملة من النتائج والمقترحات يمكن إبراز أهمها :
1_ تسعى المصارف الإسلامية إلى تحقيق أهداف ذات طابع إنساني واجتماعي إضافة إلى تحقيق هدف الربحية الضروري لبقاء ونمو المصرف وقد أخذت هذه المصارف بالازدياد وبشكل كبير في مختلف أنحاء العالم .
2_ بدء المصرف العراقي الإسلامي في ظل ظروف اقتصادية معقدة وهي لا زالت قائمة لحد الآن وقد أثرت كثيرا على نشاط المصرف.
3_ شكلت الاستثمارات الأهمية النسبية الأكبر لاستخدامات الأموال وهذا ما يثبت فرضية البحث وهو أحد أسباب تعرض لمصرف للخسارة أو الخسائر نتيجة لارتفاع قيمة هذه الاستثمارات وانخفاض قيمها قياسا بالتزامات المصرف .
4_ تشكل السيولة النقدية جانبا مهما لنشاط المصرف إذ تحتل الأهمية النسبية الثانية بعد الاستثمارات.
5_ لم توضح الميزانيات تفاصيل وطبيعة الاستثمارات في المصرف بل كانت بشكل مطلق .
المقترحات
1_ توسيع الأنشطة التي تستند على العمولة المصرفية بدون الاقتراب أو التعامل بالفائدة.
2_ ضرورة أن تكون التقارير أو الميزانيات العمومية للمصرف العراقي الإسلامي موضحة بشكل تفصيلي بحيث تعطي للباحثين والمهتمين صورة أوضح حول نشاط المصرف.
3_ ضرورة تحسين المصرف والدخول في محالات استثمارية أوسع بعد دراستها بشكل علمي حتى لا تنتكرر الإخفاقات التي حدثت سنة (1996).
4_ ضرورة تكثيف الحملات الإعلانية حول نشاط المصرف العراقي الإسلامي لجذب العديد من الزبائن والمنافسة مع بقية المصارف العاملة في العراق.
المصادر والمراجع
الوثائق الرسمية
1_ التقرير السنوي والميزانية العامة في المصرف الإسلامي العراقي 1993_1999.
2_ عقد تأسيس شركة المصرف العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية 1992 .
الكتب
1_ البعلي , عبد الحميد محمود (1990) أساسيات العمل المصرفي الإسلامي : الواقع والآفاق، ط1، القاهرة، مصر .
2_ الحسيني ، فلاح حسن، الدوري، مؤيد عبد الرحمن، (2000)، إدارة البنوك مدخل إستراتيجي معاصر، دار وائل للنشر،عمان، الأردن .
3_ الحناوي، محمد صالح، فتاح، عبد السلام سعيد، (2000)، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية، الدار الجامعة، القاهرة، مصر.
4_ الساهي، شوقي عبده، (1984)، المال وطرق استثماره في الإسلام، القاهرة، مصر .
5_ سمحان، حسن محمد، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، مطابع الشمس ، عمان، الأردن.
6_ شابرا،محمد عمر وآخرون، (1990)،نحو نظام نقدي عادل، ط1، دار البشير
للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
7_ مجيد، ضياء، (1997)، البنوك الإسلامية، الإسكندرية،مصر .
8_ المصنف، جاسم ،محمود، يوسف محمد،(1990)، الاتجاهات الحديثة في محاسبة البنوك، الكويت .
9_ النجار،محمد عبد العزيز، (1970)،بنوك بلا فوائد، المملكة العربية السعودية.
10_ نجيب، نعمة الله وآخرون، (2001)،مقدمة في اقتصاديات النقود والصيرفة والسياسات النقدية، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر .
11_ الهيتي، عبد الرزاق رحيم،(1998)،المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق،
ط1، عمان، الأردن .
Commentaires (1)
- 1. | 28/01/2018
أريد أن أشارك شهادتي حول كيفية أخذ صديق لي إلى المقرض الأصلي، وبعد ذلك كنت قد خدع من قبل بعض الدائنين على شبكة الانترنت. لقد فقدت الأمل تقريبا حتى التقيت هذا الدائن جدير بالثقة اسمه شركة سوزانفستمنت. قدمت سوزان لي قرضا غير مضمون في أقل من 72 ساعة دون ضغط.
كنت مندهشا جدا وسعيدة لتلقي قرض بلدي. وأعدكم بأنني سوف تبادل الأخبار الجيدة بحيث يمكن للناس الحصول على قروض سهلة دون إجهاد. حتى إذا كنت في حاجة الى قرض، والاتصال بهم عن طريق البريد الإلكتروني: (suzaninvestment@gmail.com) لن تكون بخيبة أمل للحصول على قرض إذا كان يستوفي المتطلبات.
يمكنك أيضا الاتصال بي: (Ammisha1213@gmail.com) إذا كنت بحاجة إلى مساعدة أو مزيد من المعلومات